أكد الدكتور سامح فوزي؛ كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، أن المجتمع المدني قوة ناعمة، وحيوية في شرايين المجتمع، ووعاء المشاركة المجتمعية.
جاء ذلك في افتتاح مؤتمر "عام المجتمع المدني.. التنمية والشراكة في الجمهورية الجديدة" الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي.
وأضاف أن التنوع في المؤتمر يأخذ مظاهر عديدة أبرزها التنوع الجغرافي، حيث تشارك جمعيات أهلية من كل ربوع مصر، والتنوع في وظيفة الجمعيات الاهلية، حيث يظهر دور جمعيات تقدم المساعدات الاجتماعية، وأخرى تنموية، وجمعيات تهتم بحقوق الانسان، وقضايا المرأة.
وأضاف د. سامح فوزي أن المؤتمر يحتضن المثقف والأكاديمي والخبير والممارس، حيث يقدم المثقف رؤيته لما يجب أن يكون، والأكاديمي يدرس ظاهرة المجتمع المدني، والخبير يبحث في الجوانب التقنية والفنية، أما الممارس فهو يقف على الخط الأول في التعامل مع المستفيدين أو أصحاب المصلحة، وتابع أن الحوار بين هؤلاء جميعًا، فضلًا عن الحوار بين الجمعيات والحكومة، وبين السلطتين التنفيذية والتشريعية يعزز الحيوية في المجال العام، ويرتقي بالسياسات العامة، ويطور نوعية الحياة.
وأشار د. سامح فوزي إلى أن عقد مؤتمر المجتمع المدني يأتي في سياق الاحتفاء به خلال عام ٢٠٢٢ الذي شهد أيضا مناسبتين هامتين بالنسبة لنا، الأولى تولي مدير جديد لمكتبة الإسكندرية هو الدكتور أحمد زايد، الذي تبنى المؤتمر، وأطلق برنامجًا جديدًا لدراسة مصر الغد، وأرسى تقاليد مؤسسية في انتقال الادارة بين المديرين الذين تعاقبوا على إدارة المكتبة على أساس من تحقيق التراكم في العمل، والبناء على كل انجاز تحقق.
أما المناسبة الثانية فهي مرور عشرين عامًا على افتتاح مكتبة الإسكندرية، التي تستمر في احتفالاتها لمدة عام بهذه المناسبة، وتحمل كل الأنشطة اللوجو الخاص بهذه المناسبة.
وأقيمت ضمن فعاليات المؤتمر محاضرتان حول تطور المجتمع المدني وإشكاليات المجتمع المدني الثقافي، فضلا عن جلسة بعنوان المجتمع المدني: رؤى واتجاهات.
وتحدث الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، عن إشكاليات المجتمع الثقافي المصري، مشيراً إلى أن المجتمع المدني يشكل عصب قوة مصر الناعمة، فضلًا عن دوره في المحافظة على المواهب واكتشافها ويعد وعاء للضمير الجمعي ومصدر ثراء للمجال العام.
وتطرق د. سعيد المصري إلى الحديث عن التحديات التي تواجه المجتمع المدني الثقافي في مصر وتتمثل في أنها جماعات منغلقة على نفسها فضلا عن نقص الموارد المالية، لافتاً إلى وجود ٢٥٨ مؤسسة تعمل في هذا المجال في حين أن الاعضاء المنتسبين لها لا يتعدى ٢٠٠ ألف شخص.
وتحدث عن غياب التشبيك بين هذه الجمعيات، فضلًا عن وجود خلافات بين العاملين، مؤكدًا أن العمل الثقافي بمفهومه الواسع غير موجود ويحتاج إلى تعزيز.
من جانبها تطرقت الدكتورة أماني قنديل أستاذ العلوم السياسية إلى تطور المجتمع المدني على مدى قرنين من الزمان. وقالت قنديل إن هناك نحو ١٨ألف جمعية لم يتم الاستدلال على عناوينها الأمر الذي يدلل على ضعف منظمات المجتمع المدني مستعرضة أنماط المجتمع المدني منذ نهاية القرن التاسع عشر وصولا للعصر الحديث.
وأشارت إلى أن جمعيات حقوق الإنسان ظهرت خلال بدايات القرن العشرين فيما ظهرت جمعيات حقوق المرأة في نهاية القرن التاسع عشر.
وتحدثت عن أهمية تأسيس أكاديمية لتطوير قدرات العاملين في العمل الأهلي، مشيرة إلى المعوقات الكبيرة التي يعاني منها هذا القطاع والذي يتمثل في عدم الاحترافية في العمل فضلًا عن عدم وجود كوادر مدربة.
وعلى جانب اخر رأس الدكتور شبل بدران جلسة "المجتمع المدني: رؤي واتجاهات"، وتحدث فيها كل من الدكتورة فيفيان فؤاد، مستشارة وزيرة التضامن الاجتماعي لبرامج المواطنة، وعصام شيحة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والدكتور ناصر مسلم، مدير عام التنمية والنوع بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، وهاني إبراهيم عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ويوسف ورداني رئيس مجلس أمناء مؤسسة قدرات مصر للشباب والتنمية.
