دعا الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى تبنّي توجّهات جديدة ومنهجيات مبتكرة لتطوير منظومة العلامات التجارية، مشدّداً على أهمية إيجاد بيئة تشريعية مرنة تواكب التطورات التكنولوجية والمتغيرات المتسارعة ضمن الأسواق الإقليمية والعالمية، وذلك في إطار الشراكة الوثيقة بين الجهات المشرّعة والمبتكرين وصنّاع القرار وقادة الأعمال والقطاع الخاص.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها معاليه خلال مشاركته في "مختبر ابتكار مستقبل العلامات التجارية ما بعد كوفيد-19"، والذي عقد افتراضياً بمشاركة رفيعة المستوى من القطاعين الحكومي والخاص، من أجل استشراف الآفاق المستقبلية للعلامات التجارية في مرحلة "ما بعد كورونا" واقتراح وبحث آليات عمل متكاملة تعزز فعالية وكفاءة العمل الحكومي، بما يخدم مسار التنمية الاقتصادية ويسهم في تعزيز تنوع ومرونة الاقتصاد الوطني.
وأكّد الدكتور أحمد بالهول الفلاسي أهمية توحيد الجهود لتذليل العقبات الناشئة أمام العلامات التجارية في ظل التحديات الراهنة، فضلاً عن تبنّي منهجيات فاعلة لتعزيز مساهمتها كرافدٍ للاقتصاد الوطني من خلال دعم حضور المنتج الإماراتي عالمياً وزيادة زخم الصادرات الوطنية ونفاذها للأسواق الكبرى.
ولفت إلى أنّ تعزيز حضور العلامات التجارية الإماراتية عالمياً سيحقق عوائد إيجابية للاقتصاد الوطني، ويزيد جاذبية المنتج المحلي في الأسواق الكبرى، ويسهم بالارتقاء بجودة المنتجات المحلية من خلال خوض غمار المنافسة العالمية، داعياً إلى مواصلة العمل على تطوير منظومة داعمة لتوسيع نطاق انتشار العلامات التجارية الإماراتية في الأسواق الدولية، استناداً إلى مرتكزات محدّدة، أوّلها تعزيز إمكانات حاضنات ومسرعات الأعمال، وإطلاق نظام تصنيف العلامات التجارية الإماراتية ونظام متابعة للعلامات التجارية.
وقال الفلاسي: "شكّل مختبرنا الابتكاري منصة استراتيجية مهمة لمناقشة المسارات التنموية في مجال العلامات التجارية، لا سيّما في أعقاب جائحة "كورونا" التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي وطال تأثيرها مختلف القطاعات الحيوية، بما فيها العلامات التجارية.
وأثبتت الظروف الراهنة أن المنهجيات التقليدية لم تعد قادرة على توفير الحلول للتحديات المستجدة.
ولم يعد تبني الابتكار والنهج الاستشرافي خياراً، وإنّما أصبح ضرورةً حتمية لمواكبة التطورات المتسارعة على مختلف المستويات، بما فيها العلامات التجارية وكافة تطبيقات الملكية الفكرية."
وتابع بالقول: "يشكل تسريع إصدار التراخيص وإتمام الموافقات والإجراءات الحكومية أحد المحاور الهامة التي ينبغي التركيز عليها، حيث سيساهم ذلك في تعزيز التكامل في عمل مزودي الخدمات وزيادة مساهمتهم الداعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وينبغي، في هذا الإطار، اتباع آليات عمل استباقية تستشرف من خلالها العلامات التجارية التوجهات المستقبلية للحركة التجارية، مُستندةً إلى دراسات وأبحاث السوق. وهنا تبرز أهمية التعاون بين الشركاء وأصحاب المصلحة من مختلف القطاعات من أجل إحداث نقلة نوعية تعزز مرونة الأطر التشريعية والتنظيمية فيما يتعلق بالعلامات التجارية، بما يُسهم في تسريع وتيرة تبني المفاهيم الناشئة والأساليب المُبتكرة، وصولاً إلى بيئة أكثر تنافسية في منظومة العلامات التجارية والملكية الفكرية."
