تأكدت القيمة الكبرى لخدمات الإتصالات في مصر عندما أصدرت محكمة مصرية حكماً بتغريم الرئيس المخلوع حسني مبارك وإثنين من مساعديه بما يعادل 90 مليون دولاراً لقطعهم خدمات الهاتف المحمول والإنترنت خلال المظاهرات التي أطاحت بحكمه.
وكانت الثورة التي استمرت 18 يوماً وإنتهت بالإطاحة بمبارك في فبراير2011، قد نظمتها مجموعات من الشباب بإستخدام مواقع الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وإذاعة الإنترنت.
ويقول يوسف محمد، وهو منسق أنشطة الحملة في المعهد المصري الديمقراطي- منظمة غير حكومية للشباب- لوكالة "IPS": "إذا كنت ترغب في بدء تشغيل محطة إذاعية عادية في مصر، فالحكومة ستطلب منك الكثير من التراخيص والمال. فقد كان حزب مبارك الديمقراطي الوطني يتحكم في كل شئ، لكن الإنترنت منحتنا حرية أكبر".
وكان المعهد بحلول عام 2009 قد أنشأ موقعاً لمحطة الإذاعة المجتمعية التي يديرها على الإنترنت بإسم "المحروسة". وقام في حينه بنشر الآراء التي يتم جمعها ميدانياً حول موضوعات مثل حرية التعبير والتسامح والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويضيف محمد عن الإذاعات على الإنترنت قبل الثورة، قائلا أنه كانت هناك إذاعة "المحروسة"، وإذاعة "حريتنا" و"بكره"، وقد سمحت الحرية النسبية على شبكة الإنترنت، لمحطات الإذاعة على الإنترنت بالظهور كصوت الجيل الجديد الذي يناضل من أجل إيجاد موقع له في المجتمع".
وكانت إذاعة "حريتنا"، التي أنشئت عام 2007 علي أيدي مجموعة من الصحافيين الشباب كأول إذاعة للإنترنت في مصر، هي الأولى على الساحة -خلال الثورة التي إستمرت 18 يوماً- في تقديم أخبار غير خاضعة للرقابة وتناول موضوعات المثيرة للجدل دون خوف.
وقال مصطفى فتحي، وهو رئيس تحرير إذاعة حريتنا : "كنا نعمل على مدار 24 ساعة خلال الثورة. وقد نصبنا خيمة في ميدان التحرير كي يتسنى لمن يوثقون الأحداث أن يزودوننا بمواد للنشر على الإنترنت".
وأضاف "لقد حاولوا السيطرة على موادنا التي نبثها، لكننا قاومنا ذلك". ويتذكر فتحي، "كانوا يهددوننا إذا نشرنا مواداً ا لا تروق لهم. وقد ألقوا القبض على أحد مراسلينا، محمد العربي، بينما كان يغطي إحدى المظاهرات".
وقال فتحي إن إذاعة "حريتنا" تمكنت من البقاء واقفة على قدميها، "لأن لدينا الكثير من الشراكات مع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية".
ومنذ ربيع عام 2011، والمعهد المصري الديمقراطي يقوم بتوسيع دوره، وإجراء تدريبات إذاعية لرفع مستوى الوعي بكونهم مواطنين ناشطين، وتشمل الشخصيات البارزة في المعهد المصري الديمقراطي إسراء عبد الفتاح، التي برزت على الساحة عام 2008، كأحدى مؤسسات مجموعة الفيسبوك لدعم العمال الصناعيين، وباسم سمير، وهو محرر المعهد المصري الديمقراطي والمدون البارز الذي تم إعتقاله في عدة مناسبات.
ويؤكد فتحي، "وسائل الإعلام المستقلة مهمة جداً، لأنها تعطي الفرصة للشباب لنشر، وخلق وبث برامجهم الخاصة. فنحن نقدم بديلا عن الوسائل التقليدية مثل جريدة المصري اليوم حيث انه من الصعب جداً النشر".
هذا وقد لعبت وسائل الإعلام المجتمعية والصحفيون المواطنون دوراً رائداً في إنتاج ونشر الأخبار أثناء الثورات العربية، وذلك نتيجة للتطور في التكنولوجيا الرقمية التي وفرت وسائل مبتكرة للتعبير عن الحرية.
وكان النشطاء العرب، قبل إجتياح موجة الثورات المؤيدة للديمقراطية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يسخرون وسائل الإعلام الجديدة للتحايل على خنق الأنظمة الاستبدادية للقوى المعارضة.
|