كشفت دراسة مصرفية حديثة أن حركة الاندماجات والاستحواذات التى تمت من جانب بنوك عربية واجنبية على بنوك مصرية خلال السنوات الماضية قد أفرزت عددا من المؤشرات المصرفية المهمة بالسوق المحلية.
وأكدت الدراسة، التى أعدها الخبير المصرفى أحمد آدم، أن أهم نتائج حركة الاندماجات والاستحواذات تغطية العجز بمخصصات البنوك، موضحة أن أغلب بنوك مصر كانت تعاني عجزًا كبيرًا بالمُخصصات وببيع هذه البنوك تعهد من استحوذ عليها من البنوك غير المصرية بتغطية العجز في المخصصات طبقًا لبرامج زمنية تم تحديدها والاتفاق عليها مع البنك المركزى المصرى.
واستطاعت جميع البنوك -التي تم بيعها- تغطية العجز في مخصصاتها ما عدا بنك واحد فقط يمكن له تغطية العجز في مخصصاته بالكامل نهاية هذا العام، وهو ما جعل محافظ البنك المركزي المصري يؤكد في مناسبات متعددة أن جميع بنوك مصر باتت حاليًا تحقق صافي أرباح عدا بنك واحد فقط.
أما النتيجة الثانية التى تمخضت عنها عمليات الدمج والاستحواذ طبقا للدراسة فهى حودث توسع أفقي في أغلب محافظات مصر فعلى الرغم من انخفاض عدد البنوك العاملة بمصر من 62 بنكًا إلى 39 بنكًا حاليا إلا أن التوسع الأفقي الذي قامت به البنوك وخصوصاً الأجنبية والعربية قد زادت معه عدد الفروع من 1722 فرعاً عام 2003 إلى 2405 فروع عام 2009 وقد أدى هذا التوسع إلى تقديم الخدمات المصرفية لأغلب محافظات ومدن مصر وجميع مناطق القاهرة الكبرى وتخفيض زمن تقديم الخدمة المصرفية وكذا زيادة معدلات النمو بنشاط الودائع وهو ما كان القاطرة التي جرت معدلات نمو الأصول بالجهاز المصرفي المصري للتنامي وبشكل واضح.
إضافة إلى ذلك فقد كانت هذه العمليات إيذانًا باستقدام تكنولوجيا مصرفية عالمية، فأوضح "آدم" فى دراسته: "كنّا قبل دخول البنوك العربية والأجنبية نعاني من تدني التكنولوجيا المصرفية المستخدمة بجهازها المصرفي المصري مقارنة بالبنوك العامة بالدول الأوروبية والدول العربية البترولية وكان تطوير التكنولوجيا المصرفية ببنوكنا يستلزم تكلفة لم تتحملها بنوكنا في ظل عدم تحقيق معظمها أرباحًا وبدخول البنوك العربية والأجنبية تطورت وبصورة مذهلة وسريعة التكنولوجيا المصرفية المستخدمة في البنوك العاملة بمصر وما واكبها من تدريب وتأهيل للكوادر المصرفية على إستخدام هذه التكنولوجيا وهو ما ألغى الفروق التي كانت بين المصرفي المصري ونظيره الأوروبي والعربي في مجال استخدام التكنولوجيا المصرفية".
وطبقا للدراسة فقد واكب استخدام هذه التكنولوجيا تقديم خدمات مصرفية سريعة ومتطورة ومنتجات مصرفية جديدة تتناسب مع مختلف مستويات المتعاملين مع البنوك والمحصلة النهائية هي شكل براق للبنوك العاملة بمصر لا يقل عن نظيرتها بالدول المتقدمة.
وعدد أدم فى دراسته نحو 11 عاملا أكد أنها عوامل الجذب الاساسية للبنوك الاجنبية والعربية الى السوق المصرية وقسم هذه العوامل الى داخلية وخارجية، أما العوامل الداخلية فترى الدراسة أنها هيأت المناخ لكي يصبح قطاع البنوك جاذباً للاستثمارات وأهمها خروج مصر من قائمة الدول التي بها نشاط غسل أموال لأن دول هذه القائمة تجد صعوبات جمة وإجراءات معقدة عند التعامل مع أي بنوك خارجية كما تجد صعوبات في دخول وخروج رؤوس الأموال وهي ما تمثل عوامل طرد لأي استثمارات مباشرة وبخروج مصر من هذه القائمة زادت الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر وتسارع برنامج الخصخصة تسارعاً كبيراً.
