أعلن الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، عن إصدار أول موازنة للمواطن بمصر, وذلك بمبادرة من وزارة المالية لزيادة المشاركة المجتمعية فى ترتيب أولويات الإنفاق العام سواء على مستوى الدولة أو على مستوى كل محافظة ومركز بالجمهورية.
وقال الوزير، فى مؤتمر صحفى عقده منذ ساعات، إن موازنة المواطن تعد إحدى آليات تدعيم اللامركزية المالية, حيث تتيح لكل مواطن التعرف على المخصصات المالية الموجهة للخدمات العامة مثل التعليم والصحة والثقافة والشباب والرياضة وغيرها من الخدمات داخل محافظته أو المركز الذى يعيش فيه، وبالتالى تسمح له باقتراح المشروعات التى يراها ذات أولوية فى دائرة إقامته، وهو نوع من أنواع المشاركة المجتمعية المطلوبة فى اتخاذ القرار, الذى سينصب بالنهاية فى خدمة المجتمع وتحديد أولوياته.
وأضاف أن المبادرة الجديدة ستسمح بنشر ملخص لهيكل المصروفات والإيرادات على المستوى القومى مع عرض لأهم القرارات والأمور المتعلقة بالسياسة المالية فى مصر، بهدف زيادة توعية جموع المواطنين بمكونات موازنة بلدهم, والتعرف على التطورات التى تطرأ عليها بين عام وآخر.
وأشار إلى أن موازنة المواطن ستصدر سنويًا عقب تصديق مجلس الشعب على الموازنة العامة للدولة فى شكل نشرة مختصرة وستتضمن فى البداية المصروفات والايرادات العامة على مستوى الموازنة العامة للدولة، وتليها بعد ذلك إصدارات تفصيلية لجانبى الانفاق والايرادات العامة على مستوى كل محافظة من محافظات الجمهورية والمراكز التابعة لها.
وأوضح أن هذه الوثيقة تعد صورة مصغرة من الموازنة العامة يستطيع من خلالها الشخص العادى أن يتعرف على المخصصات المالية الموجهة للقطاعات والخدمات المختلفة ومصادر الإيرادات العامة، وكذلك حجم العجز الكلى وتطور الدين الحكومى ومؤشراته وكيفية خدمته.
وأكد وزير المالية أن مصلحة المواطن المصرى وأولويات التنمية هى التى تضع محددات الموازنة، وأن الإنفاق العام يستهدف فى النهاية رفع مستوى معيشة المواطن وتوفير الخدمات الأساسية له. وقال "غالى" إن الموازنة العامة للدولة أصبحت تأخذ فى الاعتبار مصالح ومتطلبات الأجيال المقبلة, موضحا أن القرارات التى تتخذ اليوم تراعى ذلك بحيث تعمل على تحقيق العدالة بين الأجيال سواء فى المزايا أو الأعباء. وقال إن المواطن فى النهاية هو المالك الفعلى للموازنة العامة, وينبغى أن يكون على إدراك كامل بتفاصيلها، ويشارك برأيه فى توجهاتها.
وأكد د. يوسف بطرس غالى أن إصدار موازنة المواطن يأتى ضمن سلسلة الإجراءات التنفيذية التى تتبعها وزارة المالية فى إطار نهج الشفافية والإفصاح وضبط الإطار المالى للموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أن بداية هذه الإجراءات كانت تعديل تبويبات الموازنة العامة للدولة, لتتوافق مع المعايير الدولية، وميكنة عمليات إعداد وتنفيذ الموازنة العامة بحيث تكون المعلومات متاحة أمام المجتمع بشكل دورى ومنتظم وفى توقيتات قريبة، والسير فى ميكنة المدفوعات الحكومية إلكترونيًا، وعرض تفاصيل الموازنة العامة على أساس كل من التصنيفين الاقتصادى والوظيفى.
