قصص نجاح شركات التكنولوجيا في السنوات الماضية أصبحت مصدر إلهام لكثير من رواد الأعمال في العالم، فحجم النجاح والثروات التي حققها نجوم صناعة البرمجيات والتكنولوجيا في العالم أصبحت تفوق الخيال، ومن تلك القصص المثيرة للإهتمام قصة نجاح لاري إريسون Larry Ellison مؤسس شركة “أوراكل”، الذي تحول من شاب لا يستطيع استكمال دراسته الجامعية إلى مؤسس الشركة الأولى عالميًا في مجال البرمجيات، وأحد أبرز الأسماء التي تتصدر قائمة أغنى رجال الأعمال على مستوى العالم.
ولد لاري إليسون عام 1944 بولاية نيويورك، حيث أرسلته أمه- وهو في أشهر عمره الأولى - إلى قريبة لها بشيكاغو للعيش معها، بعد أن أصيب والده بمرض السرطان. نشأ “إليسون” وحيدًا بعيدًا عن والديه، وأثناء المرحلة الجامعية توفيت من كانت ترعاه، فلم يتمكن من التركيز في دراسته، ما أدى إلى فصلِه، ثم سرعان ما التحق بجامعة أخرى، ولكنه فُصِل منها أيضًا.
لم يستسلم “لاري” لعدم قدرته على استكمال مرحلة الدراسة الجامعية، فقرر السفر إلى كاليفورنيا للبحث عن فرصة عمل، وما بين عمل وآخر، اكتسب “لاري” على مدار 10 سنوات خبرات متتالية في عدة مجالات، أهلته للعمل كمبرمج في شركة “أمداهل”، التي أكسبته الكثير من الخبرات. وفي عام 1977 ، قرر إليسون خوض غمار عالم ريادة الأعمال، متحملًا ما ينطوي عليه من مخاطر وعقبات، فأسس – بالشراكة مع صديقيه - شركة صغيرة لتطوير البرمجيات باسم “سوفت وير ديفلوبمنت لابس”.
في مرحلة لاحقة، فاز إليسون وشريكاه بعقد مدته عامين لبناء نظام باسم “أوراكل”، لإدارة قاعدة بيانات لوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه”. وبعد مرور عام من العمل في المشروع، أنهى الأصدقاء الثلاثة العقد، متجهين لتطوير المشروع نفسه لصالحهم، ثم ما لبثوا أن أطلقوا شركتهم الثانية “أوراكل” المتخصصة في إدارة قواعد البيانات، وعينوا بها عددًا محدودًا من الموظفين. وفي عام 1981 تقدمت شركة “آي بي إم”؛ الشهيرة- والمتخصصة في تصنيع وتطوير الحوا والبرمجيات- بعرض شراكة مع “أوراكل”؛ لاستخدام نظام الأخيرة لإدارة قواعد البيانات لديها.
أدت تلك الشراكة إلى نمو أرباح “أوراكل” بشكل مذهل على مدار 7 سنوات متتالية، لتصل قيمة الشركة إلى مليار دولار بعد أن كانت مليون دولار فقط. عانت “أوراكل” بداية من عام 1990- وعلى مدار ثلاث سنوات- من التراجع وانخفاض معدل الأرباح؛ لشدة المنافسة مع الشركات العاملة في ذات المجال، إلا أن “لاري” تمكن من استعادة مكانة الشركة مجددًا، والعودة بقوة إلى السوق حاملًا خططًا جديدة لضمان استدامة شركته ووصولها إلى العالمية. بعد أن تعلم “لاري” الدرس جيدًا من تلك الفترة العصيبة التي مرت بها شركته، ومع بدء استعادة النمو مرة أخرى، قرر زيادة قيمتها السوقية، واضعًا استراتيجية محكمة للاستحواذ على عدد كبير من الشركات العاملة في مجال البرمجيات. ونتيجة لذلك، قفزت القيمة السوقية لـ “أوراكل” إلى نحو 185 مليار دولار، لتصل إلى العالمية، ويرتفع عدد موظفيها لأكثر من 40 ألفا.
وفي عام 2014، حل “لاري” خامسًا في قائمة أغنى رجال العالم بعد “وارن بافت”، مؤسس شركة “بيركشير هاثاواي” ، بثروة بلغت 43 مليار دولار. واليوم تعتمد شركات كبيرى في العالم على منتجات “أوراكل”، حيث تستخدم شركة “فورد” لصناعة السيارات، برمجيات “أوراكل” لتحليل بيانات مبيعات السيارات وشؤون الموظفين، كما تستخدمها ماكينات الصرف الآلي “إيه تي إم”، وبرامج حجز تذاكر الطيران، ومواقع التسوق عبر الإنترنت.
|