أبدى وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان استعداد بلاده للشراكة مع الدول العربية المعنية بفكرة إنشاء قوة عربية مشتركة.
وقال وزير الدفاع الفرنسي - الذي زار لبنان للمشاركة حفل تسليم الدفعة الأولى من صفقة الأسلحة الفرنسية ضمن الهبة السعودية للبنان اليوم الاثنين – إنه في حال تجسدت غدا الفكرة الممتازة التي تقضي بإنشاء قوة عربية للتدخل والتي تم عرضها خلال قمة الجامعة العربية في شرم الشيخ، ستكون فرنسا طبعا إلى جانب البلدان المعنية، لمرافقتها في إطار منطق الشراكة مع هذه الدول.
وأضاف "كان أيضا خيارنا السير مع إرادة عدد من الدول العربية لبناء قوة دفاعية مستقلة وذلك في خدمة استقلالها، ويفسر هذا الخيار العلاقات القديمة التي تحافظ عليها فرنسا مع بلدان الخليج أو مصر في مجال الدفاع.
وتابع قائلا إن الطائرة الفرنسية "رافال" دليل ليس فقط على الثقة في تكنولوجياتنا، لكن أيضا على مصداقيتنا كبلد مزود وكشريك استراتيجي يعمل في سبيل حوار ندي يجري باستقلالية تامة.
وقال الوزير الفرنسي - في حفل تكريم أقيم له في السفارة الفرنسية في لبنان- إن الجغرافيا والروابط الإنسانية والثقافية والاقتصادية كلها عوامل تسمح لفرنسا بأن تكون حاضرة في المنطقة.
وأضاف أن "قواتنا موجودة اليوم في الإمارات العربية المتحدة وفي جيبوتي بموجب اتفاقيات دفاع موقعة مع هذه البلدان، وهي متواجدة كذلك هنا في لبنان، في إطار اليونيفيل، كما أنها في الأردن ضمن إطار مكافحة داعش، بعد أن شاركت في الجهود الإنسانية دعما لمئات آلاف اللاجئين السوريين الذين توافدوا إلى هذا البلد كما إلى لبنان".
وتابع: "ثمة رابط مباشر بين أمننا، أي أمن فرنسا وأوروبا من جهة، واستقرار منطقتكم وتنميتها من جهة أخرى. فنحن جيران من حيث التاريخ والجغرافيا، وبما أننا جيران، مصير كل منا مرتبط ارتباطا وثيقا بمصير الآخر.
وقال لودريان "لقد أثبتت اعتداءات باريس في شهر يناير الماضي للفرنسيين أن الوضع في اليمن وتنامي القاعدة في شبه الجزيرة العربية في هذا البلد يشكلان خطرا داهما.
وتابع: "نحن نضرب داعش مباشرة في العراق، بطلب من الحكومة العراقية. وقد تم كسر دينامية هذه المجموعة هناك.
وقال لودريان "أما الشق الثاني من استراتيجيتنا في الشرق الأوسط، فيتعلق بإقامة شراكات قوية والحفاظ عليها.
وأضاف "وكما في الأردن أمس، جئت أقول للبنان إنكم لستم لوحدكم. قواتكم المسلحة وقوى الأمن الداخلي، التي تقاتل عدوا وحشيا، يمكنها الاعتماد على فرنسا. وهذا هو معنى برنامج تجهيز القوات المسلحة في بلدكم، الذي قمنا بإعداده بدعم سخي من المملكة العربية السعودية".
ولفت إلى أن "اليمن هو اليوم أفضل مثال يعبر عن هذا الوضع الجيوسياسي: أرادت دول المنطقة، وبمبادرة سعودية، توحيد قواتها من أجل وضع حد للمساعي التي تحظى بدعم من الخارج والهادفة إلى زعزعة الاستقرار، والتي ذهبت ضحيتها الحكومة الشرعية للرئيس هادي.
وقال " حتى ولو لا نتدخل بطريقة مباشرة في اليمن، فنحن نقف إلى جانب من يتحرك في سبيل إعادة بسط الاستقرار في هذا البلد. لن تتساهل فرنسا أبدا مع الذين يريدون مرة أخرى تدمير المؤسسات الشرعية لدولة من أجل تعزيز نفوذهم وتحقيق حلم قوة إقليمية مهيمنة، والعقوبات التي أقرها مجلس الأمم في الأمم المتحدة إنما تشهد على ذلك".
وأردف: "أخيرا، أقول في ملاحظتي الثالثة، إنه ما من نجاح عسكري مستدام من دون مرافقة سياسية. فعلى المصالحة والانتخابات وعودة دولة القانون أن تسمح هنا ببروز مجتمعات مدنية قوية، كونها الحصن المنيع الوحيد في وجه عودة الظلامية.
وقال: "لاحظنا افتقار حس المسئولية في سوريا: وهو يتمثل باستعداد بعض الدول لدعم بشار الأسد في مسعاه لتدمير البلد، وأيضا بالتدخل المباشر عبر إرسال قوات عسكرية على أراض أجنبية للمشاركة في عمليات تستهدف مدنيين، وأيضا من خلال الحفاظ على مناطق نفوذ بدم الآلاف من الأبرياء. بسبب افتقار حس المسؤولية هذا، وجدت الأسرة الدولية نفسها أمام الطريق المسدود.
وقال إنه من خلال العودة الضرورية إلى السياسة أيضا، يجب أن ينحسر التوتر الذي لا يزال يشكله الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. يظل الشعور بالظلم، الناجم عن عدم تحقيق الوعد بإنشاء دولة للفلسطينيين، يسبب التوتر ويشكل مصدر عدم استقرار لكافة المنطقة. والمجموعات الأكثر تطرفا تتغذى اليوم من هذا المصدر. لهذا السبب، تعمل اليوم فرنسا مع أطراف آخرى، من أجل إطلاق مبادرة في الأمم المتحدة تسمح بضمان حل عادل ومتوازن ومستدام للطرفين".
كما تفقد وزير الدفاع الفرنسي اليوم كتيبة بلاده العاملة في اطار قوات الامم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل في بلدة دير كيفا اللبنانية، يرافقه وفد فرنسي رفيع المستوى والسفير الفرنسي في لبنان باتريس باولي .
وأكد وزير الدفاع الفرنسي خلال الزيارة أن أمن لبنان ليس فقط مهما للمنطقة بل ايضا لأوروبا"، مؤكدا "وقوف فرنسا إلى جانب لبنان"، مشددا على "اهمية العمل في مواجهة الارهاب والارهابيين".
واعتبر أن "وجود قوة بلاده في الجنوب في "اليونيفيل " هو رسالة من اجل السلام في المنطقة"، مؤكدا على "الشراكة التاريخية اللبنانية الفرنسية والسعودية".