احتل تقرير الآفاق المستقبلية بشأن أداء الاقتصاد العالمي لصندوق النقد الدولي مكانة خاصة بين الأحداث على الساحة العالمية خلال الأسبوع الماضي، وصاحب تقرير تحديث الآفاق المستقبلية عن شهر يونيو مجموعة من التحذيرات بفعل تداعيات أزمة "كوفيد-19"، والتي تمثلت في الأداء الاقتصادي والأسواق العالمية والفصل بين الاثنين ومستويات الديون والضربة الكارثية في سوق العمل.
التحذير الأول: يعتقد صندوق النقد الدولي أن الركود العالمي للاقتصاد سيكون أكثر عمقاً في عام 2020، حيث عدل تقديرات الانكماش للأسوأ بشكل ملحوظ ليصبح 4.9 %، ومن شأن هذه التقديرات أن تكون أسوأ بنحو 1.9 % من التوقعات الصادرة في شهر أبريل والتي كانت تشير لانكماش في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3 %، وفي كلا الحالتين، فمن شأن ذلك أن يكون أسوأ وتيرة ركود عالمي للاقتصاد منذ فترة الكساد العظيم، حيث إن نسبة الانكماش تفوق تلك المسجلة أثناء الأزمة المالية العالمية.
وتنبع هذه الرؤية الأكثر قتامة حيال الاقتصاد العالمي في العام الجاري من أن وباء "كوفيد-19" كان ذو تأثيرات سلبية بدرجة أكبر من المتوقع على النشاط الاقتصادي خلال أول 6 أشهر من العام، كما يقول الصندوق الدولي.
التحذير الثاني: بينما كانت التوقعات سلبية عن الأداء العالمي هذا العام، فإن التعافي الاقتصادي المحتمل في عام 2021 سيكون أبطأ من المتوقع سابقاً، كما أن الشكوك تحاوطه، ومن المتوقع، بحسب التقديرات الجديدة للصندوق الدولي، أن يتوسع الاقتصاد العالمي بنحو 5.4 بالمائة في العام القادم، وهي أرقام أقل من توقعات النمو البالغة 6.5 % والتي كان يرجح حدوثها في السابق، وترى كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي "جيتا جوبيناث" أن قوة التعافي الاقتصادي غير مؤكدة وأن تاثير الوباء سيكون متفاوتاً على القطاعات والدول وذلك في ظل غياب العلاج الطبي أو اللقاح.
وفي المجمل، يعتقد صندوق النقد أن الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ستتجاوز 12 تريليون دولار خلال العامين الحالي والمقبل.
التحذير الثالث: يسلط الصندوق الدولي الضوء مجدداً على حجم الدين العام العالمي، حيث يعتقد أنه قد يقفز أعلى 100 بالمائة نسبة للناتج المحلي الإجمالي لأول مرة على الإطلاق، ويمكن أن تختبر مستويات الديون الآخذة في الارتفاع جنباً إلى جنب مع خسائر الائتمان المحتملة والتي قد تنجم عن حالات الإفلاس، مرونة البنوك في بعض الدول.
ويأتي هذا التحذير في سياق خطط الإنفاق المعلنة من جانب حكومات والبنوك المركزية العالمية كنوع من الاستجابة للأزمة الصحية "كورونا"، وهو رد الفعل غير المسبوق في أيّ أزمة سابقة، وعلى الصعيد العالمي، فإن تدابير السياسة المالية أسفرت عن إنفاق ما يصل إلى 10.7 تريليون دولار لمواجهة الوباء، كما أن إجراءات السياسة النقدية تمثل ما يزيد عن 6 تريليونات دولار.
التحذير الرابع: ضغط صندوق النقد كذلك بقوة على صافرة الإنذار لإثارة الانتباه حول الفصل الواضح بين الأسواق المالية والآفاق الاقتصادية، وهي القضية التي أثيرت مؤخراً مع تدابير السياسة المالية والنقدية، وحذر تقرير الاستقرار المالي الصادر عن الصندوق الدولي، من مخاطر انفصال الأسواق عن الاقتصاد وسط مستويات الديون المرتفعة، وهو الصراع الذي يمكن تجسيده بلعبة "شد الحبل".
وتشهد الأسواق المالية وخاصة تلك التي تنطوي على المخاطرة، تعافياً سريعاً رغم أن البيانات الاقتصادية تشير لاتجاه هبوطي أكثر عمقاً من المتوقع، ما يعني رهان المستثمرين على الدعم القوي والدائم من البنوك المركزية.
التحذير الخامس: تطرق صندوق النقد كذلك إلى الضربة الشديدة التي تلقاها سوق العمل عالمياً مع الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي، واستشهد التقرير بتقديرات منظمة العمل الدولية، والتي تشير إلى أن الانخفاض العالمي في عدد ساعات العمل خلال الربع الأول من هذا العام مقارنة مع الربع الأخير من 2019 كان يعادل خسارة 130 مليون وظيفة بدوام كامل.
ومن المرجح أن يكون الهبوط في الربع الثاني من هذا العام مكافئاً لنحو 300 مليون وظيفة بدوام كامل، وفقاً للتقرير، ويعتقد صندوق النقد أن الضربة الكارثية لسوق العمل كانت أكثر حدة بالنسبة للعمال ذوي المهارات المنخفضة الذين لا يملكون خيار العمل من المنزل، كما يبدو أن خسائر الدخل لم تكن متساوية بين الجنسين.
|