حصل "الخبر الاقتصادى" على مُستندات وأدلة قانونية، تشير إلى تورط وزير المالية السابق يوسف بطرس غالى، والفقيه القانونى أحمد كمال أبوالمجد، ومفيد شهاب، وزير المجالس النيابية والشئون الدستورية سابقًا وآخرين فى تهمة إهدار المال العام، وتسهيل اختلاسه لرجل الأعمال "وجيه سياج".
ولعب الثلاثى "شهاب، وغالى، وأبوالمجد" دورًا أساسيًا فى منح "سياج" مبلغًا يقدر بنحو 450 مليون جنيه للتصالح معه فى إحدى قضايا التحكيم الدولى كان قد رفعها "سياج" على الحكومة المصرية، رغم أن منح "سياج" هذه الأموال يُعد مخالفًا للقانون نظرا لأنه مدين مفلس والقانون يغل يديه عن الحصول على أي أموال.
فطبقا لنص المادتين (823) و(923) من قانون العقوبات واللتين تجرمان حصول المفلس علي أي أموال، وضرورة تسليم هذه الأموال لقاضى التفليسة لإيداعها ضمن أموال "المفلس" وجيه سياج التى هى بالأساس موقوفة لتصرفات القضاء حتى يحصل الدائنون على حقوقهم.
بناء على ذلك فإن المسئولين السابقين الذين أداروا المفاوضات وصرفوا مبلغ التصالح ومنحه اياه دون تسليمه للقضاء المصرى يعد مخالفة للقانون وسهل على رجل الاعمال اقتناص المبلغ رغم أن البنوك والحكومة يداينانه بنحو مليار جنيه لم يحصلا عليها حتى الآن.
وترجع قضية التحكيم الدولى التى رفعها سياج على الحكومة المصرية إلى سحب قطعة أرض منه كان قد حصل عليها فى طابا، وتم منحها لرجل الأعمال "حسين سالم" صديق الرئيس المخلوع، والمطلوب على ذمة عدد من قضايا الفساد حاليا.
القصة بالتفصيل تعود الى عام 1982 حيث أسس سياج شركة "سياج طابا" وحصل خلالها من الحكومة علي مساحة 650 ألف متر مربع بمنطقة طابا بسعر جنيه ونصف الجنيه للمتر، وذلك لإنشاء منتجع سياحي حدد في مخطط إنشائه إقامة صالة كبري للقمار، وقرر مشاركة شركة سياحية إسرائيلية وهي لومير هولدنج وذلك في عام 1994 وهو ما جعل الحكومة تقرر وقتها سحب الأرض منه بعدها بعام.
ولم تنته المشكلة بقرار الحكومة بسحب الارض حيث استمرت نزاعات قضائية بين الجانبين حتي جاء عام 2001 الذي أصدر فيه ممدوح البلتاجي وزير السياحة قرارا بفسخ العقد مع وجيه سياج بشكل نهائي لأنه خالف البند العاشر من عقده الذي ينص علي عدم التصرف في كل أو جزء من الأرض إلا بموافقة هيئة التنمية السياحية، كما خالف القانون المصري رقم 11 لسنة 1945 الذي يقصر تملك العقارات بأي طريق في مناطق الحدود المصرية علي المصريين حفاظا علي الأمن القومي.
وبعدها أقام سياج دعوي أمام مركز التحكيم الدولي "إكسيد" التابع للبنك الدولي، ليطالب الحكومة بتعويض عن سحبها أرض طابا وقد حصل على حكم بتعويض كبير الا أن الحكومة توصلت معه الى صلح قضى بحصوله على نحو 450 مليون جنيه.
وتكمن المشكلة القانونية التى نتجت عن إتمام هذا الصلح، أن رجل الاعمال "سياج" كان مدينا مفلسا "بحكم قضائي" منذ سنوات.
وتحظر محكمة الافلاس منحه أي أموال تحت يديه، باعتبار أن ذلك يعد مساعدة على اختلاسه لهذه الأموال.
