الجميع يحذر من الأزمة التي تلوح في الأفق، الجميع يشعر بالقلق حيال الصعود الصاروخي في كومة الديون بفعل تفشي فيروس كورونا، وهذا ما تم التأكيد عليه خلال الأسبوع الماضي عبر العديد من الإشارات.
وفي واقع الأمر، عندما بدأت أزمة "كوفيد-19" في التفاقم وإلحاق الضرر بالاقتصادات حول العالم مع محاولات مكافحة تفشي الوباء، فإن الحل السحري أمام صانعي السياسات كان يكمن في ضخ الأموال بوتيرة غير مسبوقة لدعم النظام الاقتصادي من الانهيار.
وبما أن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، فإن هذه السياسة أدت إلى مراكمة الديون بسرعة فائقة كونها في الأساس قائمة على تيسير شروط الائتمان وتدشين برامج التحفيز وخفض معدلات الفائدة لمستويات متدنية.
وفي سياق محاولات دعم الأسواق المالية من الانهيار، قامت البنوك المركزية حول العالم بتسريع وتيرة شراء الأصول، وعلى رأسهم المركزي الأمريكي، حيث عاودت الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الصعود أعلى 7 تريليونات دولار في الأسبوع الماضي.
وأقرت حكومات العالم حزم تحفيز مالية على الصعيد العالمي بنحو 11 تريليون دولار منذ اندلاع الأزمة الصحية الحالية بالإضافة إلى 5 تريليونات دولار أخرى لا تزال في طور الإعداد.
ومع هذه الشروط الميسرة للاقتراض، فإن احتمالات التعثر عن سداد الديون تتزايد وبالتبعية المخاطر على التوقعات المستقبلية حول تعافي الاقتصاد.
وصعد إجمالي الديون العالمية نسبة للناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستوى قياسي جديد عند 331 % في أول ثلاثة أشهر من العام بما يوازي 258 تريليون دولار مع ظروف التيسير وسط وباء "كوفيد-19"، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي.
وتعتزم المملكة المتحدة جمع 375 مليار جنيه إسترليني من سوق السندات في غضون أول 8 أشهر من العام المالي الحالي الذي بدأ في أبريل، وهو أعلى بكثير من الأموال القياسية التي اقترضتها بريطانيا والبالغة 228 مليار جنيه إسترليني في ذروة الأزمة المالية العالمية.
وفي إشارة على قتامة الموقف، تعتقد كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي "كارمن راينهات" أنه من المرجح للغاية أن تقوم مجموعة دول العشرين بتجميد مدفوعات خدمة الديون للدول الأشد فقراً لما بعد عام 2020 بالنظر إلى أن الأزمة استغرقت وقتاً أطول للتغلب عليها مما كان متوقعاً في البداية.
ومن المرجح أن تتزايد حالات إفلاس الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم ثلاث مرات خلال العام الجاري مع غياب الدعم الحكومي الكافي، لتصل إلى 12 بالمائة بدلاً من 4 بالمائة قبل تفشي الوباء، طبقاً لتقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي.
ويتوقع كذلك محللون أن تواجه البنوك التجارية في الصين ضغوطاً هبوطية على الأرباح والهوامش كونها مهددة بموجة من القروض المعدومة (أو القروض السيئة التي يتعثر أصحابها عن سدادها في الموعد المحدد).
ولا يزال الاقتصاد العالمي في مرحلة الخطر ولم يصل إلى بر الأمان مع مزيد من الإضطرابات الناجمة عن موجة ثانية من الإصابات، كما تقول رئيسة صندوق النقد "كريستالينا جورجيفيا".
وفي علامة تؤكد على القلق المزعج، أظهرت نتائج أعمال عن الربع الثاني من هذا العام والصادرة في الأسبوع الماضي أن البنوك الأمريكية رفعت مخصصات خسائر القروض.
ورفع "مورجان ستانلي" مخصصات خسائر الائتمان للقروض بنحو 40 % في الربع الماضي، كما تراجعت أرباح "بنك أوف أمريكا" مع زيادة هذه المخصصات، وهي الخطوة نفسها التي نفذها "جولدمان ساكس".
ومن جانبه، يحذر المستشار الاقتصادي في مؤسسة أليانز العالمية محمد العريان من أن الضغوط المالية الناجمة عن فيروس كورونا أبعد ما يكون عن النهاية، قائلاً إن المستثمرين يجب أن يستعدوا لأزمة ديون.
|