فى إطار سعيها لتوفير السيولة اللازمة لمواجهة عجز الموازنة ، قررت وزارة "المالية" بالتعاون مع البنك "المركزى" إعادة فتح التعامل على سندين حكوميين يوم الأثنين المقبل لتوفير 3 مليارات جنيه ، وتتوزع القيمة على سندين أحدهما لأجل 5 سنوات بقيمة مليارى جنيه والآخر بقيمة مليار جنيه لأجل 7 سنوات.
وضخت البنوك خلال شهر نوفمبر الماضى 50 مليار جنيه فى أدوات الدين الحكومية ،هذا ما تكشفه مجلة "المصرفى" فى تقرير خاص بحركة السيولة البنكية خلال الشهر ، وأوضحت المجلة فى تقريرها أن الحكومة استطاعت فى شهر نوفمبر اجتذاب قيمة الـ 50 مليار جنيه من خلال أدوات الدين المختلفة (طويلة وقصيرة الاجل) بالمقارنة بقيمة تقدر بنحو 40 مليار جنيه فى الشهر السابق ، وكان أحد أهم الأسباب التى دفعت قيمة السيولة الموجهة لأدوات الدين للارتفاع لجوء الحكومة لطرح أذون خزانة دولارية للمرة الأولى وقد استطاعت من خلال هذه الأذون امتصاص 1.5 مليار دولار أى ما يقرب من 9 مليارات جنيه .
وكان البنك "المركزى" قد نظّم مزادا على أول أذن خزانة دولارى لصالح الحكومة فى 29 نوفمبر وقد أسفر المزاد عن تقليص الحكومة لمطلوباتها من مليارى دولار الى 1.53 مليار دولار وذلك نتيجة طلب البنوك لسعر فائدة مرتفع على قيمة المليارى دولار ،وتقدمت البنوك بعطاءات قيمتها فاقت المطلوب لكن بسعر فائدة وصل الى 3.9% ، الأمر الذى جعل الحكومة تقلص مطلوباتها بموجب طرح الأذن الى 1.53 مليار دولار ومن ثم تراجعت تكلفة الاقتراض إلى 3.8% .
ويرجح أن تتجه الحكومة خلال الفترة المقبلة للتوسع بشكل محسوب فى طرح أذون خزانة دولارية لحاجتها للسيولة الدولارية، في ظل تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي بنحو 16 مليار دولار، مقارنة ببداية العام الجاري، ليصل إلى 20 مليار دولار نهاية نوفمبر ، فضلا عن الالتزامات الخارجية التي يجب علي الدولة القيام بها تجاه العالم الخارجي.
وتستطيع البنوك العاملة بالسوق المحلية – طبقا لاسماعيل حسن رئيس بنك مصر ايران للتنمية – تغطية الأذون بالعملة الأجنبية نظرا لأن لديها السيولة المرتفعة التي تمكنها من ذلك وما يدلل على ذلك إقبال البنوك علي الطرح الأول والذى كان كبيرا للغاية حيث قدمت البنوك عروضا بنحو 2.6 مليار جنيه للأذون التي بلغت قيمتها ملياري جنيه ، قبل أن تكتفي الحكومة بنحو 1.5 مليار جنيه فقط حتي تحد من ارتفاع أسعار الفائدة عليها.
ويمكن ارجاع السبب الرئيسى فى طرح الحكومة لأذون خزانة بالعملة الأجنبية إلى أنها وجدت نفسها تدفع سعر فائدة 14% علي الاقتراض بالعملة المحلية فاختارت أن يكون من بين أذون الخزانة ما هو بالعملة الأجنبية وتتحمل عليه تكلفة أقل بلغت نحو 3.8% كما حدث في الطرح الأول، وهذا الطرح أفاد الحكومة بتوفير النقد الأجنبي بسعر فائدة أقل، اضافة الي أنه أفاد البنوك لأن سعر الفائدة علي الدولار فيها أقل من تلك التي قدمتها الحكومة لهم.