مفاوضات التصالح التى أفضت الى حصول سياج على 450 مليون جنيه من الدولة المصرية، أدارها الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية سابقا، بمشاركة الفقيه القانونى الدكتور كمال أبو المجد المحامي – المرشح بقوة لتولى رئاسة اللجنة التى ستتولى إعداد الوثيقة الحاكمة للمبادئ التى ستحكم الدستور الجديد فى مصر ما بعد الثورة -.
وصرح الدكتور مفيد شهاب فى أعقاب منح رجل الاعمال لمبلغ – التصالح - بأن التسوية قد تمت بعد مفاوضات بدأتها الحكومة قبل صدور حكم مركز التحكيم، ثم تواصلت بعد صدوره لتغلق ملف منازعات استمرت 13 عاما أمام جهات تقاضٍ مصرية وأجنبية ومركز التحكيم الدولي، لكنه لم يذكر أن هناك مخالفة للقانون بمنح سياج مبلغ الصلح.
الجدير بالذكر أنه قد تم اشهار افلاس وجيه سياج منذ سنوات نظرا لتهربه من دفع 32 ألفا قيمة "لحوم" و"دواجن" و"روزبيف" حصل عليها من شركة الحرمين للتجارة، وكانت هذه المديونية هى القشة التى قسمت ظهر البعير حيث كانت السبب في أن يتم إشهار إفلاس وجيه سياج، حيث توجه صاحب الشركة ومديرها ويدعي عبدالرحمن سيد يوسف برفع دعوي حملت رقم 3621 لسنة 511 قضائية لإشهار إفلاس سياج حتي يحصل علي مستحقاته التي يرفض وجيه دفعها وبناء علي هذه الدعوي أصدرت محكمة استئناف القاهرة الدائرة "26 تجاري" برئاسة القاضي برهان توحيد أمر الله رئيس المحكمة حكمًا بإشهار إفلاس "سياج".
وعلي أثر الحكم بإشهار إفلاس سياج سارعت البنوك والجهات الدائنة لسياج للتداخل في التفليسة حتي تحصل علي حقوقها هي الأخري، وتداخل في التفليسة "البنك العربي الأفريقي" و"بنك التنمية الصناعية والعمال" و"البنك العقاري العربي" و"بنك كريدي أجريكول" و"بنك مصر" و"ضرائب الهرم"، إضافة إلي "ميناء القاهرة الجوي" الذي تهرب سياج من سداد مستحقاته التي تبلغ 54 ألفا، بموجب 5 شيكات، ولتبلغ بذلك قيمة المديونيات التي تطارد سياج حوالي المليار جنيه.
الغريب فى الأمر ان قيمة التعويض التى حصل عليها "سياج" تم اقتطاعها من الخزانة العامة للدولة بموافقة وزارة المالية فى الوقت الذى طالبته الوزارة أمام القضاء بـ 54 مليون جنيه كضرائب عامة ومبيعات تهرب من دفعها، وهو الأمر الذى يجعلنا ندور فى حلقة مفرغة، كيف يوافق بطرس غالى على صرف المبلغ وبالوزارة قانونيون ومستشارون يعرفون أن ذلك يخالف القانون، ويعلمون أيضا أن ذلك سيعطل حصول مؤسسات الدولة وأجهزة الوزارة نفسها من استرداد حقوقها فيما يتعلق بالضرائب.
وتقدم بنك التنمية الصناعية والعمال وهو أحد الدائنين لرجل الاعمال سياج ببلاغ للنائب العام نهاية العام الماضى، يتهم فيه رجل الاعمال باختلاس أموال التفليسة وهو الجرم الذي يعتبره قانون العقوبات جناية تستوجب السجن لمدة تصل إلي 5 سنوات، الا ان البلاغ تجاهل المسئولين عن تسهيل ذلك الاختلاس، خشية المؤسسات الحكومية من الدخول فى صراع مع مسئولين كبار فى الدولة.
ويعتبر بنك التنمية الصناعية والعمال من أهم الدائنين لرجل الأعمال المتهرب من دفع أموال البنوك، إضافة إلى البنك العربي الأفريقي الدولي وهما دائنان مُرتهنان لفندق "سياج" بالهرم.
* صور ضوئية من الديون المحققة قضائيا على سياج وحكم الافلاس
_
|