الثروة السمكية.. فُرص لم تستغل

 


بلد يطل على بحرين، ويمتد النيل من جنوبه لشماله، ورغم ذلك يعاني من ارتفاع أسعار الأسماك نتيجة عدم قدرته على تحقيق الاكتفاء الذاتي!


 


هذه حقيقة قد تكون صادمة نوعا ما، لكنها تفرض نفسها بقوة عند التطرق للحديث عن أسعار البروتين في مصر، وخاصة اللحوم.


 


البيانات التي جاءت على لسان صلاح طاهر، مدير عام شركة "وادي فيش" – إحدى الشركات العاملة في القطاع  - تقول إن إنتاج الأسماك في مصر ينمو بصورة مطردة، حيث كان يقدر حجم الإنتاج السنوي في فترة التسعينات بنحو 200 – 300 ألف طن، وقفز هذا الإنتاج إلى 1.2 مليون طن عام 2015، ثم وصل إلى 1.8 مليون طن في العام الحالي، بمعدل زيادة متوسط في الإنتاج يقدر بنحو 8 – 10% سنويا، كما يعد سمك البلطي هو النوع الأكثر إنتاجا في مصر ويمثل 58% من حجم إنتاج المزارع السمكية، يليه البوري.


 


لكن هل تعنى تلك الزيادة الوصول إلي الاكتفاء الذاتي؟ للأسف الإجابة بالنفى، فطبقا لأحدث الإحصائيات المتوفرة استوردت مصر حوالي 300 ألف طن عام 2015، وهو ما يعنى أن مصر لم تحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.


 


وعلى الرغم من وجود فرص واعدة لتطوير استزراع وصناعة الأسماك في مصر، إلا أن المعوقات التي تواجه هذه الصناعة تجعل القدرة على الاستثمار في حالة انكماش، وبحسب المركز المصري للدراسات الاقتصادية، وطبقا لأحدث الإحصائيات العالمية، تحتل مصر المركز العاشر عالميا في إنتاج الأسماك، بينما دولة النرويج هي الأفضل حيث تقوم بتصنيع الأسماك مرتفعة القيمة والمعروفة عالميا.


 


الحقيقة اللافتة للنظر هى أن 75% من إنتاج مصر من الأسماك سنويا يأتي من المزارع السمكية، بينما يأتي الباقي من المصائد الطبيعية، وهو ما يعنى أنه في حالة اعتماد مصر على المصائد الطبيعية فقط ستصل أسعار الأسماك إلى أرقام خيالية.


 


ويتركز إنتاج السمك في منطقة الدلتا والمحافظات الساحلية، حيث تنتج محافظة كفر الشيخ 71% من إجمالي إنتاج الأسماك في مصر، بينما 15% من الإنتاج في محافظة الشرقية، و11% بمحافظة البحيرة، ورغم هذا الإنتاج الكبير، إلا إنه يُوزع في المحافظات القريبة لعدم توفر إمكانيات تبريد الأسماك لنقلها لمسافات أبعد، وضعف إمكانيات التبريد يؤدى لبيع الإنتاج في السوق المحلية فقط وبشكل يومي مما يضغط على الأسعار، حيث يصل عمر السمكة بعد الصيد 18 ساعة فقط قبل تعرضها للتلف، وهو ما يحول دون وصول الأسماك إلى محافظات الصعيد التي لا تمتلك مزارع أو مصائد أسماك.


 


بحسب مدير عام شركة "وادي فريش" فإن من أهم المعوقات التي تواجه صناعة الأسماك في مصر توجيه كافة الاستثمارات إلى مدخلات الإنتاج من مصانع وأعلاف ومفارخ ومزارع السمك، في ظل غياب أي عمليات بعد الحصاد، موضحا أن 3% فقط من إنتاج الأسماك في مصر يجرى عليه عمليات تصنيعية، في حين أن 97% من الإنتاج يٌباع في السوق اليومي.


 


طاهر يؤكد أن 95% من الأسماك المصرية أسماك عالية الجودة بعد خروجها من المياه، ولكن بحكم أن التداول غير مبرد تكون عرضه للتلف سريعا، بينما إذا تم تبريدها لدرجة حرارة صفر تظل صالحة لمدة 21 يوما، وهو ما يبرر عدم توافر الأسماك في صعيد مصر، هذا إلى جانب أن الاستزراع السمكي في مصر موسمي يتم استخرجه من المياه قبل أشهر الشتاء لأن الأسماك من نوع البلطي المنتشر في مصر لا يتحمل درجة حرارة أقل من 8 درجات مئوية.


 


كافة المؤشرات تؤكد أن الثروة السمكية في مصر بحالة جيدة، ولديها فرص هائلة للنمو، لكن ما ينقصها بالتأكيد هو وجود خريطة واضحة واستراتيجية تحدد أين نقف وماذا نريد.


 


 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي