كتاب "تجديد الفكر الديني في الإسلام"
أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب "تجديد الفكر الديني في الإسلام" للشاعر و المفكر الإسلامي الكبير محمد إقبال ، و ذلك في إطار مشروع ((إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر و العشرين الميلاديين)).
المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته "من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري و العلمي في مختلف مجالات المعرفة، و المساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري"، وذلك كما يوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين في تقديمه لسلسلة إصدارات المشروع، و يضيف سراج الدين "لقد وجدنا أن من أوجب مهماتنا و من أولى مسئولياتنا في مكتبة الإسكندرية أن نسهم في توعية الأجيال الجديدة من الشباب في مصر، وفي غيرها من البلدان العربية و الإسلامية، و غيرهم من الشباب المسلم في البلاد غير الإسلامية بالعطاء الحضاري للعلماء المسلمين في العصر الحديث، خلال القرنين المشار إليهما على وجه التحديد".
محمد إقبال هو شاعر و مفكر عظيم، ولد في مدينة سيالكوت إحدى مدن إقليم البنجاب في الهند (باكستان حالياً)، عام 1294ه-1877م. درس اللغة الفارسية و العربية إلى جانب لغته الأم اللغة الأردية. ثم رحل إلى أوروبا و حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ميونخ في ألمانيا عام 1908م، و حصل على درجات علمية مرموقة في الاقتصاد و الفلسفة و القانون من جامعة كامبردج في لندن. و كان يسعى جاهداً أن ينشر صورة صحيحة عن الإسلام أينما حل في أوروبا، فحاضر كثيراً عن الإسلام و الحضارة الإسلامية، و أشهر تلك المحاضرات هي المحاضرة المتميزة التي ألقاها في روما تلبية لدعوة من الزعيم الإيطالي موسوليني شخصياً، حيث أوضح في هذه المحاضرة الفرق بين كل من الحضارة الغربية و الحضارة الإسلامية، و ذكر الحضور بعظم دور الحضارة الإسلامية التي بقى أثرها واضحاً جلياً في الحضارة الأوروبية الحديثة.
زار محمد إقبال مصر مرتين، الزيارة الأولى كانت و هو في طريقه إلى إنجلترا عام 1905م، والزيارة الثانية كانت بعد حوالي ستة وعشرين عاماً في 1905م، حيث استقبل استقبالاً رسمياً مهيباً، و زار القاهرة و الإسكندرية حيث قام بمقابلة العلماء و الأدباء و رجال الدولة المصريين، و ظل يذكر هذه الزيارة إلى مصر حتى آخر أيامه، كما أنه نظم أشعاراً في مديح مصر.
يُذكر أن الكتاب من ترجمة الدكتور محمد يوسف عدس، و تقديم الدكتورة الشيماء الدمرداش العقالي، الباحثة في الشئون الإسلامية، و الحاصلة على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية و الشرق أوسطية من جامعة إدنبره-المملكة المتحدة، و الدكتوراه في الدراسات الإيرانية من كلية الآداب، جامعة عين شمس.
تقول الدكتورة الشيماء الدمرداش عن محمد إقبال في تقديمها للكتاب "يحتاج الحديث عن الدكتور محمد إقبال إلى اختصاصيين في اللغات الأردية و الفارسية و الإنجليزية، و في الفلسفة و الشعر و السياسة و العقيدة، ليتمكنوا من الإحاطة بجوانب عبقريته، حيث إن إقبال من الشخصيات التي لاقت اهتماماً عظيماً، و كُتب عنها كتابات كثيرة في العصر الحديث، ليس على صعيد العالم الإسلامي فحسب، بل في شتى أروقة الثقافة العالمية".
يُعد كتاب "تجديد الفكر الديني في الإسلام" من أهم الكتب النهضوية التي تهتم بإيقاظ المسلمين من غفوتهم، و تنبيههم إلى عمق دينهم و عظمة حضارتهم. حيث يطرح إقبال في كتابه الثوابت الإسلامية مقارنة بمتغيرات العصر من فلسفات غربية و نظريات شرقية. كما يشتمل الكتاب على سبع محاضرات هامة و قيمة ألقاها إقبال بين عامي 1928-1930م.
جدير بالذكر أن محمد إقبال كان دوماً ما يلتزم في خطابه بوسطية الإسلام التي تنأى عن الإفراط و التفريط، فقد سعى إلى إحياء القيم الإسلامية عن طريق نقد الموروث و اقتباس ما ينفع المسلمين من الحضارة الغربية، بالقدر الذي لا يتعارض مع ثوابتنا و معتقداتنا.