الزعيم منزعج ومتشائم بخصوص استمرارية حكمه، إشاعات كثيرة هذه الأيام تمس بمصداقية الدولة وأركانها، لا بد من إيجاد حل سريع لكي لا يسقط المعبد على من فيه.
وصل المستشار السياسي بسرعة بناءً على طلب فخامته وهو يفكر في طبيعة هذا الأمر المستعجل، فقد مضت عليه فترة طويلة عاش فيها البطالة السياسية، بلد أضحت المعارضة كرتونية والموالاة مجرد جوق تصفيق ورفع أيادي وأشياء أخرى.
- سيدي أنا رهن إشارتك، أمس أرسلنا برقيات لكل الدول التي تعيش أعيادها الوطنية وأبلغتهم حرص فخامتك على تطوير العلاقات الثنائية وإرساء السلم والتنمية المستدامة وطبعا استعدادنا لمواجهة الإرهاب بحكم تجربتنا الكبيرة في هذا الميدان .
- دعنا من مهامك الروتينية، قرأت صحف اليوم و بعض المواقع الإخبارية و شاهدت الكثير من القنوات الفضائية ، هناك إشاعات مختلفة هذه الأيام كلها تحكي عن صراعات داخلية و محاولات انقلابية ، الأمور تفاقمت لا بد منا تخاذ قرارات حاسمة .
- يمكننا أن نوقف بعض الجرائد و نغلق القنوات الفضائية المعارضة .
نهض الزعيم من مكتبه و اقترب من شرفة القصر ثما ستدار لمستشاره السياسي قائلا :
- لا داعي لهذه الأساليب القمعية ، حرية التعبير مكفولة دستوريا و المنظمات الدولية سوف تزعجنا إن قمنا بهذا النوع من الإجراءات .
- أقترح سيدي أن يكون لك ناطقا رسميا يعبر عن آرائك و قراراتك و هكذا لا نعطي أي مجال للإشاعات.
- مع انني أفضل الغموض و التعتيم إلا ان طبيعة المرحلة تتطلب ذالك و لا مفر من واجهة رأي و إن كانت شكلية.
- الناطق الرسمي سيكون مهم جدا في هذه الظروف و هل لديكا سم مقترح لهذا المنصب الجديد سيدي ؟
- ليس لدي شخص بعينه و لكن يجب ان يكون لديه قدرة كبيرة على الكذب و المناورة و المراوغة ، بكل بساطة أريده ان يكون كاذب رسمي بأتم معنى الكلمة .
ظهرت إبتسامة ماكرة على وجه المستشار السياسي او قترب أكثر من فخامة الزعيم ...
-اطمئن سيدي الكذب والمناورة و المراوغة هي صفات متوفرة بكثرة عند كل رجالات الدولة ، بل أجزم أننا سنجد صعوبة في إيجاد صادقا واحدا ، إنهم سيدي عصارة عهدك الذهبي خبراء في الوعود الكاذبة و الأحلام الزائفة و لديهم قدرة كبيرة على الإقناع و التبرير حتى أن بعضهم وجد له وظيفة في هيئة الأمم المتحدة .
- طبعا الأمم المتحدة مجرد أكذوبة كبيرة و مهمة الأمين العام الوحيدة هي الإعراب عن قلقه و انشغاله الدائم ، زمن أصبحت فيه بؤر التوتر مثل إعلان وظيفة شاغرة لفائدة مبعوث أممي خاص .
شعر المستشار السياسي بنوع من الفخر و الزعيم يوافق على أطروحاته المختلفة و خاصة ان المرحلة السياسية الحالية شائكة وكل الاحتمالات واردة ، تأمل فخامته بكل إعجاب و واصل انفراده السياسي الكبير .....
- سيدي سيكون هذا الناطق الرسمي أو الكاذب الرسمي كما جادت به فخامتك بمثابة حاجز منيع أمام كل المحاولات الرامية لزعزة استقرار البلاد ، ستصبح الأكاذيب الرسمية حقائق متداولة يصدقها الجميع .
- إذن سنحارب الإشاعات بالأكاذيب الرسمية و الموثقة و بهذه الطريقة يمكننا ان نحافظ على هذا الوطن وتكون ضربة قاضية لكل الأيادي الأجنبية و عملائها في الداخل ، يجب ان تكون لهذا الناطق ندوة صحفية أسبوعية أمام وسائل الإعلام الوطنية و الدولية و رسالته الأساسية هي الكذب الدائم لمواجهة الإعلام المضلل لأبناء شعبنا العزيز، يعني يجب ان ينطق كل أسبوع سواءا كانت هناك أحداث مهمة أو غير مهمة أو لم تقع أصلا .
ا- طمئن سيدي ، حالا سوف أختار لك بعض الأسماء المناسبة لهذا المنصب الجديد ، و أترك لفخامتك إختيار الأفضل .
- لا أريد أن اسمع أشياء من نوع مصدر مطلع و آخر مأذون و آخر لا يرقى إليه الشك ، يجب ان يكون هذا الناطق مصدرا لكل المعلومات التي نريد للشعب ان يعرفها حسب رؤيتنا الخاصة ، يمكنك المغادرة و أنا بإنتظار الأسماء المرشحة لهذا المنصب .
خرج المستشار السياسي مسرعا للقيام بما هو مطلوب ، في حين كانت تبدو على الزعيم سعادة كبيرة و خاصة ان الكاذب الرسمي سوف يبدأ عمله قريبا .