هذا بالإضافة إلى نشر الأداء الفعلى للموازنة العامة شهريًا طوال العام المالى من خلال التقرير المالى الشهرى, الذى تصدره وزارة المالية, ويتم عرضه أيضًا على الموقع الإلكترونى للوزارة.
وأشار الوزير إلى أن من أهم الإصلاحات التى تمت فى هذه المرحلة كان صدور عدد من التعديلات الدستورية التى تلزم الوزارة بإعداد وتقديم مشروع الموازنة والحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة إلى مجلس الشعب وفقا لتوقيتات مبكرة ومحددة، فقد تم تعديل المادة 115, التى نصت على وجوب عرض مشروع الموازنة العامة على مجلس الشعب قبل ثلاثة أشهر على الأقل من بدء السنة المالية الجديدة, مما يسمح فى إعطاء وقت أطول للمناقشات قبل إقرار الموازنة، بعد أن كانت تذهب إلى المجلس قبل وقت قصير من بداية العام المالى، وبالتالى لم يكن يتاح لأعضاء مجلس الشعب فترة كافية لمناقشة تفاصيل الموازنة.
كما تم تعديل المادة 118 من الدستور, التى تنص على وجوب عرض الحساب الختامى لموازنة الدولة على مجلس الشعب فى مدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية. ومن قبل كان الحساب الختامى يصدر تاريخيًا فى العام التالى أو بعد ذلك بفترة مما كان يؤثر سلبًا على الدور الرقابى لمجلس الشعب فى مراجعة النتائج الفعلية لأداء الموازنة، كما كان يؤثر على دقة وكفاءة إعداد الموازنة فى العام التالى, بل اتخاذ القرار الاقتصادى فى التوقيت المناسب، مشيرا الى ان هذه التعديلات ستسهم فى تحسين إطار الرقابة البرلمانية والمجتمعية على أداء الموازنة العامة للدولة وعلى جميع الجهات الحكومية.
جدير بالذكر أن وزارة المالية فى سبتمبر 2005 قامت بتعديل قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973, الذى تضمن إعادة تبويب الموازنة العامة للدولة وفقًا لأسلوب إحصاءات مالية الحكومة الذى اصدره صندوق النقد الدولى فى عام 2001 على أساس نقدى.
وقد أدى هذا التحديث فى تبويب الموازنة إلى سهولة قراءة الموازنة ومتابعة أدائها بعد أن كانت شديدة الصعوبة والتعقيد بالنسبة للمواطن العادى بل أمام كثير من المتخصصين، كما سمح التبويب الجديد, الذى أصبحت تطبقه أغلب دول العالم إلى إمكانية متابعة تطور الأداء ومقارنته مع الدول الأخرى وفقًا للمعايير الدولية، بما يسمح بالتحليل والتطوير الأفضل لأداء السياسة المالية فى مصر. وفى إطار الضبط المالى فقد ألزم القانون بوضع حد أقصى لاحتياطيات المصروفات العامة بحيث لا تتجاوز 5% من إجمالى استخدامات الموازنة العامة للدولة دون الفوائد، وذلك بما يضمن تبويب المصروفات بشكل معلن وواضح على بنود الإنفاق، وحتى توجه المصروفات إلى بنود إنفاق محددة, بينما يبقى الاحتياطى للاستخدام فى الحالات الطارئة وغير المتوقعة فقط.
كما شملت الإصلاحات المالية صدور قانون حساب الخزانة الموحد فى عام 2006 الذى نقلت بمقتضاه حسابات الجهات الحكومية من البنوك التجارية إلى حساب موحد فى البنك المركزى، وذلك تنفيذًا لمبدأ شمولية الموازنة بضم حسابات الجهات الحكومية تحت إشراف ومتابعة وزارة المالية كخطوة رئيسية نحو الشفافية ومتابعة وضبط مصروفات الدولة.