اضافة الى صدور قرار تحرير سعر الصرف وهو القرار الذي آثار مخاوف الخاصة قبل العامة عند صدروه إلا أن قيام البنك المركزي بتفعيل نظام الإنتربنك الدولاري وهو ما جعل العملات الأجنبية متوافرة بالبنوك عند طلبها وخصوصا لفتح الاعتمادات المستندية الخاصة بالاستيراد وهو ما أدى في النهاية للقضاء تماماً على السوق الموازية وتوفير العملات الأجنبية بشكل سمح بحرية تامة في تحويلها داخل أو خارج حدود البلاد.
وأوضحت الدراسة ان الإسراع في برنامج الخصصة أدى لزيادة الاستثمارات المباشرة ودخول مستثمرين أجانب خصوصاً بعد السماح ببيع صناعات إستراتيجية كان الاقتراب منها فيما سبق خطاً أحمر مثل صناعات الأسمنت وهو ما أدى لزيادة المعروض النقدي في السوق وكذلك حاجة المستثمرين لبنوك من نفس جنسياتهم لتقديم خدمات مصرفية لهم بأسعار خاصة الى جانب ذلك زيادة أعداد السائحين ونشاط قطاع السياحة في مصر وهي التي تتميز بأنها منطقة جذب سياحي طوال فصول السنة وهذا أيضا يعني زيادة في حركة التداول النقدي والتحويلات المالية وصاحب زيادة السياحة العربية لمصر زيادة في الطلب على العقارات فزادت الاستثمارات العقارية وخصوصاً في مجال الإسكان الفاخر ودخلت شركات عقارية عربية كبيرة للاستثمار بمصر.
يأتى الى جانب ذلك تحقيق بنوك أجنبية في مصر تعمل منذ فترة طويلة لمؤشرات كفاءة استخدام مصرفية عالمية ومستوى أداء مصرفي قوي وحققت أرباحاً سنوية تجاوزت رؤوس أموالها. ونقصد بها بنكي (سوسيتيه جنرال وHSBC) كل هذه العوامل غلفها إطار من العلاقات الطيبة لمصر سياسياً مع أغلب دول العالم بصفة عامة والدول ذات الثقل الاقتصادي والعسكري بصفة خاصة (أمريكا ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ روسيا) وهو ما أصبحت معه مصر آمنة تماماً من أي خلافات سياسية مع دول أخرى قد تؤدي لإرتفاع مخاطر الاستثمار.
أما العوامل الخارجية فتتمثل فى الفوائض البترولية الضخمة التي حققتها الدول البترولية العربية بعد الطفرة التي حققتها أسعار البترول حيث بلغ معدل النمو بالسعر الإسمي للبرميل بالدولار 119% فيما بين عامي 2001 و 2005 وهو ما أدى لزيادة عائدات البترول وبشكل كبير فقد بلغت بدولة الإمارات 41.8 مليار دولا عام 2005 مقابل 22.4 مليار دولار عام 2001 وبلغت بالسعودية 147.7 مليار دولار عام 2005 مقابل 59.8 مليار دولار عام 2001 وبلغت بدولة الكويت 40.2 مليار دولار عام 2005 وأضحت الدراسة أن الدول العربية البترولية لديها مشكلة مزمنة تتمثل في زيادة معدل الادخار وبصورة كبيرة عن معدل الاستثمار وهو ما يجعلها تبحث عن فرص خارجية لاستثمار فوائضها المالية.
وأشارت الدراسة الى أن بدء ظهور اكتشافات بترولية جديدة بسواحل مصر على البحر المتوسط دفعت الدول الأوروبية وأمريكا لزيادة استثماراتها في مجال البترول والغاز الطبيعي بمصر هذا بخلاف أن السودان وهو القطر الشقيق لمصر بدأت به بوادر إكتشافات بترولية هامة والخلافات الداخلية بالسودان متأججة ومصر أقرب الدول للسودان اعتبرت محطة مهمة لاستثمارات أجنبية متحفزة لأي فرصة للانطلاق للسودان.
.
|