بدت إشاراته وهو يكشف عن أهداف مشروع القانون الجديد..وكذلك لغة الجسد التى عبرت عنه كلماته فى أول لقاء يجمعه بالصحافة منذ فترة طويلة وهو واضح الرؤية والبصيرة تجاه المرحلة المقبلة و كأنه يدشن لفترة ولاية جديدة تكرس الإستقرار النقدى للدولة وتجعل منه عنوان لما هو آت .. وسواء اختار ذلك أو أبى فهو بلا شك أحد رموز الإنجاز الذى تحقق من استقرار نقدى وارتفاع لمعدلات احتياطيات دولية غير مسبوقة فى تاريخ الدولة المصرية ، فضلاً عن تراجع لمعدلات تضخم لم تكن المؤسسات الدولية تتوقع الوصول إليها فى هذا التوقيت بإقترابها من كسر حاجز ال8% سنوياً .. ومثلما تحمل بصدر رحب سهام النقد فى 2017 فقد اصبح من حقه الآن أن يكلل بالغار .
أراد "عامر" وهو يقدم مشروع القانون الجديد للجهاز المصرفى ، أن يتجاوز ماهو شخصى فى ما تحقق من إنجازات فى الولاية الأولى لمحافظ البنك المركزى إلى ما هو عام كشعار للمرحلة الجديدة التى يتصدر فيها الجمهور أولويات الجهاز المصرفى ما بعد مرحلة الإصلاح الهيكلى التى مثلت مقدمة ضرورية للعبور إلى المستقبل.
قدم " عامر " أوراق إعتماد جديد مع هذا التشريع لعقد اجتماعى طرفيه الجهاز المصرفى من جهة والمواطن من جهة ثانية عندما أكد فى بداية كلماته إلى الحضور بأنه قد آن الأوان لكى يجنى المواطن ثمار الإصلاح المصرفى مع هذا التشريع الذى يستهدف تحرير الإئتمان وعدم تركزه فى قاعدة محدودة من العملاء ووصوله إلى كافة أفراد السوق وبصفة خاصة المحرومين من الخدمات المصرفية تأكيداً على التوجيهات الرئاسية إلى عموم مؤسسات الدولة ومن بينها البنك المركزى ، ولم يخف "عامر" فى كلماته حقيقة التوجيهات الرئاسية التى صدرت إليه عند تكليفه بهذه المهمة ، ليبدو وكأنه يلمح إلى تكليفات الولاية القادمة، و إن لم يصرح بها متجاوزاً إياها إلى قراءة ما وراء السطور لكل لبيب بالإشارة يفهم .
واختار وهو يعيد تقديم نفسه إلى الجمهور ان يرتفع فوق التخرصات التى أرادت النيل منه ومن فرصه فى استكمال المسيرة التى صنعها مع فريقه من الأكفاء داخل البنك المركزى ، وأن يمضى مضى الواثقين مع هذا التشريع رفيع الصياغة والأهداف ، إلى مرحلة بناء جديدة تعتمد على إعلاء مبدأى " عدم تضارب المصالح " و " الحوكمة " التى ستطبق أول ما تطبق على إدارة البنك المركزى من محافظه إلى نائبيه وكل أطراف الإدارة العليا .. تسري بعدها إلى عموم السوق حتى تقوى سلطة الرقابة على الإعمال المصرفية التى ستفتح أبواب العمل بها على مصراعيها لتدفق الإئتمان ليتجاوز معدلات القروض المتدنية إلى ودائعه و التى تراوح عند نسب لا تتجاوز 42% حالياً لتقترب تدريجياً من أنظمة مصرفية عالمية تجاوزت فيها هذه النسبة إلى أكثر من 100% من ودائع الجهاز المصرفى بالإعتماد على زيادة ضخمة فى رؤوس أموال البنوك ، وكذلك الترخيص بالتأمين على الودائع لحماية حقوق المودعين وهو تحول نوعى فى اهداف الجهاز المصرفى.
إنها بداية جديدة تعكس نضج كبير فى سياسات هذه المؤسسة التى تؤكد مرة تلو الأخرى إنها ليست فحسب حصناً لإستقرار الدولة واقتصادها الوطنى ، وإنما ملاذاً مهماً لآمال وتطلعات المواطن البسيط لا تعصف بها كالجبال موج أو ريح عاتية مهما عاندت اهواء الخصوم !