وأضاف الفلاسي: "تحرص حكومة الإمارات على دعم وتشجيع كافة جهود التحوّل نحو الاتجاهات الجديدة القائمة على الابتكار والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
إذ لطالما كانت الدولة، في ظل دعم وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، من أكثر دول المنطقة استعداداً لتطوير أنظمة الملكية الفكرية، بما فيها العلامات التجارية وبراءات الاختراع والمصنفات الفكرية، اعتماداً على التقنيات الرقمية المتقدمة بما يتماشى مع الرؤية الحكومية القائمة على بناء اقتصاد تنافسي متنوع قائم على المعرفة والابتكار."
وأشار الفلاسي إلى أنّ العلامات التجارية، كونها إحدى المحاور الرئيسية لحماية حقوق الملكية الفكرية، تمثل ركيزة لتنمية الابتكار وتشجيع الإبداع والاختراع في أنشطة الأعمال، وتحفيز البحث والتطوير في القطاع الخاص عبر حماية مخرجاته، لافتاً إلى أنّها دعامة أساسية لتعزيز الثقة بالأسواق وقطاع الأعمال، ومكافحة الغش والتقليد وحفظ حقوق المؤسسات والشركات والأفراد وتشجيع أصحاب الاختراعات وتوفير المناخ الملائم لتحويل الأفكار الإبداعية إلى تطبيقات وحلول مبتكرة تسهم في النمو الاقتصادي والارتقاء بتنافسية الدولة.
واختتم الفلاسي: "مما لا شكّ فيه بأنّ العالم ما بعد كورونا لن يعود إلى ما كان عليه في السابق، ما يحتّم تبني منهجيات جديدة ومبتكرة تضمن تعزيز القدرة على مواكبة التغيرات والاستمرارية والتنافسية.
وسيبقى الاستثمار في الابتكار وتسريع وتيرة التحول الرقمي حجر الأساس لضمان استمرارية عمل المؤسسات والشركات تحت كافة الظروف.
وسنمضي قدماً من جانبنا في إرساء دعائم الابتكار والاستدامة والاستباقية لدفع مسار التنمية باعتباره أحد أبرز الثوابت الأساسية في سياساتنا واسترتيجياتنا الحكومية، انسجاماً مع تطلعات القيادة الرشيدة والرؤى الوطنية الرامية إلى تحقيق التقدم والازدهار والرخاء والسعادة للأجيال الحالية والمستقبلية."
وتخلّل جدول أعمال "مختبر ابتكار مستقبل العلامات التجارية ما بعد كوفيد-19" استعراض آفاق تطوير العلامات التجارية الإماراتية واستثمارها بالشكل الأمثل للوصول بها إلى مواقع الصدارة في التصنيفات العالمية، مع تسليط الضوء على أفضل السبل الضامنة لزيادة العوائد المتعلقة بتصدير العلامات التجارية وإيجاد حاضنات أعمال ونظم لتصنيف ومتابعة للعلامات التجارية الإماراتية.
وتناولت المناقشات أيضاً كيفية رفع كفاءة وفعالية دور مزودي الخدمات، وتحقيق التكامل فيما بينهم وتعزيز دورهم المحوري في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال التسريع في التسجيل وتنفيذ دراسات وأبحاث حول محفظة العلامات التجارية، في سبيل الخروج بمخرجات منصة متكاملة لمزودي الخدمة وتقديم خدمات استباقية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الارتقاء بمسؤولياتهم المجتمعية.
ويجدر الذكر بأنّ "مختبر ابتكار مستقبل العلامات التجارية ما بعد كوفيد-19" الاول من نوعه على مستوى المنطقة في مجال العلامات التجارية شهد مشاركة افتراضية واسعة من قبل ممثلين عن "الهيئة السعودية للملكية الفكريةsaipksa " و"المنظمة العالمية للملكية الفكرية wipo " و"الجمعية الدولية للعلامات المشهورةINTA "، بالإضافة إلى "الجمعية الدولية للملكية الفكرية AIPPI" و"المكتب الفرنسي للملكية الصناعية INPA" و"مؤسسات دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدولة" ومزودي الخدمة من وكلاء التسجيل للعلامات التجارية.