تحليل: "المركزى" يعادل قرض "الصندوق" من احتياطيات البنوك ويمنحها نحو 20 مليار جنيه بفائدة صفرية

 


جاء قرار البنك المركزى اليوم بخفض الاحتياطيات الالزامية التى تحتفظ بها البنوك العاملة فى السوق لديه من 14% إلى 12% فقط بمثابة قرار ثورى مفاجىء تنحاز به السلطة النقدية انحيازاً صريحاً لا لبس فيه إلى السياسات التوسعية التى تشجع البنوك على استخدام ما فى حوزتها من فوائض مالية خاصة ان هذا القرار يأتى فى اعقاب لجوء عدد كبير منها إلى تعبئة المزيد من الودائع عن طريق زيادة اسعار العائد حتى فاق الرقم الاجمالى لحجم الودائع داخل الجهاز المصرفى التريليون جنيه، وهو ما يعنى ان اعفاء البنوك من 2% دفعة واحدة من حجم الاحتياطيات  يفضى على الفور إلى تراجع فى تكلفة الاموال التى تم جمعها.



هذا الاجراء يترجم إلى ثلاث إشارات بالغىة الدلالة لم يستوبعها السوق بصورة كاملة حتى الآن تحت وقع المفاجأة ، ولكن "المركزى" استهدفها مع سبق الاصرار والترصد.



الإشارة الأولى: ان السياسة النقدية التى تمتد إليها الانتقادات العابثة غير المسئولة احياناً- قادرة على معادلة المعضلة التمويلية لقرض صندوق النقد الدولى البالغة قيمتة 3.2 مليار دولار(نحو 19 ميار جنيه) والذى تخوض الحكومة مفاوضات شاقة للحصول عليه منذ أشهر وذلك عن طريق بعض الحلول الجريئة التى تعتمد على معرفة عميقة بقدرات الجهاز المصرفى وتحصيناته التى تجعل من هذا الاجراء دعماً صريحاً ومباشراً للاقتصاد الوطنى دون زيادة معدلات المخاطر نظر للملاءة المالية التى يتمتع بها ونسبة القروض إلى الودائع التى تجعل آثار هذا الإجراء آمنة وغير محفوفة بمخاطر التوسع الائتمانى فوق المعدلات الدولية.



الإشارة الثانية: وتتعلق بجوهر ما قدمه "المركزى" فى هذا الاجراء فهو لم يكتفى بخفض تكلفة الاقراض المترتبة على خفض نسبة الاحتياطى فحسب وهو الجانب المتعلق بما يقبل من ودائع جديدة داخل البنوك ولكن الأهم هو إتاحته لنحو 20 مليار جنيه تمثل قيمة الخفض في حصة الاحتياطى الإلزامى بفائدة صفرية لإن هذا الرصيد سبق للبنوك احتساب تكلفته واخرجه من حجم الاموال الموظفة وبالتالى عندما يقوم "المركزى" بتحرير هذا المبلغ من ارصدة الاحتياطى فهو فى الواقع يعيد تقديمه إلى البنوك او رده دون ان يحمل الاخيرة اى تكلفة زائدة وبذلك يكون قد ألغى سعر الفائدة عليها.



الإشارة الثالثة: تتمثل فى التوجه العام الذى قرر "المركزى" الانحياز إليه ليؤكد اهداف الخطة الاقتصادية للحكومة وهو تبنى سياسة "توسعية" صريحة تقوم على خفض اسعار الفائدة وزيادة حجم الائتمان العام والخاص على السواء وهو ما كان صندوق النقد يطلب مؤشرات حقيقية لإستهدافه حتى يطمئن إلى قرار منح الحكومة القرض الذى طلبته، ووفقاً لحالة النشاط داخل سوق الائتمان فإن تلبيه احتياطيات الاستدانة المحلية من جانب الحكومة ستحصل على الاولوية وهو امر ضرورى فى هذه المرحلة لتحملها العبء الأكبر فى مجالات الانفاق الاستثمارى الذى يستهدف استعادة معدلات النمو الإيجابية. 



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي