دراسة حديثة: القروض المتعثرة هي العبء للبنوك الكينية..وثلاثة عوامل تؤثر في سلوك الائتمان

 


كشفت دراسة حديثة أن قطاع البنوك الكينية يعاني من تراكم معدلات مرتفعة من القروض المتعثرة خلال الفترة (1995/2015) إذ يلاحظ اتجاه نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض نحو الارتفاع من 18% في عام 1995 إلى 30% في عام 1997، ثم إلى 34% في عام 1999، وهو أعلى مستوى وصلت إليه نسبة القروض المتعثرة خلال فترة الدراسة، وبالرغم من اتجاه هذه النسبة نحو الانخفاض بشكل تدريجي خلال الفترة من (2000/2015)، حيث انخفضت من 33% عام 2000 إلى 15% عام 2006، ثم إلى 6% عام 2015، أعتبر البنك المركزي الكيني هذه المعدلات مرتفعة جدًا وتشير إلى تدهور أداء الجهاز المصرفي.


 


وأوضحت الدراسة التي صدرت عن معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تحت عنون "تحليل اتجاهات الائتمان المصرفي ومحدداته في كينيا منذ عام 1995" أن تعديلات قانون البنوك الكيني لعام 1995 طالبت البنوك بتقليل نسبة القروض المتعثرة إلى 5% على الأكثر من إجمالي القروض كشرط أساسي لتحسين جودة الأصول بالجهاز المصرفي.


 


وأرجعت الحكومة الكينية ارتفاع حجم القروض المتعثرة في قطاع البنوك إلى تدهور الأداء الاقتصادي، وانخفاض كفاءة إدارات الائتمان بالبنوك، وتدخل المساهمين في إدارة البنوك المملوكة لهم، وبالإضافة إلى ضعف آليات التقاضي مما نتج عنه فشل البنوك في استرداد القروض المتعثرة عن طريق القضاء، وانتشار الفساد الإداري بالبنوك، الأمر الذي مكن مشروعات غير مؤهلة للنجاح من الحصول على قروض بطرق غير مشروعة من خلال علاقاتهم بكبار موظفي البنوك وأعضاء مجالس إدارتها.


 


تطور نسبة إجمالي القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض في القطاع المصرفي الكيني (%) خلال الفترة (1995-2015)


 


المصدر: منال على متولي، تحليل اتجاهات الائتمان المصرفي ومحدداته في كينيا منذ عام 1995، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، نوفمبر 2017.




 


وتناولت الدراسة تحليل نشاط الائتمان المصرفي في كينيا على مدار 20 عاما بداية من عام 1995 حتى عام 2015، والتعرف على محدداته، وقياس أثر المحددات الاقتصادية على سلوك الائتمان المصرفي الكيني وذلك من خلال تطبيق نموذج الانحدار المتعدد على مراحل (Stepwise least squares).


 


وأضحت نتائج الدراسة أن قطاعات [الخدمات والصناعات التحويلية والتجارة والزراعة] حصلت على النسبة الأكبر من مجموع الائتمان البنكي الموجه للقطاع الخاص في عام 1996، إذ تقدر نسبة الائتمان الموجهة للقطاعات الأربعة مجتمعة بــ 86.1% من إجمالي الائتمان الموجه للقطاع الخاص ولكن هذه النسبة انخفضت إلى 62.1% في عام 2014، فيما ارتفعت نسبة قطاعات [البناء والتشييد وقطاع النقل والتخزين والاتصالات والمؤسسات المالية وقطاع التعدين واستغلال المحاجر] من 13.9% في عام 1996 من الائتمان البنكي الموجه للقطاع الخاص إلى 19.4% في عام 2014.


 


وحصل قطاع الخدمات على 32.4% من إجمالي الائتمان البنكي الموجه للقطاع الخاص في عام 1996، يليه قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 26.1%، ثم قطاع التجارة بنسبة 17.6%، وأخيرًا قطاع الزراعة بنسبة 10%، بينما حصل قطاع البناء والتشييد على 5.8%، وحصل قطاع النقل والتخزين والاتصالات على 5%، أما قطاع المؤسسات المالية فقد حصل على 2.1%، وبلغت نسبة قطاع التعدين واستغلال المحاجر 1.1%، من الائتمان الموجه للقطاع الخاص.


