على الرغم من إحتفال غالبية الأفغان بإعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من أراضيهم بحلول 2014، بإعتباره النهاية الوشيكة للإحتلال الأجنبي الذي طال أجله وأثار الكثير من الجدل، ما زالت هناك بضعة مسائل هامة عالقة حول نتائج هذا الإنسحاب.
فالخبراء وعامة الناس على حد سواء، يتساءلون ما اذا كان ذلك الإنسحاب سيجعل البلاد أكثر أمنا وديمقراطية أو عرضة للعنف والتطرف أكثر من أي وقت مضى، في حين يشك آخرون في أن تتحرر أفغنستان أبداً من التواجد الأمريكي في هذا البلد الإستراتيجي من الناحية الجغرافية، بالقرب من إيران وباكستان ودول آسيا الوسطى.
والآن وبعد مرور أكثر من 10 سنوات منذ غزو القوات الأجنبية لأفغانستان بهدف "محاربة الإرهاب"، يتساءل الأفغان علناً عن "الهدف الحقيقي" وراء التدخل الأمريكي في بلادهم.
فيقول الصحفي المعروف نصير فياض لوكالة "IPS":"لم يكن هدف الولايات المتحدة هو محاربة الإرهاب، على الرغم من أنهم قتلوا أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة السابق. فتنظيم القاعدة ما زال موجودا، بل وينتشر في جميع أنحاء المنطقة (في طاجيكستان وأوزبكستان، الخ)، وهو أمر مفيد بالنسبة للولايات المتحدة لأنه سيتطلب منها "تقديم المساعدة" التي يمكن إستخدامها كذريعة للبقاء في المنطقة".
وأكد فياض أن الولايات المتحدة "لن تترك أفغانستان أبداً نظراً لأهميتها البالغة من الناحية الجغرافية والاستراتيجية. وإستراتيجية الولايات المتحدة هي إستراتيجية طويلة الأمد، فهي متواجدة هنا للسيطرة على المنطقة من إيران إلى آسيا الوسطى". وأضاف "إنهم (الولايات المتحدة) يستخدمون تنظيم القاعدة للبقاء هنا، في حين يتفاوضون مع بعض المجاهدين كي يحققوا أهدافهم".
هذا وبغض النظر عن هذه الأمور، ما زالت الغالبية العظمى في البلاد تحبذ إنسحاب جميع القوات. فبعد مذبحة قندهار والغضب العارم بشأن حرق القرآن في قاعدة باغرام العسكرية التي تديرها الولايات المتحدة، إجتاح التوتر البلاد وتوغل حتى كابول، حيث استبدلت القوات الاجنبية بالجيش والشرطة الأفغانيين.
كما قال فياض، "لكن قلة من الناس يثقون في الشرطة الأفغانية، والتي تنقسم على أساس المجموعات العرقية"، مشيراً إلى توجه الدبلوماسيون ورجال الأعمال، في كثير من الأحيان، إلى شركات القطاع الخاص الأمنية من أجل الحماية. أما السفارات هنا فهي محاطة كلها بالجدران الإسمنتية الضخمة ويمنع دخول الأفغانيون الذين لا يملكون تصاريح خاصة.
وفقاً لبصير، رئيس مجلس الشورى (المجلس القبلي)من قرية دار النور، بالقرب من مدينة جلال أباد، فقال: "حتى لو كان 99% من الناس هم ضد الاحتلال، فمن الصعب أن تظهر معارضتك لأنه سيتم تصنيفك من قبل الحكومة على أنك من حركة طالبان، مع كل ما يترتب على ذلك من إدانة".
وأكد بصير، "إننا بحاجة للوقت، فقد ناضلنا الإحتلال السوفياتي، وحاربنا المجاهدين، وحركة طالبان، والآن نحن نواجه إحتلال (آخر) جديد. نحن مع الشعب، ونحاول حل مشاكلهم، وهذا هو السبب في أننا ما زلنا هنا".
وبدوره، قال حافظ رشيد، وهو زعيم حزب التضامن العلماني في أفغانستان، لوكالة إنتر بريس سيرفس، "إن الناس يريدون السلام، ولا يريدون المزيد من القتال، ولهذا السبب سيقبلون أي حكومة عميلة تفرضها الولايات المتحدة على افغانستان".
جدير بالذكر أن أفغانستان تعتمد على تجارة المخدرات التي تشكل ثلث ناتجها المحلي الإجماليكما أنها الدولة الثانية الأكثر فساداً في العالم بعد الصومال، مما جعل الكثيرون متشائمين بشأن المستقبل السياسي للبلاد.
|