انطلقت مركب الملك خوفو من مقرها على مدار آلاف السنين بمنطقة الأهرامات الأثرية ، لتبحر في طريقها الى مقرها الجديد بـ المتحف المصري الكبير ، لتنضم إلى أساطيل الآثار والتاريخ، والكنوز المصرية القديمة.
واستعدت الدولة المصرية لذلك الحدث بأحدث التقنيات والأساليب العلمية والتكنولوجيا ، لضمان سلامة وصول مركب الملك خوفو إلى المتحف المصرى الكبير بسلام.
قال اللواء عاطف مفتاح المشرف على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة، إن مهمة نقل مركب الملك خوفو "مركب الشمس"، تمت على 3 أيام حتى أمس ونجحت نجاحا باهرا.
أكد اللواء عاطف مكملين اليوم وغدا فى مهمة النقل، مشيرا إلى أنه سيكون هناك مؤتمر صحفي كبير عقب انتهاء النقل بالكامل، والتعامل مع عملية نقل المركب يتم عبر احترافية كاملة.
واوضح المشرف على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة ، أن ما يدور من تفاصيل مرتب له من شهر مايو 2019 حتى اليوم ، بمنهج علمي دقيق، واصفا أن ما حدث أمس من خروج مركب الملك خوفو من المبني الخاص به بمنطقة الأهرامات معجزة.
تابع أن مركب الملك خوفو لا تزال إلى الآن فى منطقة الأهرامات، ويتم النقل بشكل هندسي احترافي ، بأيدي محترفين مؤكدا أنه حدث عظيم.
قال الدكتور حسن سليم أستاذ الآثار المصرية بجامعة عين شمس وعضو اللجنة العلمية في المتحف المصري الكبير، إن أول مركب وجدت في التاريخ، في المقابر الملكية بـ عصر الأسرة الأولى و الثانية في منطقة سقارة، ولدينا الملك حو راع في الجانب الشمالي من المقبرة ووجدت حفرة لمركب واتجاهها في الاتجاه الشمالي لأن الديانة في الفترة الخاصة بها الديانة النجمية حيث يعتقد أن روح الملك تعيش في الشمال مع النجوم التي لا تفنى "النجوم القطبية" ويعتقد في ذلك أنه يعيش للأبد وهى كانت اول فكرة لأول مركب في الحضارة المصرية القديمة.
تابع دكتور حسن استمرت فكرة المراكب الملكية في منطقة سقارة، في حين أن منطقة أبيدوس كان ملوكها ينشئون مقبرتين واحدة في سقارة وأخرى في أبيدوس ، وعملوا "بارك" للمراكب، واصفا أن الحفر المكتشفة صنعت على هيئة مركب من الطوب اللبن ويضع بداخلها مركب خشب.
لافتا أن الاتجاهات للمراكب الأولي كانت تأخذ الاتجاه الشمالي.
أفاد أن الأسرة الثالثة لم يضع ملوكها أي مراكب حول مقابرها ، ولكن بداية من الأسرة الرابعة مع الملك خوفو أنشئ 5 حفر للمراكب ، 3 موجودة في الجانب الشرقي و 2 موجودة في الجانب الجنوبي ، وأثناء الحفر لم نجد في الجانب الشرقي مراكب خشبية ، ولكنها أظهرت واحدة على الشمال من المعبد الجنزى و الثانية على الجنوب من المعبد الجنزي ، وأخرى للشمال من نهاية الطريق الصاعد بالهرم ، وهى مجرد مراكب رمزية من الحجر.
أوضح أن فيما يتعلق بمراكب الملك خوفو الموجودة بالجانب الجنوبي ، وجدنا مركب خشب مفككة بطول يقارب 43 مترا والصغيرة منها تقارب 3 سنتميترات ، أطلق عليها في حينها الآثاري كمال الملاخ مركب الشمس، وهو مصطلح غير دقيق نسبيا، حيث إنها مراكب جنائزية وليست شمسية، والمراكب الشمسية هي الكائنة بالجنب الشرقي.
أشار الى أن المرمم المصري أحمد يوسف، رمم مركب خوفو واصفا أن بترميمه مركب الشمس يعد إعجازا ، مشير الى أن المصري القديم تمتع بالذكاء حيث كان يضع على كل قطعة من المركب اتجاهاتها لإعادة تركيبها و تفكيكها.
تابع أن المراكب استخدمت لانتقال الملك من الشرق "مكان القصر" للغرب إلى الجبانة "الهرم".
انتقل فى حديثه الى مراكب الملك خفرع قائلا : وجدنا له مراكب ولكنها مراكب رمزية و كانت في اتجاه واحد الشرقي 2 على شمال الطريق الصاعد و 2 على جنوب الطريق الصاعد ، دون ان يكون له اى مراكب خشبية ، وفيما يتعلق بالملك منكورع لم يجد حفر مراكب.
أضاف الى أن في عصر الاسرة الخامسة الملك أوناس أو "ونيس"، يمتلك هرم هام حيث لأول مرة تجمع النصوص الدينية لبعث الملك المتوفي في العالم الآخر في الهرم الخاص به، وعمل مركبين على الجنوب من الطريق الصاعد الخاص به مراكب رمزية من الحجر.
كشف أن نقل مركب الملك خوفو إعجاز حقيقي حيث إنه لم تفك أجزاء المركب ، بل سيتم نقلها عبر قفص حديدي ، متابعا أنه كان في البداية سيتم عرضها في المدخل الكبير بالمتحف المصري الكبير و لكن السيناريو تم تغييره ، ليكون عرضها تجاه الملك رمسيس الثاني.
لفت أن مركب الملك خوفو إعجاز حيث بقيت آلاف السنين لتكون بشكلها الحالي منذ عصر الدولة المصرية القديمة ، متوقعا أنه سيتم نقل المركب إلى المتحف المصري الكبير ثم سيتم بناء المتحف الخاص بها عليها.
وعن طريقة نقل مركب الملك خوفو الى المتحف المصري الكبير ، سيتم وضعها داخل قفص جديد ليتم نقلها ، تحت إشراف خبراء المرممين والآثاريين ، لافتا أن شباب المرممين بالمتحف المصري الكبير على أرقي وأذكى درجات الكفاءة.
ووصف نقل مركب الملك خوفو بـ الجرأة من الهرم للمتحف الكبير ومن الأعمال العظيمة.
قال الباحث الأثري أحمد عامر إن مراكب الشمس هي مراكب رمزية رسمت على الجدران، لكن ليس لها وجود حقيقي، فهي مجرد وسيلة انتقال في رحلة تجسد الحياة ما بعد الموت، وهي مركب لدى المصريين حملت الروح بعد الموت، وقد امتلك الملوك في مصر القديمة مراكب جنائزية وهي التي تحاكي مراكب الشمس، وتمثل فكرة النعش في عصرنا الحالي وتزور بالملوك الأماكن المقدسة، ويعتقد أنه رغم كون مركب خوفو وجدت في أماكن للدفن إلا أنها لم تكن جنائزية بل للاستخدام الدنيوي، أما عن حكاية اكتشافها فقد مضي على اكتشافها حوالي ٦٧ عاما، وتعد من أهم اكتشافات القرن العشرين، مركب الملك خوفو (2551- 2528 ق.م.) التى تقع جنوب هرمه الأكبر وفى الناحية الشرقية من ضلعه الجنوبى تحديدا.
وتابع "عامر" أن فى الحفرة الأولى التى تقع جنوب شرق الهرم الأكبر، عثر كمال الملاخ فوق سطحها على إحدى وأربعين كتلة ضخمة من الحجر الجيرى الجيد المستجلب من محاجر طره الملكية، وبداخل هذه الحفرة البالغ طولها حوالي 31,2م، وعرضها 2,6م، وعمقها 3,5م، عثر على مركب خشبى كبير مفكك إلى حوالي 1224 قطعة خشبية من خشب الأرز القادم من لبنان موضوعة بعناية فائقة فى 13 طبقة فى أماكنها الأصلية، ومختلفة الأطوال مابين 23م و10سم، بالإضافة إلي العثور على كميات كبيرة من الحبال والحصير، والمجاذيف الخاصة به.
وأشار "عامر" إلي أن نقل مركب خوفو سوف يساهم في إحداث طفرة كبيرة للمتحف المصري الكبير، وذلك بجانب القطع الأثرية الفريدة والهامه، أهمها علي الإطلاق مجموعة الفرعون الصغير "توت عنخ آمون" مما سوف ينعش السياحة الثقافية بشكل كبير عند إفتتاح المتحف المصري الكبير، كما أن عملية نقل المركب فلابد أن يليق بأهمية ومكانة هذا الأثر الفريد، بالإضافة إلي أن طريقة العرض المتحفي لابد أن تتناسب مع قيمة هذا الأثر الفريد، لأنه بمثابة نقلة حضارية جديدة تضاف إلي الدولة المصرية، عقب نقل العديد من الآثار الهامة أشهرها في الفترة الماضية الحدث الفريد والهام وهو نقل موكب المومياوات الملكية لمتحف الحضارة بالفسطاط.
|