هناك الكثير من الأسباب التي تدعو للقلق بشأن الخسائر الاقتصادية القياسية التي عانت منها الولايات المتحدة في الربع الثاني من عام 2020، على رأس هذه الأسباب أن التأثير على العمال والأسر كان شديدًا، كما أن أجزاء كثيرة من الاقتصاد ستضرر لسنوات، بحسب ما يراه "مايكل ستران" في تحليل عبر وكالة "بلومبرج".
كما تضمن الأنباء الاقتصادية السيئة المعلنة يوم الخميس الماضي جولة أخرى من الأخبار الجيدة المخادعة في الخريف، والتي قد تؤدي إلى ثقة لا مبرر لها تمنح صناع السياسة حجة لتقديم دعم غير مناسب للاقتصاد الضعيف، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني بوتيرة سنوية 32.9 بالمائة، ويعد هذا أكبر انخفاض على الإطلاق ويعكس تأثير كورونا وأوامر البقاء في المنزل على الصعيد الوطني في معظم فصل الربيع.
هذه الخسائر جميعها تؤكد الزيادة المتوقعة للناتج المحلي الإجمالي والتي قد تتجاوز 10 % في الربع الثالث من عام 2020، ويقدر الاقتصاديون في "جي.بي.مورجان" أن الناتج المحلي الإجمالي لشهر يونيو يزيد 5 % عن متوسط الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو، لذا، حتى لو لم ينمو الاقتصاد على الإطلاق في يوليو ، وأغسطس وسبتمبر ، فإن الربع الثالث من المتوقع أن يتفوق على الربع الثاني بهامش كبير.
وفي توقعات صدرت في أوائل يوليو ، توقع مكتب الميزانية في الكونجرس أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث بوتيرة سنوية 17 %، لكن يجب إجراء مراجعة هبوطية لهذه التوقعات نظرًا للأداء الاقتصادي الضعيف في يوليو ، ولكن نمو الناتج المحلي الإجمالي المكون من رقمين لا يزال محتملًا، كما يتوقع مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي نموًا سنويًا نسبته 7.9 % خلال الربع الرابع.
لكن الأداء الاقتصادي الإيجابي الذي يلفت الأنظار بعد الخسائر الاقتصادية التي لا مثيل لها ليس مفاجئًا، فإحصاءات النمو الفصلية هذه نسبية، والانخفاض الهائل في النشاط الاقتصادي في مارس وأبريل يعني أن أداء الاقتصاد في أغسطس وسبتمبر يمكن أن يبدو جيدًا جدًا رغم أنها ستظل ضعيفة للغاية بالمعنى الأهم.
وتعكس توقعات مكتب الموازنة هذا، فعلى الرغم من المكاسب الكبيرة في النصف الثاني من عام 2020، إلا أنه يتوقع أن الاقتصاد قد يتقلص بنسبة 5.9 % في نهاية عام 2020 مقارنة بنهاية عام 2019،سيكون هذا، وبالتأكيد، تخفيضًا مدمرًا في الإنتاج والدخل والازدهار.
ولن يتم نشر أرقام الناتج المحلي الإجمالي الرسمية للربع الثالث من الحكومة حتى وقت الانتخابات الرئاسية تقريبًا في نوفمبر، ولكن سيكون هناك الكثير من المؤشرات من الآن وحتى ذلك الحين ستعكس نفس الديناميكية الخادعة: اقتصاد ضعيف جدًا يتحسن بسرعة، على سبيل المثال، يمكن أن ينخفض معدل البطالة بنسبة 20 % بين يونيو وأكتوبر وهذا سيعكس تحسن سوق العمل بسرعة، لكن الانخفاض بنسبة 20 % سيبقى المعدل عند 8.9 %، وهو مستوى مرتفع بشكل كارثي.
وتشكل هذه الإحصائيات المربكة والمتناقضة خطرين، أولاً، يمكن أن يؤدي نمو الناتج المحلي الإجمالي القياسي والتحسن السريع للمؤشرات الاقتصادية إلى دفع العديد من الأشخاص الذين لا يتأثرون بشكل مباشر بالاقتصاد الضعيف إلى الاعتقاد بأن الاقتصاد سليم أو حتى مزدهر، هذا يؤدي إلى المشكلة الثانية، وهي خطر تقويض الدعم السياسي من قبل الكونجرس لتدابير إضافية لدعم التعافي الاقتصادي.
ربما نشهد هذا إلى حد ما في مناقشة هذا الأسبوع في "الكابيتول هيل" خلال الجولة التالية من الحوافز الاقتصادية، يبدو أن التحسن السريع في سوق العمل وإنفاق المستهلكين في مايو ويونيو ساهم في الرضا عن النفس لدى العديد من المشرعين الجمهوريين الذين لا يبدو أنهم يقدرون أنه حتى مع هذين الشهرين الجيدين، فإن الاقتصاد لا يزال أسوأ مما كان عليه منذ الكساد الكبير، بعد الاضطرابات في يوليو بسبب عودة الفيروس في جنوب وغرب البلاد، فإن وتيرة التحسن الاقتصادي خلال الخريف والشتاء أقل تأكيدًا، ومن الممكن أن يكون اقتصاد الولايات المتحدة في المستقبل بمثابة "رجل يأخذ ثلاث خطوات إلى الأمام ثم خطوة إلى الوراء"، كن من الصعب تخيل أن الاقتصاد في بداية الإدارة الرئاسية المقبلة لن يكون أقوى بكثير مما هو عليه اليوم.
ومن الصعب أيضًا أن نتخيل أن الاقتصاد في ربيع عام 2021 لن يكون ضعيفًا للغاية، مع بطالة عند مستويات الركود، ومن المرجح أن تغذي الأخبار الاقتصادية الجيدة الرضا عن النفس الذي قد يصبح تهديدًا كبيرًا للتعافي الاقتصادي، فلا يجب أن ينخدع الكونجرس.
|