أكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة أن العلاقات المصرية السعودية تمثل رمانة الميزان لاستقرار الوطن العربي سياسياً واقتصادياً ، لافتاً إلى ان زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تأتى تجسيداً للروابط الوثيقة التى تربط شعبا البلدين وتمهد لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق أرحب .
وقال أن هذه الزيارة التاريخية والفعاليات المصاحبة لها تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين كما تمثل قوة دفع هائلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة خاصة في ظل التحديات الإقليمية والعالمية التي تحتم السعي نحو مزيد من التكامل والاندماج الاقتصادي لتحقيق المنفعة المشتركة لكلا الدولتين ، مشيراً فى هذا الصدد إلى أهمية الدور الذى يلعبه رجال القطاع الخاص فى الجانبين لتحقيق التنمية المنشودة من خلال الشراكة والاستثمار في مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على البلدين، وتحفز النمو الحقيقي لاقتصادهما ، وتوفر المزيد من فرص العمل، وهو ما يلقى بمسئولية كبيرة على الحكومتين لتوفير سبل توطيد وتطوير مثل هذه الشراكة وتمهيد الطريق لها وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية.
جاء ذلك فى سياق كلمة الوزير خلال افتتاحه والدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير الصناعة والتجارة السعودي لفعاليات منتدي فرص الاعمال المصري السعودي والذى يعقد تحت عنوان " نحو شراكة استراتيجية مستدامة " ، وقد شارك فى الجلسة الإفتتاحية للمنتدى كل من المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي وزير الزراعة السعودي ونظيره المصرى الدكتور عصام فايد إلى جانب داليا خورشيد وزيرة الاستثمار والدكتور هاشم عبد الله يماني رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والشيخ صالح كامل رئيس مجلس الأعمال المصري السعودي و أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية هذا فضلا عن رؤساء وممثلين لكبريات الشركات السعودية والمصرية .
وقال قابيل ان الحكومة المصرية حرصت خلال الفترة الماضية على تطبيق خارطة طريق اقتصادية تضمنت مزيجا من الخطوات العاجلة والإصلاحات الهيكلية الضرورية شملت إصلاحات في السياسة المالية والضريبية وترشيد الدعم وإصدار تشريعات جديدة لجذب الاستثمار والبدء في تنفيذ مخطط قومي للتنمية العمرانية وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة التي تعتبر قاطرة لإنعاش الاقتصاد المصري ولعل أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة ، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وإنشاء أكثر من 5000كم من الطرق وبناء العديد من محطات الطاقة وتوسيع 3 موانئ وبناء 3 موانئ أخرى وبناء 3 مدن جديدة بما فيها العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع مدينة دمياط للأثاث ومشروع المثلث الذهبي ومشروع المدينة الصناعية للجلود الروبيكي .
وأشار الوزير إلى ان الاقتصاد المصري واجه خلال السنوات الخمس الماضية تحديات ومصاعب كثيرة تطلبت اتخاذ خطوات جادة نحو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري عن طريق تطبيق إصلاحاتٍ تتسم بالشمولية والجدية وهو ما أسفر عن تحقيق بعض النتائج الإيجابية حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.2%، وتستهدف الحكومة الوصول بمعدل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 6% مع نهاية العام المالي 2018-2019، والعمل على تخفيض العجز المالي إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وحول الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه التحديات أوضح قابيل ان الحكومة قامت بإتخاذ بعض الاجراءات الاصلاحية لتسيير مناخ الأعمال بما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية شملت موافقة مجلس الوزراء على إصدار قانون ضريبة القيمة المضافة (VAT) الذي سيعود بآثار إيجابية على بيئة الأعمال في مصر، وتحسين الإيرادات الضريبية ودمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي كما يجرى إنشاء شبكة إيجي تريد (EgyTrade) لتسهيل إجراءات التجارة وربط كافة الهيئات والأجهزة الحكومية المعنية بالتجارة إلكترونيا، مثل الموانئ والجمارك والرقابة على الصادرات والواردات وتعديل قانون المناقصات والمزايدات المصري ليراعي اعتبارات الجودة والتنافسية و إجراءات الشفافية وتقليل الاعتماد المطلق على عنصر الأسعار.
وأضاف أن الإجراءات شملت أيضاً العمل على حل مشكلات تخصيص وتسعير الأراضي الصناعية، من خلال طرح أراضي صناعية جديدة في مدن عديدة مثل قويسنا، المنيا، العاشر من رمضان، بدر، الفيوم والعمل على إصدار مشروع قانون لتسهيل إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية ومنع التضارب والتداخل بين مختلف أجهزة الدولة، بحيث تستغرق إجراءات استخراج الرخصة 30 يوماً فقط، والاكتفاء بالإخطار للصناعات التي لا تحتاج موافقة مسبقة ، كما تعمل الحكومة حالياً على مسودة جديدة لقانون العمل يعيد تعريف حقوق وواجبات العمال وأصحاب العمل بما يضمن الكفاءة في الأداء وحسن الإدارة ووضع خطة لدمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي من خلال تقديم العديد من الحوافز المالية والتشريعية مع مراعاة الدروس المستفادة من البرامج السابقة ، هذا فضلا عن موافقة مجلس الوزراء على اجراء تعديلات فى قانون سجل المستوردين والذي من شأنه السماح للأجانب بالإستيراد المباشر.