وارتفع سعر الفائدة على أدوات الدين بالعملة المحلية خلال نوفمبر بشكل ملحوظ وهو ما دفع الحكومة إلى تقليص حجم طروحاتها بعد الإعلان عن قيمتها أكثر من مرة ، وإذا ما رصدنا أدوات الدين الحكومية تفصيليا يتضح أن المالية سحبت مليار جنيه واحد من3 سندات طرحتها فى 3 نوفمبر رغم أنها كانت قد حددت قيمة المطلوب بموجب هذه السندات بنحو 7.5 مليار جنيه حيث أضطرت الحكومة الى خفض قيمة العطاءين الثلاثى والخماسى للخمس تقريبا والغت العطاء السباعى وذلك بسبب طلب البنوك عائدا رأته المالية مرتفعا عن السعر المناسب لديها ، وفى اليوم نفسه طرحت المالية 4 أذون خزانة استطاعت من خلالها 12 مليار جنيه منها 3.5 مليار جنيه لأجل 9 أشهر وسنة و2.5 مليار جنيه لأجل 3و6 أشهر ويتراوح العائد على العطاءات الأربعة بين 12.385% و13.96%
وفى 10 نوفمبر حصلت الحكومة على قيمة 3.5 مليار جنيه فى طرح لأذون خزانة بذات القيمة لأجل 364 يوم وتحملت على هذه القيمة سعر فائدة 14.071% ، كذا حصلت فى نفس اليوم على مليار جنيه من أذون خزانة لأجل 182 يوم وتحملت عليها تكلفة 13.44% ، أما فى يوم 13 نوفمبر فقد اقتنصت المالية قيمة قدرها 5.5 مليار جنيه بموجب طرح أثنين من أذون الخزانة أولهما بقيمة 3.5 مليار جنيه لأجل 273 يوم وتحملت عليه الحكومة فائدة 14.25% ، أما الأذن الثانى فقيمة مليارى جنيه لأجل 91 يوم وتحملت الحكومة بموجب طرحه سعر فائدة 12.78% .
أما فى 17 من الشهر فقد قبلت الحكومة راضخة دفع فائدة 14.7% للبنوك حتى لا تقوم بالغاء مزاد طرحه نيابة عنها البنك "المركزى" لإقتراض 3.5 مليار جنيه ، وكان سعر الفائدة قد لامس الـ15% على أذون خزانة بأجل 357 يوما جعل وهو ما دفع الحكومة لتقليص القيمة التى كانت تستهدف الحصول عليها من البنوك نظير الأذون الى 1.125 مليار جنيه مقارنة بنحو 3.5 مليار جنيه القيمة الأساسية التى تم الاعلان عنها عند الطرح، لكن الحكومة وجدت أنها فى ورطة فرضخت لسعر الفائدة العالى وقلصت القيمة المطلوبة حتى تتحمل سعر الفائدة على قيم أقل.
وقامت الحكومة فى نفس اليوم بالحصول على 1.8 مليار جنيه من البنوك نظير أذون لأجل 182 يوما، وقد تحملت الحكومة سعر فائدة على هذه الأذون 13.9%، وفى 20 نوفمبر طرحت المالية أذون خزانة بقيمة 5 مليارات جنيه بموجب عطاءين أحدهما لأجل 91 يوم بقيمة 1.5 مليار جنيه والثانى لأجل 266 يوم .
وفى 28 نوفمبر رفعت البنوك من سعر الفائدة على الحكومة لتغطية السندات التى طرحتها المالية لتصل ما بين 15.2% الى 16% على السندات لأجل 5 سنوات ، و15.2% الى 15.8% على السندات لأجل 3 سنوات واستدانت الحكومة بموجب السندين نحو 4 مليارات جنيه بدلاً من 5.5 مليار جنيه وهى القيمة التى كانت قد حددتها مبدئيًا إلا أنها تراجعت عن الحصول على 1.5مليار جنيه نظرا لزيادة سعر الفائدة عليها .
ورغم أن ارتفاع سعر الفائدة جعل البنوك تنافس بكل قوتها لتوظيف ما لديها من سيولة فى أدوات الدين إلا أن البنوك العامة وبعض البنوك التجارية الكبرى رأت أن هناك ضرورة لتقليص توظيفاتها ولو بشكل نسبى خاصة بعد أن تعرضت هذه البنوك لتقليص تصنيفها الائتمانى من جانب مؤسسات التصنيف الدولية نظرا لإرتفاع توظيفاتها فى أدوات الدين فى الفترة الأخيرة .
الإجراء السابق يفسر قيام البنوك العامة وعلى رأسها "الأهلى" و"مصر" بتقليص أرصدتها الموظفة فى أدوات الدّين الحكومية بقيمة 18.3 مليار جنيه لتصل القيمة الإجمالية لهذه الأرصدة 89 مليار جنيه فى نهاية سبتمبر بالمقارنة بنحو 107.3 مليار جنيه فى الشهر السابق، ولنفس السبب تراجعت استثمارات البنك التجاري الدولي بأذون الخزانة والاوراق الحكومية الى 925.7 مليون جنيه، بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 1.047 مليار جنيه نهاية ديسمبر 2010.
|