لم تمر الاحتجاجات التي اتسعت رقعتها في الدول العربية على إسرائيل مرور الكرام، إذ أخذ الشعب الإسرائيلي محاكاتها والاستفادة منها في تحقيق مصالحه.
فقد اصطفت الخيام وسط تل أبيب في أحد أكثر الميادين أناقة، تلك الخيام التي تنتمي لمعتصمين جاءوا ليعبروا عن احتجاجهم على ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية وصعود أسعار العقارات، وتألفت فئات المعتصمين من العاطلين عن العمل والنخبة من الفنانين في البلاد، حيث علّقوا لافتات كُتب عليها "المكان الوحيد الذي بقي في الحياة هو المقبرة"، كما حددوا مواقع لأغراض الطهي أو الحصول على اتصال بالإنترنت.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تل أبيب وبقية المدن الإسرائيلية تأثرت بالاحتجاجات التي يحركها موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيس بوك Facebook" والتي غالبًا ما تكون لها عواقب سياسية وخيمة.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنه لم تمض 6 أشهر على ثورة يناير التي اشتعلت جذوتها في ميدان التحرير، إلا وكانت إسرائيل متأثرة بتلك التجربة، وإن اختلفت الدوافع والنتائج المرجوة، إذ إن الوضع في إسرائيل مختلف، حيث بدأت الخيام في الظهور بالمناطق الحضرية منذ 10 أيام، ويواصل المعتصمون دعوة غيرهم لمواصلة الاعتصام في جميع أنحاء البلاد، والديمقراطية ليست الهدف المنشود، وإنما هي محنة المستهلكين، بعد ما شهدت أسعار السلع والغذاء والسكن ارتفاعات على غير رغبة الاسرائيليين.
والتحق أكثر من 100 ألف اسرائيلى بمجموعة على الـ"فيس بوك" تدعو إلى مقاطعة منتجات الألبان التى وصل سعرها إلى 8 شيكل (حوالى 2.33 دولار) لربع الكيلو، بعد أن كانت أسعارها 4.91 شيكل فى 2006، لترتفع بعد أن تم رفع الاشراف الحكومى على الأسعار.
ودفعت الانتقادات العلنية وزير الداخلية، ايلى يشاى، الشهر الماضي لطلب اجراء تحقيق لتحديد الأسعار، وجعلت وزير المالية، يوفال شتاينتز، يهدد بالسماح بتدفق أكبر لواردات منتجات الألبان من الخارج، حتى يتوافر معروض أكثر، ما يحد من تلك الممارسات الاحتكارية.
وذكرت كارميلشاما هكوهين، التى ترأس اللجنة الاقتصادية فى البرلمان الاسرائيلى لاذاعة الجيش الاسرائيلى، أن كل أم وأب يشتريان الجبن ويدفعان أكثر بكثير من سعره فى أى مكان آخر بالعالم، مشيرةً إلى أن تلك تعد إشارة واضحة جدًا بالنسبة للحكومة.
وتشير بيانات وكالة بلومبرج، إلى أن الاسرائيليين يأكلون جبنًا بقيمة 1.5 مليار شيكل (بما يعادل حوالى 440 مليون دولار) سنويًا، فى الوقت الذى تتسم فيه الصناعة ببعض الممارسات الاحتكارية.
وهنا تبدو المفارقة، فعلى الرغم من أن العرب جيران إسرائيل كان يُنظر إليهم في الأخيرة على اعتبار أنهم مصدر للمشاكل في البلاد تاريخيًا، إلا أن البعض الآن يعتبرهم مصدر إلهام.
|