توقع تقرير جديد للبنك الدولى، أن يصل متوسط نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط على المدى القريب إلى 4.1% فى عام 2011 و3.8% فى عام 2012.
وقال التقرير الذى حمل عنوان "آخر التطورات والآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمالافريقياالاستثمار من أجل النمو وفرص العمل"، إنه فى ظل الحذر القوى من حالة عدم اليقين العالمى التى تخيم على آفاق المستقبل، فإن التوقعات لعام 2011 تزيد بنسبة نصف نقطة مئوية مقارنة بتوقعات شهر مايو من عام 2011 نتيجة تطبيق سياسات مالية عامة أكثر توسعا فى المنطقة، وزيادة الإنتاج النفطى (باستثناء ليبيا)، والنمو الأفضل من المتوقع فى إيران، والانتعاش الأسرع من المتوقع للإنتاج الصناعى فى مصر، ومن المتوقع أن ينخفض النمو بنسبة نصف نقطة مئوية فى عام 2012 نظراً للانخفاض المتوقع فى أسعار النفط وتباطؤ النمو العالمى
ونوه التقرير بأن الاستثمار فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كان قويا على مدى العقدين الماضيين مقارنة بمنطقتى أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، إلا أنه تعزز بشكل رئيسى فى البلدان المصدرة للنفط، مثل الجزائر وسلطنة عمان، نتيجة التوسع الكبير فى الاستثمارات العامة، وفى المقابل، فإن الدول المستوردة للنفط، مثل مصر والمغرب، أظهرت مزيدا من القوة فى الاستثمارات الخاصة، التى زادت فى السنوات الأخيرة.
ويتناول التقرير الروابط المهمة بين الحكم الرشيد من ناحية تكافؤ الفرص فى الإطار القانونى والتنظيمى، وبين قدرة الاستثمار على حفز النمو.
وأوضح التقرير أنه ليست هناك شواهد على أن الاستثمار العام يؤدى إلى حفز النمو فى الاقتصادات التى تعانى غياباً للحكم الرشيد، وفى المقابل، ثمة علاقة ارتباط وثيق بين الاستثمارات العامة وتحقيق النمو فى البلدان التى يوجد بها مستوى كاف من حماية حقوق الملكية والمؤسسات القانونية، وإضافة إلى ذلك، فإن الاستثمار العام لا يمكن أن يحل محل الاستثمار الخاص، لاسيما عندما يعانى البلد من ضعف فى إدارة الحكم.
واشار التقرير الى انه عندما يتسم أسلوب إدارة الحكم بالرشد، فإن الاستثمارات العامة تشكل مصدر جذب للاستثمار الخاص عن طريق توفير موارد الطاقة والطرق وخطوط النقل والإمداد والاتصالات اللازمة للشركات للعمل على نحو منتج. ولكن فى ظل سوء إدارة الحكم، فإن الاستثمار العام يزاحم الاستثمار الخاص على الأرجح فى استخدام الموارد التى كانت ستكون متاحة لولا ذلك القطاع الخاص.
وأكد التقرير بقوة دور الاستثمار الخاص فى مجال الخدمات والصناعات التحويلية بوصفهما محركين مهمين لخلق فرص العمل ونمو الدخل فى المنطقة. كما يقدم شواهد على أنه فى حين أن النسبة الأكبر من الاستثمار الأجنبى المباشر التى تتلقاها المنطقة تتجه إلى قطاعى العقارات والوقود، فإن معظم الوظائف المرتبطة بالاستثمار الأجنبى المباشر تتولد فى الواقع فى قطاع الصناعات التحويلية.
وقالت كارولين فرويند، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لإدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولى، إننا اذا نظرنا إلى نماذج من بلدان أخرى تمر بمرحلة انتقالية، نجد أن الاستثمار ارتفع بشدة فى العديد من الاقتصادات التى اتجهت بشكل مبكر نحو تحسين أنظمتها الخاصة بإدارة الحكم، فى حين أن تحسين المؤسسات الحكومية أمر ضرورى لإبداء الرأى والمساءلة، فإنه ضرورى أيضا لزيادة النمو واستخدام الموارد على نحو يتسم بالكفاءة.
وترى فروند أن ثمة ضرورة ملحة لترسيخ الشفافية والمساءلة حتى تتمكن بلدان المنطقة من تنشيط الاستثمار بما يفوق بكثير مستويات ما قبل الربيع العربى.
من جانبها قالت إيلينا إيانتشوفيتشينا، كبيرة الخبراء الاقتصاديين فى إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولى: "الخدمات والصناعات التحويلية تكونان حيثما توجد آليات العمل، لقد كانت الخدمات مصدر قوة للدخل وفرص العمل، من حيث المستويات والنمو، لاسيما فى البلدان المستوردة للنفط، كما ساهمت الصناعة التحويلية أيضا فى نمو الدخل وفرص العمل، ولكن هذا القطاع فى المنطقة يُعتبر صغيراً نسبيا مقارنة بالقطاعات المماثلة فى البرازيل وإندونيسيا وماليزيا وتركيا على سبيل المثال.
وتشير إيانتشوفيتشينا كذلك إلى أن القطاع العام لم يولد فى السنوات الأخيرة الوظائف عالية النوعية التى يتطلع إليها الخريجون عادة، كما أن القطاع الخاص لم يتسم بالنشاط بما يكفى لإحداث تغيير ملموس.
وخلافا لما كان عليه الوضع فى عام 2008، عندما كانت بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى وضع قوى يسمح لها بالصمود أمام العاصفة، فإن الاحتمالات المجهولة حاليا على الصعيدين السياسى والاقتصادى قد وضعت عددا من البلدان فى موقف أضعف لا يمكنها مجددا من مواجهة تباطؤ اقتصادى عالمى آخر، وفى ظل تقلص الطلب العالمى، من شأن انخفاض أسعار النفط أن يزيد الضغوط على موازين المالية العامة فى العديد من البلدان النامية المصدرة للنفط، لاسيما فى ظل فترة توسع فى الإنفاق الحكومى، وسيشكل انخفاض أسعار النفط مصدر ارتياح للبلدان النامية المستوردة للنفط، ولكن هذا سوف يقابله انخفاض فى الصادرات والتحويلات النقدية، وهذه البلدان لا تملك سوى مجال محدود لحفز اقتصاداتها.
|