منذ سن الخامسة عشرة لم تسمح لأحد بالاقتراب من اختيار ما ترتديه من ملابس أو أكسسوارات، خاصة أن موهبتها في ابتكار الجديد فيما يتعلق بتصميم الأزياء والحياكة أبهرت جميع أفراد أسرتها والذين بدورهم اصبحوا يلجأون إليها لتقوم بتصميم وانتاج ملابسهم.
وسط هذه المؤشرات الأولية الدالة علي الموهبة بدأت رحلة طويلة للجمع بين الموهبة والدراسة، حيث تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة الفرنسية، ثم تنطلق إلى رحلتها في باريس للالتحاق بالسربون ثم جامعه اسمود المتخصصة في تعليم تصميم الازياء والموضة.. أنها مصممة الأزياء دينا شعيب التي أستضافت "الخبر الاقتصادي" في بيت أزياءها "ميدي مود" لتقص لنا رحلتها مع عالم الموضة.
تقول دينا شعبب: "لاحظ والداي عليّ الاختلاف عن اشقائي الآخرين من حيث الاحساس بالألوان والرسم، فبدأوا ينميان تلك الموهبة لدي، فاصبحت في سن الخامسة عشر تحديدا اقوم بحياكة ملابس عائلتي الصغيرة وتصميمها، إلى ان ذاع صيتي أكثر داخل ارجاء العائلة ومن هنا أصبحت محتكرة تصميم ملابسهم جميعا،لتستمر الأيام إلى أن تخرجت فى قسم اللغة الفرنسية جامعة القاهرة، حيث لا توجد آنذاك مدارس لتعليم تصميم الأزياء، ثم بعد التخرج اتيحت لي الفرصة أن أكمل الدراسة في جامعة السربون بفرنسا لمدة عام، وهناك استطعت أن أزور مدارس الأزياء الفرنسية، ثم بعد مرور سنوات ما بين القاهرة وفرنسا قررت دراسة تصميم الأزياء في جامعة أسمود بفرنسا وكان المثير بالنسبة للفرنسين أنني استطعت اختزال 3 سنوات من الدراسة في عام واحد وذلك لما اتمتع به من خلفية قوية في عالم الأزياء، حيث خضعت إلى امتحان قاس حتى استطيع الحصول على الشهادة في عام واحد"..
الحلم
وتضيف: " بعد سنوات طوال كانت ما بين مرحلة الدراسة والزواج والتنقل إلى العديد من الدول الأوروبية والعربية بدأت رحلة الاستقرار في مصر ومن هنا قررت تحقيق الحلم الذي كنت اتمنى تنفيذه طوال العمر ألا وهو بيت ازياء خاص بي، وبالفعل شجعني زوجي على تلك الخطوة، وقد كان "مدي مود"هو الحلم..
وحول العوائق التي واجهتها عند بدء تحقيق حلمها تقول دينا شعيب: " الناس لم تفهم معنى لكلمة تصميم أزياء، بل أخذت فترة طويلة حتى استطاعوا التعرف علي معني واهمية مصمم الازياء، خاصة أن معظم الناس لديهم دائما تخوف وعدم قدرة على تخيل الفستان وهو على شكل باترون إلا عندما يروه في شكله النهائي، بالإضافة إلى أهم العوائق التي أخذت مني وقتا ومجهودا كبيرين وهي توفر اليد العاملة المؤهلة لتنفيذ التصميم بشكل دقيق وبالكفاءة المطلوبة الدقيق، فقد أقوم بالتصميم ولكن الذي ينفذ لا يستطيع اخراجه بالشكل الذي كنت اتخيله فاصبحت اقوم بعملية خياطة والتصميم في آن واحد إلى أن أستطعت تدريب بعض الافراد على الحياكة الراقية، وفضلت اثناء اختيارهم لهذه المهمة ألا يكون لديهم أي فكرة مسبقة عن فن الحياكة بل كنت أنا من زرع الثمرة ومن حصدها".
عروس 2011
أما عن عروس 2011 فتقول دينا شعيب: لازالت فكرة الفستان الواسع هي المسيطرة على فكر ووجدان الفتاة المصرية، إلى جانب هوسها بالموضة، ولكنني أنصحها من خلال خبرة امتدت لسنوات بأن تدير ظهرها للموضة إذا كانت لا تتناغم وتتناسب مع شخصيتها".. موضحة أن خطوط الموضة والإبداع هي ما تبحث عنه المرأة هنا وهناك، ساعية خلف جديد الألوان والقصات بحثًا عن التألق والجمال والجاذبية دون أن تراعي ما يتناسب مع شخصيتها وطبيعة عملها ومقاييسها الجسمانية وطبيعة بشرتها.. غير أنها تؤكد ضرورة أن يكون فستان العروس لاسيما المحجبة معبرًا عن ذوقها، ومدى تناغم درجة اللون معها، هل يناسبها الأبيض الناصع، أم البيج، أم تميل إلى اللون الذهبي في فستان تكثر فيه التفاصيل المبهرة التي تجعلها كما النجمات في سماء متلألئة.. منبهة إلى ضرورة اختيار المصمم المعروف، المواكب للموضة والذي يدرك في الوقت نفسه ما يتناغم مع الشخصية وما يتوافق معها وما لا يتوافق، وبالطبع يدرك أهمية الإكسسوارات في التعبير عن الشخصية، وإضفاء طلة لا تقاوم على التصميم في صورته النهائية، وتتباين هذه الإكسسوارات وفق ما تفضله صاحبة التصميم، وتتدرج من اللؤلؤ والألماس والذهب والفضة ومختلف الأحجار الكريمة، فضلاً عن إكسسوارات أخرى تتباين وفق طبيعة التصميم واختلاف خاماته، بالإضافة إلى ما يتوافق مع شخصية صاحبته.. موضحة ضرورة اختيار موديل الفستان بحيث لا يحدد الجسم في حال كان القوام نحيلاً، فهنا لا بد أن يكون للعروس استايل خاص بها حتى تظهر بشكل جذاب باستخدام الجيبون، أما إذا كان الجسم ممتلئا، فيمكن الاستغناء عن الجيبون والتقليل من حجم الفستان بحيث لا يبدو ضخمًا، فيفضل أن يبدو طويلاً، لا يظهر القدمين، ولا يحتوي على تفاصيل من الأسفل، وأن يكون الصدر مطرزًا بدقة تتناسب مع الفستان ككل.