وقالت الدكتورة فيفيان فؤاد، مستشارة وزيرة التضامن الاجتماعي لبرامج المواطنة، أن شرعية الجمهورية الجديدة قائمة على فكره المواطنة والتي بدأت في عام ٢٠١٣ حين خرج الناس للثورة طلبا للمواطنة.
وتحدثت فؤاد عن التحديات التي تواجه الدولة المصرية في الجمهورية الجديدة منها زيادة عدد سكانها بشكل كبير، ولكن لديها فرصة كبيرة أن عدد كبير من سكانها تحت سن الأربعين.
وقالت إن التحدي الآخر أن الجمهورية الجديدة اقتصادها قائم على الإنتاج وليس اقتصادا ريعيًا، فضلا عن تحديات مياه، لافتة إلى أن المجتمع المدني في الجمهورية الجديدة دوره مهم للغاية في الجمهورية الجديدة والذي يجب أن يؤكد على قيم المواطنة فضلا عن الشراكة الاقتصادية الجديدة والانتقال من فكرة الإغاثة إلى التنمية.
بدوره قال الدكتور عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن تخصيص عام ٢٠٢٢ عام المجتمع المدني هو تقدير من الدولة المصرية للمجتمع المدني وهو نقله نوعية غير مسبوقة بين الدولة والمجتمع المدني.
وأوضح أن المجتمع المدني في السنوات الأخيرة أبهر المصريين فكل المبادرات الرئاسية كان عمادها المجتمع المدني، لافتا إلى أن تغير نبرة الإعلام المصري تجاه المجتمع المدني جاء بنتائج جيدة، لأننا رأينا سنوات عجاف حيث كان ينظر المجتمع المنظمات الحقوقية الي أنها عميلة. وأضاف شيحة أنه عندما تتوفر إرادة سياسية من الدولة المصرية تفتح كل الابواب، فالتمويل الخارجي ليس جريمة فهو حق للدولة المصرية.
وقال إن المجتمع المدني في مصر حصل على تمويل أجنبي تخطى ملياري جنيه خلال العام الجاري وهذا يدل على احترام العالم للدولة المصرية واعتبارها دولة تحترم حقوق الإنسان. وثمّن شيحة الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس السيسي، مؤكدا أهمية الاتفاق على الأولويات في الجمهورية الجديدة.
من جانبه قال الدكتور ناصر مسلم، مدير عام التنمية والنوع بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، أن المجتمع المدني هو الذراع الطولي للدولة للوصول إلى الأماكن التي لا تستطيع الحكومة الوصول إليها.
وأشار إلى أن الجمعيات الأهلية هي التي تنفذ أنشطة المجلس القومي للطفولة والأمومة مثل قضايا الهجرة غير الشرعية وقضايا ختان الاناث، مبينا أن من يدير الجمعيات الأهلية هم قيادات طبيعية في مناطقهم. وأوضح أن المجلس القومي للطفولة والأمومة مجلس مركزي ليس له فروع لذا جري إجراء لجان في المحافظات، فكانت الجمعيات الأهلية هي الساعد الأيمن للمجلس في تنفيذ أنشطته.
بدوره قال هاني إبراهيم، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن هناك قصورًا في عدد منظمات المجتمع المدني في مصر، لافتاً إلى أن العمل الأهلي يحتاج إلى قدرات وتدريبات لكي تكون فعال.
وتحدث ابراهيم عن دور المجتمع المدني في الكوارث الطبيعية والأحداث التي يشهدها المجتمع ومرونته التي لا تتقيد بإجراءات رسمية، فصلًا عن وجود تنوع في الخدمات التي يقدمها أعضاء منظمات المجتمع المدني.
كما تحدث عن معوقات العمل الأهلي منها ضعف مؤسسية المنظمات، وضعف آلية المحاسبة والرقابة والتشرذم، فضلا عن كونه شديد المحلية وضعف وجود مقرات المؤسسات الدولية في مصر.
وطالب بتأسيس صندوق وطني مصري للتمويل بالإضافة إلى تأسيس أكاديمية وطنية للعمل الأهلي، وتعزيز الشراكة بين المجتمع المدني في مصر والمجتمع العربي والإفريقي.
بدوره قدم يوسف ورداني رئيس مجلس أمناء مؤسسة قدرات مصر للشباب والتنمية، عرضًا لمحددات العمل الأهلي الرئيسية، لافتاً إلى أن هناك ٥٢ ألف مؤسسة أهلية. وتطرق إلى الحديث عن انواع التنظيمات الأهلية باختلافاتها، لافتاً إلى أن المجتمع المدني له سمات أبرزها خدمة المجتمع المحلي.