مجموعة العشرين تفشل فى معالجة اختلالات الحساب الجارى وأزمة أسواق الصرف

 

رغم حالة الجدل التى شهدتها اجتماعات دول مجموعة العشرين حول المقترحات الأمريكية الخاصة بتوازن معاملات الحساب الجارى للدول واستقرار أسواق الصرف العالمية بعد التقلبات التى شهدتها مؤخرًا، فإنه لم يتم التوصل لنتائج محددة تخص هذين البندين، بينما أسفرت الاجتماعات عن تغيير قوى بهيكل النفوذ بصندوق النقد الدولى بعد إعطاء الدول الناشئة فرصة أكبر.


وقرر وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة العشرين، أمس السبت، إعطاء الدول الناشئة نفوذًا أكبر فى صندوق النقد الدولي، ومواجهة أزمة العُملة التى أرّقت الاقتصاد العالمى عن طريق معالجة الاختلالات الكبرى فى التجارة.


وتعهد الوزراء، بعد يومين من الاجتماعات، بخلق تعافٍ متوازن ومستدام بعد التدهور الاقتصادى الذى بدأ فى عام 2008، رغم وصفهم فى البيان الختامى التعافى بـ "الهش وغير المستقيم"، وأن أداء الاقتصادات الناشئة أفضل من المتقدمة.


وأظهر الاتفاق على إعادة تشكيل حوكمة صندوق النقد الدولى الأهمية الكبرى للدول سريعة النمو مثل تركيا والبرازيل والصين الذين لا يحظون بتمثيل قوى داخل الصندوق.


كما وافق وزراء مالية دول مجموعة العشرين على نقل اثنين من تسعة مقاعد أوروبية بالمقاعد الـ 24 للمجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى إلى الاقتصادات الناشئة، كما أن نحو 6% من حصص التصويت والتمويل بالصندوق ستنتقل من الدول المتقدمة للناشئة.


وبموجب هذا الاتفاق ستصبح الصين ثالث أكبر عضو بالصندوق، بعد ما كانت فى المركز السادس ولتتجاوز ثلاثة قوى تقليدية هى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.


من جانبه، قال دومينيك ستراوس خان، مدير صندوق النقد الدولى للصحفيين: إن ذلك الأمر يمثل أكبر إصلاح حدث على الإطلاق فى حوكمة الصندوق, لافتًا إلى أن هذه التغييرات تتطلب تصديق المجلس التنفيذى للصندوق وستستغرق نحو عام لكى يتم تنفيذها، فيما أكدت مجموعة العشرين أن الاتفاق سيجعل الصندوق "اكثر مصداقية".


وقال وزير المالية الهندى براناب موكيرجى إن إصلاح صندوق النقد الدولى الذى سيشمل زيادة حقوق التصويت ومقاعد لأسواق ناشئة سيبدأ فى 2013، موضحًا أن الهند ستصبح ثامن أكبر عضو بالصندوق وستزيد حصتها من حقوق التصويت إلى 2.75%, وفقا لوكالة "رويترز".


رفض المقترحات الأمريكية لتوازن "الحساب الجارى".. والمجموعة تتعهد بنظام صرف تُحدده السوق


وركزت مجموعة العشرين فى اجتماعها أيضًا على مناقشة التطور الحادث بأسواق الصرف حيث تعهدوا فى بيانهم بالتحرك باتجاه نظام أسعار صرف تحدده السوق والابتعاد عن التسابق فى خفض قيمة العملة.


وأوضحت، فى بيان لها، أن الاقتصادات المتقدمة ستكون حذرة بشأن السيولة الزائدة والتحركات غير المنتظمة والعشوائية فى أسواق الصرف، وأن هذه الخطوات من شأنها المساعدة فى تخفيف مخاطر السيولة زائدة التدفقات الرأسمالية التى تواجه بعض الأسواق الناشئة.


ولم تنجح الجهود الامريكية فى حث الصين على السماح لعملتها "اليوان" بالارتفاع خلال الاجتماعات، بينما خافت دول أخرى من هذا الاتجاه الامريكى اذا ما تم تطبيقه عالميا مما قد يعوق اقتصاداتهم.


وقال وزير مالية كوريا الجنوبية "يوون جينج هيون" الذى رأس اجتماعات مجموعة العشرين إن كلا من صندوق النقد الدولى وقضايا العملة كانت صعبة بسبب تنافس مصالح الدول.


