تعانى شركات التأمين فى مصر من خسائر فادحة جراء الأحداث الراهنة الأمر الذى دفع بعضها إلى البحث عن وسائل للخروج من مأزقها عن طريق حرق الأسعار كوسيلة لجذب العملاء، الأمر الذى يهدد بانهيار القطاع على المدى البعيد.
ورأى خبراء التأمين أن هذه الوسيلة سوف تؤدى إلى منافسة شرسة فيما بينهم، وهو ما يؤدى إلى سقوط مراكزها المالية لانخفاض حجم الأقساط، كما طالبوا هذه الشركات بضرورة تحسين الخدمة المقدمة للعملاء، بدلاً من البحث عن طرق غير شرعية للخروج من هذه الأزمة.
من جانبه أكد محمد عبدالجواد، العضو المنتدب بشركة المشرق العربى للتأمين، أن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية، تعزيز الخبير الاكتوارى لتغيير منظومة المنافسة السعرية بين شركات التأمين يعتبر قراراً صحيحاً 100%.
وأشار "عبدالجواد"، إلى أنه لا يجوز لشركة التأمين أن تعمل كيفما تشاء من غير وجود تسعير فنى اكتوارى، فمعظم الشركات الأجنبية الموجودة فى الخارج لديها مجموعة كبيرة من الخبراء الاكتواريين الذين يعرفون تقييم الأخطار بصورة جيدة تتناسب مع متطلبات السوق.
وأضاف أن الشركات التأمينية فى الفترة الماضية فى السوق المصرية كانت تعمل على قياس التسعير من خلال كتيب الهيئة فى ذلك الوقت، وبالتالى كانت الشركات تلتزم بهذا الكتيب كتسعير، ولكن الآن السوق مفتوحة، ولا توجد بها ضوابط مما أثر على جميع الشركات الموجودة فى السوق المصرية، فلابد من وجود تسعير حسب النتائج الموجودة لدى كل شركة تأمين.
وترى أمانى كمال توفيق، أستاذ الخطر والتأمين بجامعة المنصورة، أن حرق الأسعار منتشر الآن فى السوق المصرية، وهو فى الأساس ثقافة مرتبطة بأخلاق المهنة، على الرغم من تحرير الأسعار فى مصر.
وأوضحت أنه على الرغم من توقيع اتفاقية الجات فى التجارة التى أدت إلى تحرير الاقتصاد، فإن الهيئة لا تستطيع أن تلزم شركات التأمين بتعريفة معينة، لكن الخبراء الاكتواريين بإمكانهم أن يقفوا على سعر عادل لكل نوع من أنواع التأمين، مع الأخذ فى الاعتبار الرجوع إلى شركات التأمين وإعادة التأمين.
ولفتت إلى أن أكبر مثال على فشل حرق الأسعار فى مصر هو ما حدث مع الجمعية المصرية للتأمين التعاونى، وذلك نتيجة تخفيض أسعارها فى التأمين على السيارات، مما ترتب على ذلك انخفاض حجم الأقساط التى تحصلها الشركة، مقارنة بارتفاع حجم التعويضات، نتيجة عدم تطبيق الحوكمة على هذه الشركة مما أدى إلى تعرضها لهذا الإعصار وترتب عليه عجز تأمينى.
وطالبت بأن تكون المنافسة بين شركات التأمين على أساس تقديم مستوى الخدمة، وهو ما يعنى سرعة الاستجابة للعملاء عن طريق سرعة صرف التعويضات العادلة التى لا تظلم المؤمن له، بالإضافة إلى تركيز الوسيط على هذه النقطة عند تقديمه الخدمة.
وتشير "توفيق" إلى أن حرق الأسعار قد يؤدى إلى انهيار سوق التأمين على المدى البعيد، وسوف يؤدى إلى تهديد المراكز المالية لشركات التأمين، وهو لا يعتبر فى صالح شركات التأمين العاملة فى مصر ويضر بسوق التأمين.
كما اقترحت ضرورة وجود تنسيق بين هذه الشركات للاتفاق على أسعار لا يمكن النزول عنها، ووضع حد أدنى للأسعار لكل نوع من أنواع التأمين وهو ما يعنى التركيز على أخلاقيات المنافسة.
فى حين يرى سامى مراد، خبير تأمين، أن شركات التأمين لا يمكن أن تلجأ إلى حرق الأسعار بالشكل الذى يهدد القطاع، موضحًا أن شركات التأمين تعرضت إلى خسائر فادحة جراء الأحداث الراهنة التى أثرت على حجم تعويضاتها، وبالتالى مما يخلق نوعاً من المنافسة لكنها تتم بشكل عادل، مطالباً بمراجعة الأسعار للتغطيات المختلفة، لأن حرق الأسعار لا يؤدى إلى وجود خدمة مميزة للعملاء.
وأوضح "سامى" أن شركات التأمين سوف تلجأ الفترة المقبلة إلى إدخال نوعيات تأمينية جديدة على المؤسسات والشركات للقيام بتغطية تأمينية، يمكن من خلالها أن تحصل على مبالغ ورسوم إضافية تؤدى إلى زيادة حجم أقساطها.
|