 


وفي عام 2014 لوحظ انضمام قطاع الزراعة إلى القطاعات الأقل حظًّا في الحصول على الائتمان الممنوح من البنوك التجارية، إذ انخفضت نسبة الائتمان الموجه للقطاع إلى 5.3% من إجمالي الائتمان البنكي الموجه للقطاع الخاص، فيما حصل قطاع الخدمات على 21.7%، وقطاع التجارة على 19.5%، يليه قطاع العقارات بنسبة 17.9%، ثم قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 16.2%، كما لوحظ ارتفاع نسبة قطاع النقل والتخزين والاتصالات إلى 8.9% من إجمالي الائتمان الموجه للقطاع الخاص، وارتفاع نسبة الائتمان الموجه لقطاع المؤسسات المالية إلى 3.4%، وكذلك ارتفاع نسبة قطاع التعدين واستغلال المحاجر إلى 1.6% من الائتمان الموجه للقطاع الخاص، فيما انخفضت نسبة قطاع البناء والتشييد إلى 5.5%.


 


وقالت الدراسة أن الائتمان المصرفي في كينيا يتأثر عموما بالعديد من العوامل منها العوامل الاقتصادية مثل (معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وسعر الفائدة على القروض، وحجم الأصول، وحجم الودائع، وسعر صرف العملة، والتضخم، وحجم المعروض النقدي) وهناك عوامل سياسية تتعلق بالفساد السياسي الذي يسمح لرجال الأعمال المقربين من النخبة السياسية بالحصول على قروض بالمخالفة للقواعد المصرفية القانونية، مثل الاقتراض من دون ضمانات كافية.


 


ولكن نتائج القياس باستخدام نموذج الانحدار المتعددت أظهرت أن العوامل الأكثر تأثيرا على سلوك الأئتمان في كينيا خلال الفترة (1995/2015) تتمثل في ثلاثة عوامل هي سعر صرف الشلن ومعدل التضخم وحجم الودائع بالبنوك. إذ يرتبط كل من معدل التضخم ولوغاريتم الودائع بعلاقة طردية مع لوغاريتم القروض مما يعنى أنه كلما زاد حجم الودائع في الجهاز المصرفي أو زاد معدل التضخم كلما زاد حجم الائتمان الممنوح من البنوك الكينية، بينما ارتبط


 


سعر الصرف علاقة عكسية بين سعر الصرف ولوغاريتم القروض، وهو ما يعنى أن كلما زاد سعر صرف الدولار الأمريكي بالشلن الكيني (أي كلما انخفضت قيمة العملة الكينية الوطنية) كما انخفض حجم الائتمان الممنوح من البنوك.


 


وأوصت الدراسة بتطوير المنظومة التشريعية والرقابية على القطاع المصرفي بما يحفز البنوك على الالتزام بضوابط ومعايير منح الائتمان، و تعزيز قيمة العملة المحلية (الشلن الكيني) أمام الدولار الأمريكي، حيث وجُدت علاقة وثيقة بين سعر صرف العملة وسلوك الائتمان، و دعم الاقتصاد الكيني مما يعزز قدرة المواطنين الكينيين على الادخار ويحافظ على مستويات متوازنة لمعدل التضخم.


 


كما أوصت الدراسة بضرورة تسهيل شروط منح الائتمان لقطاع الزراعة، إذ تراجعت نسبة الائتمان الممنوح لهذا القطاع إلى 5.3% في عام 2014 من إجمالي الائتمان الممنوح للقطاع الخاص مقابل 10% في عام 1996 على الرغم من أن القطاع الزراعي يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي تقدر ب 30% في عام 2014، وبما يعيد التوزان في توزيع الائتمان المصرفي على القطاعات الاقتصادية المختلفة.


 


يمكن الإطلاع على أصل الدراسة بزيارة مكتبة معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أو زيارة المكتبة المركزية بالجامعة نفسها.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي