أطلقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وهيروشي أوكا، السفير الياباني بالقاهرة، حوار سياسات التعاون الإنمائي رفيع المستوى بين مصر واليابان في ضوء متابعة تطور العلاقات المشتركة، ومناقشة فرص التعاون المستقبلية.
وحضر حوار السياسات هيديكي ماتسوناجا، مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأوروبا بجايكا، والعديد من المسئولين من السفارة ووكالة "جايكا"، من بينهم كازوهيكو شيميزو، المستشار الاقتصادي بسفارة اليابان بالقاهرة، وكين كاتو، ممثل مكتب جايكا مصر، كما شارك أيضًا كينيشرو كيتامورا، الممثل الرئيسي لمكتب دبي من بنك اليابان للتعاون الدولي "جيبك"، وتويوكازو فوكوياما، المدير التنفيذي لمكتب القاهرة بهيئة التجارة الخارجية اليابانية "جيترو".
ومن الجانب المصري حضر السفير عمر سليم، مساعد وزير الخارجية للشئون الثقافية، وممثلو وزارات البترول والثروة المعدنية والبيئة وصندوق التنمية الحضرية، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والأكاديمية الوطنية للتدريب، ومصلحة الضرائب، والبنك الزراعي المصري، وهيئة قناة السويس، بالإضافة إلى شيماء البحيري، المشرف على ملف التعاون الآسيوي بالمكتب الفني لوزيرة التعاون الدولي.
ورحبت وزيرة التعاون الدولي، بالمسئولين من السفارة اليابانية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) وبنك اليابان للتعاون الدولي وهيئة التجارة الخارجية اليابانية، مشيرة إلى أهمية انعقاد حوار السياسات رفيع المستوى بين الجانبين المصري والياباني، والذي أصبح نهج رئيسي في وزارة التعاون الدولي يتم اتباعه مع كافة شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين بحضور ممثلي كافة الوزارات الجهات الوطنية لوضع استراتيجيات التعاون الإنمائي، بما يعزز الجهود التنموية المشتركة في إطار أولويات الدولة التنموية.
وأشارت "المشاط"، إلى أهمية انعقاد حوار السياسات على مستوى عالٍ من التمثيل بهدف تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والارتقاء بمحفظة التعاون الإنمائي والتي تمثل حاليًا 2.8 مليار دولار، وتبادل الرؤى ووجهات النظر بشأن التعاون المستقبلي وفقًا للأولويات التنموية، فضلا عن مناقشة المشروعات الجارية والتغلب على أي معوقات تحول دون تنفيذها بما ينعكس على مساعي الدولتين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أشارت إلى أهمية مشاركة بنك اليابان للتعاون الدولي وهيئة التجارة الخارجية اليابانية في حوار السياسات، حيث يمثل حجم التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين مؤشر جيد على العلاقات القوية، كما نتطلع لمزيد من التقارب والعمل المشترك لتذليل كافة التحديات.
وقالت وزيرة التعاون الدولي، إنه بلا أدنى شك فقد أصبح التعاون متعدد الأطراف والعمل المشترك أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل الصدمات المفاجئة والأزمات العالمية المتمثلة في تداعيات جائحة كورونا والتغيرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدة أن الحكومة المصرية تعمل على تعزيز العلاقات المشتركة مع كافة الشركاء من أجل المضي قدُمًا في تنفيذ أولوياتها التنموية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات في الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
كما تطرقت إلى استعدادات مصر لاستضافة ورئاسة قمة المناخ COP27، حيث أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 والمحددات الوطنية لتقليل الانبعاثات، كما تعمل على دفع الجهود الدولية للانتقال من التعهدات المناخية إلى التنفيذ وحشد التمويلات المناخية لقارة أفريقيا لدعم جهود التكيف مع تداعيات التغيرات المناخية.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن مصر لا تنظر إلى العمل المناخي باعتباره عاملا منفصلا عن جهود التنمية، لكنهما مترابطان تمامًا، حيث لا يتصور تحقيق التنمية بدون العمل المناخي، لذلك أطلقت وزارة التعاون الدولي برنامج "نُوَفِّي" لتمويل قائمة المشروعات الحكومية الخضراء في مجالات الطاقة والغذاء والمياه، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، وتنفيذًا لتكليفات رئيس الوزراء بإعداد قائمة المشروعات التنموية الخضراء والترويج لها بين شركاء التنمية.
ونوهت بأن الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 تتضمن قطاعات متعددة لكنه تم اختيار القطاعات ذات الأولوية والملحة في الفترة الحالية وهي الطاقة والغذاء والمياه للترويج لها من خلال برنامج "نُوَفِّي"، وجذب الاستثمارات والتمويلات التنموية من شركاء التنمية والقطاع الخاص، حيث يعكس هذا البرنامج تنفيذ تعهدات الحكومة المصرية بتعزيز العمل المناخي، ودعمًا للجهود الدولية في هذا الصدد.
في سياق متصل تطرقت "المشاط"، إلى انعقاد منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي في نسخته الثانية خلال سبتمبر المقبل، والذي سيشهد تجمع وزراء البيئة والمالية الأفارقة لمناقشة وبحث الرؤى المشتركة قبيل انعقاد قمة المناخ.
وأشارت إلى أهمية التنسيق مع القطاع الخاص لزيادة دوره في العلاقات المشتركة المصرية اليابانية وتعزيز مشاركته في جهود التنمية، حيث بلغت التمويلات التنموية المتاحة للقطاع الخاص على مدار العامين الماضيين من شركاء التنمية نحو 4.7 مليار دولار.
ومن جهته، أوضح هيروشي أوكا، السفير الياباني بالقاهرة، أن اليابان ستستمر بدعم التنمية المستدامة بمصر وفقًا لاحتياجات التنمية في مصر من خلال ثلاث مجالات ذات الأولوية، وهم: (أ) دعم النمو الاقتصادي المستدام، (ب) دعم الإدماج الاجتماعي، (جـ) دعم تطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية و التعاون الإقليمي.
وأوضح أن التعاون الياباني مع الحكومة المصرية تحديدًا المشروعات التالية: تطوير جودة البنية التحتية كما هو في خط المترو الربع بالقاهرة الكبرى وبمطار برج العرب الدولي، والتعاون بين القطاع العام والخاص لتوليد طاقة نظيفة استعدادًا للدورة السابعة والعشرون لمؤتمر الأطراف(COP 27) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي سيعقد في مصر نوفمبر هذا العام، والتعاون في قطاع الصحة، ممثلًا في الاستجابة لجائجة كورونا وتطبيق التأمين الصحي الشامل، وكذلك التعاون في مجالات الغذاء والزراعة (الري والأحياء المائية) في ظل الأزمة الأوكرانية، والتعاون في مجالات التعليم وتنمية الموارد البشرية، مثل الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، والمدارس المصرية اليابانية وفقًا للشراكة المصرية اليابانية للتعليم، بالإضافة إلى التعاون الثلاثي وفقًا لمؤتمر طوكيو الدولى الثامن للتنمية فى أفريقيا (التيكاد 8)، والذي سيعقد في تونس الشهر الجاري.
مدير إدارة الشرق الأوسط وأوروبا بجايكا: مصر من الأسواق الناشئة القليلة التي تحقق نمو إيجابي بدعم الإصلاحات التي تبنتها الحكومة المصرية.
وخلال اللقاء، أثنى ماتسوناجا، مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأوروبا بجايكا، على الانجازات والمرونة التي أظهرتها مصر في ظل جائحة كورونا، حيث أن مصر واحدة من الأسواق الناشئة القليلة التي تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي إيجابي في ظل هذه الأزمة، وهو أصبح ممكنًا بسبب الإصلاح الذي تبنته الحكومة المصرية بدعم من القيادة السياسية، قدم أيضًا مسئولو مكتب جايكا مصر عرضًا حول العلاقات المشتركة ومجالات التعاون مع الحكومة المصرية على مستوى التمويلات التنموية والمنح والتعاون الفني، فضلا عن جهود تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية.
كما قدم مسئولو بنك اليابان للتعاون الدولي "جيبك"، عرضًا تقديميًا حول العمل المشترك وجهود البنك في مصر، الذي تبلغ أصوله الحالية على مستوى العالم نحو 142 مليار دولار، وله مكاتب في 18 دولة حول العالم. وقد ساهم البنك في تمويل العديد من المشروعات في مصر مثل خطوط المترو، ومحطة طاقة الرياح بمنطقة رأس غارب، كما تضمن العرض التقديمي عرض خطمة عمل البنك في مصر على المدى المتوسط للفترة من 2021-2023 والتي تستهدف مساندة الجهود الوطنية لتعزيز كفاءة البنية التحتية ودفع أهداف التنمية المستدامة وتوطين الصناعة.
وذكر تويوكازو فوكوياما، المدير التنفيذي لمكتب جيترو بالقاهرة، أنه بالإضافة إلى مساعدات التنمية الرسمية التي تقدمها اليابان، فإن مشاركة الشركات الخاصة اليابانية بالمنتجات والتكنولوجيا والاستثمارت المباشرة في المشروعات قد ساهمت في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في مصر، وأكد على دور جيترو في جذب اهتمام الشركات اليابانية إلى مصر، خاصة في الصناعات الاستراتيجية، من خلال دور جيترو كهيئة يابانية للترويج للتجارة والاستثمار. وأشار إلى مشاركة جيترو مؤخرًا في دعم التعاون بين الشركات الناشئة في مصر واليابان.
وجاء اللقاء في إطار حرص وزارة التعاون الدولي، على الارتقاء بمستوى علاقات التعاون الإنمائي مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، وتطويرها بما يلائم أولويات التنموية الوطنية، ويتناسب مع التطورات الجارية في ظل استضافة مصر لقمة المناخ وسعيها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر ودفع جهود تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
جدير بالذكر أن المحفظة الجارية للتعاون بين جمهورية مصر العربية واليابان بها العديد من المشروعات التي يجري تنفيذها، مثل المتحف المصري الكبير، والمدارس اليابانية، ومحطتي كهرباء في القاهرة والإسكندرية، وتطوير مطار برج العرب، وتطوير مستشفى أبو الريش. ويتم التباحث في الفترة الحالية بشأن المشروعات المستقبلية في مجال الكهرباء والدعم الفني لقناة السويس والتأمين الصحي الشامل ومترو القاهرة الكبرى، تعزيز الاقتصاد الدائري من خلال البلاستيك أحادي الاستخدام.