اعمل حاليا علي وضع دراسة متكاملة عن مقاسات المرأة المصرية
اختيار اللون وفق الشخصية
أما عن اختيار اللون المناسب.. فأشارت إلى أن اللون المناسب هو الذي يناسب بشرتك، فالألوان الداكنة لا تتناسب مع البشرة السمراء، أما صاحبات البشرة الفاتحة فإمكانهن ارتداء أي لون يرغبن فيه، مع العلم بأن الألوان الفاتحة هي موضة هذا الموسم.. مؤكدة أنها تقوم بتنفيذ جميع التصاميم والموديلات سواء المحافظة للمحجبات أم التصاميم الجريئة التي تناسب فئات أخرى، فالعروسة المرحة تحتاج إلى فستان جريء غير تقليدي يقدم كل جديد في عالم الموضة، أما الشخصية الجادة فتحتاج إلى فستان محتشم بسيط بلمسات أنيقة في آن واحد؛ لذلك يجب أن تؤخذ طبيعة الشخصية في الحسبان دائمًا؛ لأن الفستان ينبغي أن يعبر عنها، كما يكثر الفضي في فساتين الزفاف مع تطريز فضي غامق، وبتصميمات رائعة. وتؤكد أن الحجاب ليس كما تعتقد كثيرات ثيابًا قاتمة تجافي الأناقة والذوق، إنما يتميز بأكبر قدر من الأناقة والجاذبية، وكانت هذه هي المعادلة الصعبة التي سعت لتحقيقها في جميع تصاميمها، أن تقدم أزياء تناسب العروس الملتزمة، وفي الوقت نفسه لا تقل جاذبية وذوقًا وأناقة عن أحدث صيحات الموضة العالمية.
الدراسة امر هام وضروري فاذا كان التصميم "موهبة" فهو في نفس الوقت "علم"
ابتكار خاص
دينا شعيب تؤكد أيضا أن عامل المكان الذي سوف يقام فيه الفرح من أهم ضروريات التي لابد ان تعرفها من العروس، كأن يكون الزفاف نهارا أم ليلا، حيث استطاعت ان تبتكر شيء جديد خاصة في فساتين الزفاف التي يكون زفافها نهارا والتي دائما ما يقام حفل الزفاف الخاص بها في بعض الحدائق، فاستطاعت أن تضع حلا لتلك المشكلة التي تواجه العروس من خلال وضع تصميمات عديدة منها على سبيل المثال أن يكون الفستان قصيرا بذيل طويل تستطيع العروسة فكه وتركيبه في أي وقت ومن هنا تستطيع التحرك بكل بساطة..
ولم تنس شعيب ان تستفسر من العروس عن "الكوشة" ونوعية القماش والألوان التي تدخل في تصميمها ومن هنا تبدأ شعيب في الابتكار بأن تكون الألوان التي في الكوشة ممزوجة بفستان الفرح فتظهر العروس كالملاك في ثوب جميل..
السوارية
شعيب تؤكد أيضا أنها لم تغفل الفساتين السواريه حيث أول ما يأتي على ذهنها اثناء عمل التصميم ما هي طبيعة المناسبة ومواعيدها، بالإضافة الى السؤال الأهم أن كانت الفتاة سوف تحضر حفل زفاف ما،ودرجة قرابتها من العروس؟ فهذا اهم سؤال لابد من الاجابة عليه لان التصميم يعتمد عليه بعد ذلك".
مقاسات مصرية
وحول انه آن الأوان بأن تكون هناك مقاسات مصرية تقول دينا شعيب: " استطعت بالفعل من خلال سنوات الخبرة ان أطور في مقاسات المرأة المصرية، بل انا بصدد اعداد دراسة على نسب الجسم المصري، حيث استطعت تعديل المقاسات بحيث تتناسب مع الجسم المصري، وهي دراسة عبارة عن جدول يخضع لمواصفات معينة لو طبق فعليا سوف يصبح قاعدة للمقاسات المصرية في صناعة الملابس الجاهزة المصرية، حيث تمزج تلك الدراسة بين المقاسات العالمية وطبيعة اجسامنا المصرية".. مؤكدة ان هناك اختلافات جوهرية بين المرأة المصرية ونظيرتها الأوربية حيث الأخيرة ممتلئة الارداف حتى وان كانت نحيفة، بالإضافة إلى مقاسات الاذرع أكبر من المصرية..
الابتكار لا التقليد أهم نقاط تحقيق النجاح في عالم تصميم الازياء
ضرورة الدراسة
وأخيرا.. تنصح مصممة الأزياء دينا شعيب مصممي الأزياء من ضرورة الدراسة في عالم تصميم الأزياء فهي بجانب انها مهنة، فهي ايضا علم يدرس، بالإضافة إلى إلمامه بطبيعة ونسب الجسم والتغيرات التي تطرأ عليه، والأهم مما سبق ان تكون للمصمم بصمته وهويته الخاصة وأن يكون مبتكرا لا مقلدا لانها هذا ما أهم نقاط نجاح المصمم في عالم الموضة..