وتقوم حالياً وزارة المالية بتنفيذ برنامج لميكنة كل الإيرادات المحصلة ومصروفات الدولة, مما سيساهم فى دعم الإفصاح، وضبط عملية الصرف، وتقليل تكلفة الإدارة النقدية، حيث تم البدء بميكنة صرف الأجور والمعاشات, وبلغ خلالها عدد البطاقات الجديدة المصدرة نحو 688 ألف بطاقة.
وأشار وزير المالية إلى أن جميع هذه السياسات والإجراءات تعمل معاً على تحسين مستوى إعداد وتنفيذ الموازنة العامة، ودعم الرقابة الرسمية والمجتمعية على أداء الموازنة العامة للدولة, مما يؤدى إلى مزيد من الضبط والانضباط المالى, وتحسين توجيه موارد الدولة نحو المتطلبات الضرورية للمجتمع وفقا لاحتياجات وأولويات المواطنين.
من جانبه، قال هانى قدرى, مساعد وزير المالية, إن نشرة موازنة المواطن هى دليل مختصر ومبسط يخاطب المواطن العادى بالدرجة الأولى حول الموازنة العامة للدولة فى عام 2010/2011 التى تم إقرارها فى مجلس الشعب.
وتتضمن النشرة التعريف بأهداف السياسة المالية فى مصر، والإطار الاقتصادى الذى تم على أساسه إعداد الموازنة، والجديد الذى تأتى به الموازنة خلال العام على المستوى القومى.. بل على مستوى المراكز فى حالة موازنة المواطن الموجهة للمحافظات، مع شرح للملامح الأساسية لموازنة العام المالى الحالى بما فى ذلك مصادر الإيرادات وتوزيع المصروفات، وشرح أهم برامج الحماية الاجتماعية ودعم محدودى الدخل، والنتائج الرئيسية للموازنة العامة للدولة، والتأثير على الأداء الاقتصادى، والتطلعات المستقبلية للأداء الاقتصادى، وعلى مستوى مشروعات المحافظة.
وأشار إلى أن موازنة المواطن هى أداة متبعة فى مختلف الدول بهدف التثقيف المالى كما أنها تساعد فى إزالة الخلط لدى المواطنين فيما يتعلق بكيفية توجيه وإنفاق الموارد المختلفة فى الموازنة العامة وإظهار الأرقام الحقيقية لبيانات الإنفاق العام والموارد العامة وأوجه تخصيصها.
وأفاد أنه بالنسبة لموازنة المواطن الخاصة بكل محافظة فقد بادرت محافظتا المنوفية وأسيوط بالتعاون مع وزارة المالية فى إعداد أول موازنة للمواطن على المستوى المحلى، وسوف يتم تعميم التجربة فى باقى المحافظات تباعًا خلال الفترة المقبلة، وهى تشمل شرحًا لإيرادات ومصروفات المحافظة، والاعتمادات الموجهة للخدمات على مستوى المراكز داخل المحافظة، بالإضافة إلى حجم الاستثمارات الموجهة لكل منها.
وأوضح أنها تمكن المواطن خاصة على المستوى المحلى من رقابة ومتابعة الأداء الخاص بالخدمات المقدمة له من خلال الموازنة العامة للدولة، وتساعد المواطنين على معرفة حجم الإيرادات المحلية, التى يتم تحصيلها فى المحافظة والعجز المالى للمحافظة الذى تغطيه موازنة الدولة، كما ستساهم فى زيادة درجة مساءلة المسئولين على المستوى المحلى حينما يتساءل المواطن عن أوجه وكفاءة وفاعلية الإنفاق الذى قامت به المحافظات وما يتبعها من مراكز وقرى وفقًا للاعتمادات المقدمة من موازنة الدولة للإنفاق على الخدمات المختلفة.
وأشار إلى أنه سيتم التنسيق مع المحافظات لتعميم موازنة المواطن على مستوى المحافظات اعتباراً من موازنة العام المالى 2011/2012، وستنشر على موقع الوزارة الإلكترونى بعد اعتماد الموازنة العامة من مجلس الشعب باعتبارها دليلًا لفهم الموازنة العامة للعام المالى المستهدف.
|