وأشار قابيل إلى أنه فى ظل المتغيرات التى يشهدها الإقتصاد العالمى فإن مصر بما تملكه من مقومات وامكانات تعد أحد أهم مقاصد الإستثمار اقليمياً ودولياً فالمستثمر الجاد يسعى لأرض صلبة، وإستثمارات آمنة، وهذا ما يتوافر فى مصر حيث توجد فرص إستثمارية واعدة فى التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والبنية التحتية والعقارية، كما تتوافر إرادة حكومية ميسرة لمناخ الإستثمار،وداعمة للمستثمر الجاد، حالة لمشاكله، وتسعى جاهدة لمنعها بإصلاحات إدارية وتشريعية مستمرة ، هذا فضلا عن تحول ديموقراطى داعم للاستقرار بعد الانتهاء من خارطة الطريق السياسية واستكمال مؤسسات الدولة الحديثة .
ولفت الوزير إلى أن الحكومة قد بدأت تلمس نتائج إيجابية للجهد الذي بذلته خلال الفترة الماضية على مختلف مؤشرات الأداء الاقتصادي من خلال نشاط البورصة المصرية وحدوث زيادة ملحوظة في معدلات الاستثمار الأجنبي والذى بلغ خلال العام المالي 2014/2015 ما قيمته 6.4 مليار دولار وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في استعادة الاقتصاد المصري لاستقراره ونشاطه، فضلا عن تحسن تصنيف الاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية ورفع المؤسسات المالية لتوقعاتها بشـــــأن معــدلات النـــــمو المســــتقبلية في مصر.
وأوضح ان استراتيجية وزارة التجارة والصناعة تستهدف تعميق الصناعة المحلية وتنميتها بمعدل 8% سنوياً، لتصل نسبة مساهمة الصناعة إلى 22 % من إجمالى الناتج القومى وبما يسهم فى توفير 3 ملايين فرصة عمل ، هذا فضلا عن المساهمة في تحقيق تكليفات الرئيس للحكومة والتي تتضمن زيادة الناتج القومي بمعدل 1.5% سنوياً إلى جانب تقليل كل من معدلات البطالة وعجز الموازنة بنسبة 1.5% سنوياً.
ودعا قابيل قطاع الأعمال السعودي لضخ المزيد من الاستثمارات في السوق المصري والاستفادة من الفرص المتاحة خاصة فى ظل موقع مصر المتميز والذى جعلها مركزاً للتصنيع من أجل التصدير الى اكثر من 1,6 مليار مستهلك فى مناطق التجارة الحرة التى انضمت اليها مصر بدون جمارك او حصص متضمنة الوطن العربى، ودول الاتحاد الأوروبى، والافتا، والكوميسا، والولايات المتحدة الامريكية وتركيا، وقريبا الميركوسير والاتحاد الاورواسيوى، لافتاً إلى توافر فرص استثمار واعدة فى العديد من المجالات منها الصناعات الغذائية، ومواد البناء والتشييد، وصناعة الأثاث، والصناعات الدوائية والبتروكيماويات، واستصلاح الاراضي، ومشروعات الطاقة بالإضافة الى امكانيه التعاون المشترك فى أسواق دول ثالثة خاصة في قطاع البناء والتشييد.
وأشار الى ان اقامة جسر الملك سلمان والذى يعد من أهم الجسور البرية التى ستربط السعودية بمصر عبر البحر الأحمر سيسهم فى دعم تدفق وانسياب حركة التجارة والاستثمارات بين البلدين وكذا سيسهل من الوصول الى اسواق اخرى عبر البلدين وهو الأمر الذى سينعكس ايجابا على تنمية التجارة بين مختلف الدول العربية والاجنبية
كما أشاد قابيل بجهود رجال الأعمال في البلدين لبناء تعاون اقتصادي مثمر، فضلا عن الإشادة بالجهود المبذولة من قبل منظمات الأعمال في البلدين لدعم العلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين ولعل تنظيم هذا المنتدى خير دليل علي ذلك لاستكمال الجهود المبذولة لتعريف رجال الأعمال من الجانبين بفرص التعاون المتاحة ،مؤكداً علي أن التواصل المستمر بين حكومتي البلدين ورواد الأعمال سيكون الضمان الأكيد والعامل الرئيسي لتوثيق الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين بما يؤدى لتحقيق المنفعة المشتركة المنشودة.
وحول العلاقات التجارية بين مصر والسعودية أوضح الوزير أن العلاقات المشتركة شهدت تطوراً سريعا خلال الفترة الأخيرة حيث انعكست جهود التنسيق والتشاور المستمر بين حكومتي البلدين بصورة إيجابية على حركة التجارة البينية وهو ما أدي إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري في عام 2015 إلى ما قيمته 6.3مليار دولار أمريكي مقابل 5.3 مليار دولار في عام 2013 ، كما بلغت الاستثمارات السعودية في مصر نحو 6 مليار دولار في أكثر من 3400 مشروع استثماري، بينما بلغت الاستثمارات المصرية في المملكة حوالي 2.5 مليار دولار في أكثر من 1300 مشروعاً استثمارياً برأس مال مصري ، لافتاً إلى أهمية بذل المزيد من الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي بين أكبر بلدين في الوطن العربي حيث تمثل الصادرات المصرية حوالي 1% من اجمالى الواردات السعودية وتمثل الصادرات السعودية حوالي 5% من اجمالى الواردات المصرية .