أكد الدكتور ناصر السعيدي، مؤسس ورئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه، وعضو المجموعة الاستشارية الإقليمية بصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن دولة الامارات تمتلك مقومات فريدة للتنوع الاقتصادي، وتتميز بانفتاحها على العالم، وتتبنى سياسة التأقلم والتغيير مع المستجدات على الساحة الدولية.
وأوضح السعيدي، خلال كلمته الافتتاحية لفعاليات اليوم الثاني والأخير من منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر 2016، التي حملت عنوان "الإمارات – الآفاق والتحديات لنموذج التنمية الاقتصادية غير النفطية"، وحاورته فيها كورتني فينغار، رئيس تحرير مجلة الاستثمار الاجنبي المباشر التابعة لمجموعة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن اتخاذ دولة الامارات قرار تقليص الاعتماد على النفط في فترة هبوط أسعاره كان قراراً حكيماً، يعكس إدراكها لمسألة التركيز على تنويع مصادر دخل قومية جديدة، مثل التجارة وعائدات التصدير، وغيرها.
ولفت إلى أنه في ظل سعي حكومة الإمارات إلى ضبط السياسة المالية والبحث عن موارد جديدة للدخل، اتجهت إلى ترشيد الإنفاق الحكومي، وسعت إلى خفض الدعم على المنتجات، كما أعلنت عزمها تطبيق ضريبة القيمة المضافة مطلع 2018.
وأكد أن هناك مزيداً من خصخصة المشاريع العامة، وتحويلاً للخريجين إلى القطاع الخاص، الأمر الذي يحتم فرض نموذج جديد للعمل الاقتصادي ومصادر الدخل المتنوعة.
وتطرق السعيدي إلى العوامل الأساسية التي تحدد توجهات الإمارات الاستثمارية مستقبلاً، فقال: "يأتي في مقدمة هذه العوامل، العامل الديمغرافي، إذ إن نمو شريحة الشباب والخريجين يعني توجيههم للعمل في قطاعات أخرى خارج العمل الحكومي، مثل التجزئة والضيافة وغيرها من القطاعات الداعمة، التي تحرك المشاريع الاستثمارية".
وأضاف: "العامل الثاني هو الاستثمار في مصادر الدخل، فالإمارات تقع في مراتب عالمية متقدمة نتيجة استثمارها في مشاريع البنية التحتية، الأمر الذي يجب معه فتح المطارات والموانئ أمام بضائع وسلع دول العالم، وهذا ما نجحت فيه الدولة باقتدار، حيث تستخدم الصين موانئ الإمارات لمرور بضائعها إلى دول أخرى مثل أفريقيا؛ في حين يتلخص العامل الثالث باستغلال علوم الفضاء على المستوى التجاري، كون الدولة باشرت بمشروعات فضائية متنوعة".
وأفاد بأن "مستقبل الإمارات في الاستثمارات الجديدة يجب أن يركز على مشاريع الطاقة المتجددة والتفكير بالدخول في تكنولوجيا (النانو)"، لافتاً إلى أن الإمارات استطاعت طوال الأعوام الـ 25 المنصرمة تحقيق نقلة نوعية في اقتصادها.
وأكد على ضرورة التفكير بالمستقبل من خلال تمكين جيل الشباب من الابتكار والمعرفة، والسماح بإقامة الخبراء الذين يتم استقدامهم بعقود سنوية تمتد إلى أعوام طويلة، وإطلاق برامج حكومية على المستوى الاتحادي، وتعزيز التشريعات الكفيلة بتسهيل الاستثمارات وحمايتها، والتي كان آخرها قانون الإفلاس الذي تم إقراره أخيراً، الأمر الذي يزيل الخوف عن المستثمرين الأجانب، إضافة إلى ضرورة وجود قوانين تحكم التقاعد للمستثمرين الأجانب والضمان الاجتماعي، لا أن تقتصر على المواطنين".
ودعا السعيدي إلى دمج المناطق الحرة المنتشرة في إمارات الدولة، لما لها من دور في تشجيع الاستثمارات في الإمارات كافة، بالإضافة إلى ضرورة تطوير مزيد من المعاهدات التجارية الحرة للمساعدة في تنمية السوق.
وتوجه بتقديم نصائح لإمارة الشارقة، أهمها: ضرورة الاستمرار في تطوير المنظومة التعليمية وبذل مزيد من الجهود في هذا الجانب، إذ تحتاج الشارقة لافتتاح المزيد من المختبرات والبحوث حتى تصبح مركزاً للعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى دمج المناطق الحرة في الإمارة، وإنشاء شبكات وطنية متخصصة بالنقل والكهرباء والطرق وغيرها.
وكانت فعاليات النسخة الثانية من منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر 2016، الذي تنظمه كل من هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) و"فاينانشال تايمز" البريطانية، ومجلة الاستثمار الأجنبي المباشر، انطلقت الأربعاء الماضي، في قاعة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، واختتمت أعمالها أمس (الخميس)، بمشاركة واسعة لنخبة من صناع القرار والمسؤولين والخبراء الاقتصاديين.
|