من جهة أخرى اتفقت المجموعة على اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتقليل الاختلالات فى ميزان الحساب الجاري، وتمت دعوة صندوق النقد إلى تقييم تقدم الدول باتجاه استدامة واتساق سياستهم المالية والنقدية وسياسات أسعار الصرف وأخرى، لكنهم لم يستطعوا التوصل الى توجهات واهداف محددة .


وأعرب المسئولون الامريكيون عن أملهم بالتوصل الى شئ فى هذا الشأن قبل اجتماع قمة مجموعة العشرين فى سيول الشهر المقبل.


وقال تيموثى جيثنر، وزير الخزانة الامريكى: إن الدول التى لديها فوائض او عجز فى الحساب الجارى سواء كانت من الدول المتقدمة او الناشئة جميعها لديها مسئولية للعب دور والاسهام لجعل النمو الاقتصادى اكثر قوة واستدامة.


وذكرت صحيفة وول ستريت الامريكية ان الحساب الجارى يعتبر اوسع مقياس للتوازن التجارى والاستثمارى للدول التى يساورها القلق ازاء الزام نفسها باهداف محددة بسبب التأثيرات على قيمة عملاتها.


وبالنسبة للولايات المتحدة لكى تخفض العجز القياسى بحسابها الجارى ينبغى عليها ان تقلل وارداتها وتزيد صادراتها ويعد ضعف الدولار طريقة مهمة لتنفيذ هذا الهدف حيث يجعل السلع المستوردة أكثر سعرًا ويجعل المنتجات الامريكية جاذبة بشكل اكبر للاجانب.


أما بالنسبة للدول التى لديها فوئض بالحساب الجارى فإن اعادة توازن الاقتصاد العالمى تعنى القيام بالعكس أى الاعتماد بشكل اقل على الصادرات للنمو والتركيز على الطلب المحلى ومن أجل حدوث ذلك، فإن عملاتها قد ترتفع بشكل اكبر امام الدولار وقد ادى ذلك الى القلق فى الدول التى تحقق فوائض ومنها كوريا الجنوبية واليابان الذين يساورهما الخوف من ارتفاع عملاتهما بشكل كبير مما يهدد بالخطر على صادراتهما ومن ثم نموهما الاقتصادي.


ويرى خبراء الاقتصاد ان الدول التى تحظى بفائض كبير فى الحساب الجارى مثل الصين تقوم بالحفاظ على عملتها من الارتفاع وبذلك تجعل صادراتها أرخص للمستهلكين على حساب المنتجين فى الدول الاخرى.


وفى اقتراح مبدئى من جانب الولايات المتحدة, قال جيثنر لمجموعة العشرين ان الدول ينبغى ان تقلل الاختلالات فى الحساب الجارى بشكل اقل من نسبة محددة من اجمالى الناتج المحلى على مدار السنوات القليلة المقبلة ، ورغم أن جيثنر لم يشر الى رقم محدد فإن رئيس المالية اليابانى "يوشيهيكو نودا" وآخرين قالوا ان الولايات المتحدة تدفع بحد 4% لا  تتجاوزه الفوائض فى الحساب الجاري.


ومن ناحيته, لفت وزير المالية الأمريكى إلى أن اليابان وبعض الدول النامية تعارض الخطط التى تستهدف تحديد أهداف رقمية لميزان الحساب الجارى للدول.


ووفقا لصندوق النقد الدولي, فان المانيا تدير فائضا فى الحساب الجارى بالوقت الراهن عند 6% واليابان عند 3%.


وأوضحت ألمانيا واليابان أنه من غير العدل أن يتم جمعهما مع الصين التى تستهدف تلك الاقتراحات الامريكية بشكل أخص فى هذا الشأن لأن لديهما تعويمًا لأسواق الصرف بشكل حر فى حين ان هذه السوق تتم ادارتها من جانب الحكومة الصينية.


وتوضح بيانات الصندوق ان الصين تدير فائضا بنسبة 4.7% فى الوقت الراهن والولايات المتحدة تدير عجزا بنحو 3.2%. ويتوقع الصندوق أن يرتفع الفائض فى الحساب الجارى بالصين الى حوالى 8% فى عام 2015.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي