يبدوأن القيود التى فرضها استمرار ارتفاع مخاطر السوق ستظل مُكبِّلة لحركة ائتمان الشركات لوقت ليس بقليل، حيث استمرت خلال مارس الماضى حالة النشاط الوهمى لائتمان الشركات، هذه الحالة تتمثل فى استمرار التفاوض بشأن عدد كبير من القروض وذلك منذ فترة طويلة دون ضخ فعلى ،ويعزى ذلك إلى استمرار ارتفاع مخاطر السوق التى هى نتيجة طبيعية لعدد من الأسباب على رأسها عدم الوصول إلى حالة الاستقرار المنشود، وتخوف المستثمرين من التوسع فى استثماراتهم، وعدم استعدادهم لتحمل سعر فائدة عالى فى الوقت الذى ترتفع فيه متوسطات سعر الفائدة بشكل كبير، هذا إضافة إلى تخوف البنوك نفسها من عودة معدلات التعثر للارتفاع إذا ما توسعت فى ضخ القروض بشكل غير مدروس .
وطبقاً لتقرير أعدته مجلة "المصرفى" بشأن ائتمان الشركات فقد تراجعت القيمة الاجمالية للديون المتعثرة بالبنوك العاملة بالسوق المحلية لتسجل 48.9 مليار جنيه بنهاية شهر ديسمبر الماضى، ومن ثم تتراجع نسبة الديون غير المنتظمة إلى إجمالى القروض لتصل إلى 10.9%، مقارنة بنحو11% فى نهاية سبتمبر 2011، ونحو13.6% فى نهاية عام 2010، وطبقاً لبيانات يتيحها "المركزى" فإن إجمالى مخصصات القروض إلى القروض غير المنتظمة ارتفعت لتصل إلى 94.6% بالمقارنة بنحو93.7% فى نهاية سبتمبر 2011، ويمكننا إرجاع عدم تأثير حالة عدم الاستقرار سلبياً على البنوك فيما يتعلق بمعدلات التعثر، إلى أن البنك "المركزى" فرض ضوابط خلال العام الماضى جعلت البنوك تؤجل استحقاقاتها لدى الشركات دون أن تدرجها فى المديونيات المتعثرة، إضافة إلى التأنى فى منح القروض الكبيرة للشركات.
وفيما يتعلق بأهم القطاعات التى اهتمت البنوك خلال شهر مارس بالتفاوض لمنحها تمويلات مختلفة فكان على رأسها قطاع الاستثمار العقارى، والاتصالات، والطاقة، والمشروعات الكيماوية ومواد البناء، وبالنظر إلى الاجراءات التى تم اتخاذها تجاه شركات الاستثمار العقارى فقد برز تمويلين أولهما "قرض ماف الفطيم" والثانى قرض "هايد بارك"، حيث وافق كل من مجلس إدارة بنكى "مصر" و"الأهلى" بشكل نهائى خلال الشهر على ترتيب وضمان تغطية قرض بمبلغ 3 مليارات جنيه يتم منحه لصالح شركة "ماف الفطيم" وتصل مدته 13 عاماً ويستخدم لتمويل مشروع "مول مصر" المقرر اقامته بمدينة السادس من اكتوبر.
وبالنظر إلى حجم أعمال الشركة وتصنيفها فى السوق سنتفهم سبب التنافس الشرس بين البنوك والمسارعة فى إتمام إجراءات القرض بدون تأخير، حيث أن النتائج المالية للشركة للعام المنتهى فى 31 ديسمبر 2011 تؤكد تحقيق أفضل أداء لأعمالها التجارية منذ تم تأسيسها عام 1992 حيث ارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 10 % مقارنة مع العام 2010 لتصل إلى 7 .18 مليار درهم، بينما نمت أرباحها قبل احتساب الفوائد والضرائب والاهلاك والاستهلاك (EBITDA)، والناجمة عن عملياتها المستمرة، بنسبة 18 % عن عام 2010 لتتجاوز 7 .2 مليار درهم فى عام 2011 .
واحتفظت الشركة بميزانية عمومية قوية مع أصول تبلغ قيمتها أكثر من 35 مليار درهم، فيما بلغ صافى دين الشركة نحو5 .7 مليار درهم وحصلت الشركة مؤخراً على تصنيف من الدرجة الاستثمارية BBB من قبل وكالتى فيتش وستاندرد أند بورز، وهوأعلى تصنيف يعيّن لشركة خاصة فى منطقة الشرق الأوسط .
وتستهدف شركة "ماف" الفطيم الحصول على القرض بغرض تأسيس مول تجارى بمدينة السادس من أكتوبر بتكلفة استثمارية 4 مليارات جنيه، وتبلغ مساحة المول التجارى 169 ألف متر، ويمتلك شركة "ماف الفطيم" ماجد الفطيم صاحب سلسلة متاجر كارفور العالمية .
ولم يفلت القرض من براثن بنكى "الأهلى " و"مصر" اللذان يمتلكان الخبرة الكبيرة فى ترتيب وضمان تغطية القروض الكبرى، وقد حصل البنك "الأهلى" على المركز الأول كمدير طرح للقروض المشتركة بحصة سوقية بلغت 13 % من أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك وفقا لتصنيف بلومبرج لعام 2011 كما منح تصنيف بلومبرج البنك الأهلى المركز الثانى بفئة "المرتب الرئيسي" بحصة سوقية بلغت 5.5% .
أما التمويل الثانى فكان لصالح شركة "هايدبارك" وخلال الشهر بدأ بنكا "الأهلى " و"التجارى الدولي" خطوات هامة لتدعيم الاستثمار العقارى من خلال توجيه دعوة لعدة بنوك عاملة فى السوق للمشاركة فى ترتيب وإدارة قرض جديد لصالح شركة "هايد بارك" للتطوير العقارى "داماك سابقا"، هذا القرض تبلغ قيمته 1.3 مليار جنيه، يأتى ذلك فى الوقت الذى يعانى فيه الاستثمار العقارى نتيجة انكماش السوق، وارتفاع مخاطر الاستثمار بالسوق المحلية بصفة عامة، يبرز دور البنوك لتنشيط هذا الرافد المهم فى عملية النموالاقتصادى .
وطبقاً لتأكيدات مسئولى البنكين المرتبين فإن البنوك التى سوف تتم دعوتها ستنضم إلى قائمة المرتبين الرئيسيين للقرض، وبرزت خلال الشهر رغبة "التجارى الدولي" الاحتفاظ بحصة تتراوح بين 200 و300 مليون جنيه من قيمة التمويل، وتحاول إدارة البنك "التجارى الدولى" التوسع فى مشاركاتها بالقروض الكبيرة والتى يتم ترتيبها للقطاعات الحيوية بالسوق ويأتى ذلك استناداً على قوة مركز البنك وارتفاع حجم ودائعه، حيث ارتفع حجم محفظة الودائع فى البنك التجارى بنهاية العام الماضى بنسبة 12.7 % بما يعادل 8.103 مليار جنيه لتسجل 71.467 مليار جنيه جنيه مقابل 63.364 مليار جنيه بنهاية 2010.
التفاصيل الكاملة للتقرير بمجلة "المصرفى"
|