تقرير «النقد»: موقف مصر يزداد صعوبة.. والقرض في ملعب الحكومة

 


قال تقرير بعثة صندوق النقد الدولى قبل مغادرتها القاهرة، الثلاثاء، إن موقف مصر مازال صعباً ويزداد صعوبة، لأن الاحتياطيات تم استنزافها لتفادى تدهور قيمة العملة، كما أن هناك اختلالات كبيرة فى القطاع المالى والنقدى، وأصبح اقتصاد البلاد مجهداً تماماً، ولا يحقق نمواً، ومصر فى حاجة إلى برنامج لإعادة بناء التوازن الاقتصادى.



أضاف التقرير الداخلى الذى أعدته البعثة الفنية للصندوق، أن عجز الموازنة يتضخم، نتيجة التباطؤ الاقتصادى الذى يقود إلى انخفاض الإيرادات، فضلاً على أسباب هيكلية فى الموازنة مثل انخفاض نسبى فى الإيرادات مقابل جمود فى بنود الإنفاق الرئيسية، كالأجور والدعم وأسعار الفائدة، مشيراً إلى أنه بالنسبة للإيرادات اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات الضريبية تمثلت فى ضرائب على الدخل ومبيعات وعلى أرباح ومكاسب رأس المال، ولكن تم إلغاء بعضها والآخر ربما لن يقره مجلس الشورى، خاصة ضريبة أرباح رأس المال.



ولفت إلى أن البلاد شهدت منذ ديسمبر الماضى، ضغوطاً شديدة أسفرت عن ضعف قيمة الجنيه وانخفاض الاحتياطى، لكن هذا التدهور أخذ فى التباطؤ مع الحصول على الدعم القطرى البالغ 5 مليارات دولار والسعودى 2 مليار دولار والتركى مليار دولار.



ورحب أعضاء البعثة بالعطاءات الدولارية التى نفذها البنك المركزى لتنظيم سوق الصرف للعملات الأجنبية، على اعتبار أنها ستسمح بتحسين معدل سعر الصرف، إلا أنهم قالوا إن الإجراء لم يكن كافياً لتحقيق توازن فى سوق العملة، وبرزت سوق موازية للسوق الرسمية ومن الضرورى اتخاذ إجراءات إضافية لتعديل سعر الصرف، لأن الخلل الحالى له آثار شديدة على الاقتصاد.



وأفاد التقرير بأن تنشيط الاستهلاك من شأنه تعزيز الاقتصاد، على الرغم مما يثيره من مخاوف بشأن تكلفة الاستيراد، وهو ما يتنافى مع ما اتخذته الحكومة من بعض الإجراءات التقشفية وتحجيم الاستيراد وخفض الإنفاق العام بعكس ما يتحدث عنه خبراء الصندوق. وشدد على أن الكرة فى ملعب السلطة التى عليها اتخاذ القرار، مرحباً بالقرض القطرى البالغ 3 مليارات دولار والليبى بقيمة 2 مليار دولار، لكنه قال: «الصندوق يؤكد ضرورة أن تلتزم الحكومة بتطبيق البرنامج الإصلاحى رغم وجود هذه القروض الإضافية».



وتوقع التقرير إجراءات مالية واسعة فى ضوء المناقشات التى تمت مع الحكومة منها إصلاح دعم الوقود، عبر طرح كارت ذكى للبنزين والسولار، بدءاً من يوليو المقبل، وهو تحد حقيقى فى إنتاج وتوزيع تلك الكروت الذى تم إسناده إلى إحدى الجهات الحكومية ومحدد لها جدول زمنى لمتابعة ومراقبة واقعية تحقيقه. ولفت إلى أن تنفيذ نظام الكارت الذكى يجب أن يكون مراقباً، مشيراً إلى وجود شكوك لدى البنك تجاه الأمر. وعن السياسات الضريبية، قال التقرير، إن توسيع نطاق ضرائب المبيعات، وتوقيتاتها وقرارات تنفيذها مازالت بحاجة لأن تتخذ، متوقعاً أن تنفذها الحكومة قبل الانتخابات، لأنه لا يمكن أن يترك الأمر حتى أكتوبر المقبل، حسب التقرير.



وأضاف: «لا يوجد إحساس بالوقت فيما يتعلق بإنهاء المفاوضات، وحتى الآن لا يمكن الحديث عن موعد نهائى للتوصل إلى نتائج نهائية قد تسفر عنها المفاوضات، محذراً من أن أرقام الفجوة المالية تتزايد كما أن حجم القرض لم يتم تحديده بعد».



وأشار إلى أن بعثة الصندوق لم تقابل الرئيس محمد مرسى، مشدداً على ضرورة توعية أصحاب المصلحة الآخرين ومنهم الأحزاب السياسية. وحول مديونيات الهيئة العامة للبترول للقطاع الخاص والأجانب، قال التقرير: الأرقام المتداولة فى الصحافة بشأن مديونيات الهيئة والمتأخرات عليها «نحو 8 مليارات دولار» وهو رقم يبدو تقريباً سليماً وهذه المديونية تمت إعادة هيكلتها، فى بعض الأحيان بالقوة من قبل الحكومة.



وأضاف: التزامات الهيئة العامة للبترول للأجانب تعد «صندوقاً أسود» فيما قال مصدر مقرب من البعثة إن شركات البترول العاملة فى البحث والتنقيب ترفض العمل فى استكمال واستخراج بترول وغاز تم اكتشافهما، لحين سداد الحكومة لالتزاماتها لتلك الشركات.



وفى مجال الضرائب والإجراءات المالية، قال: «الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة تسير فى اتجاه زيادة الإيرادات، والصندوق لا يؤيدها جميعاً، ولكن لا يوجد منها ما هو صارخ أو عنيف».



واعتبرت البعثة تصريحات حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى، بأن «أى قرض من الصندوق يجب ألا يؤثر على الفقراء، وأن التمويل يجب أن يستخدم فى استثمارات منتجة»، بداية جيدة، فيما وصفت تصريحات أشرف العربى، وزير التخطيط، بأن مصر تأمل فى تحقيق معدل نمو 7٪، بمتفائلة للغاية، وقالت إنه من الصعب جداً تحديد من أين سيأتى النمو كما أن الصندوق لا يفرض منهجاً محدداً للنمو، ويأمل فى استقرار اقتصادى ممكن أن يقود إلى عودة النمو.



وأشارت إلى أن هناك شكاوى من الأحزاب بسبب افتقاد آليات التواصل على الحكومة وعدم وضوح عملية صنع القرار فيما يتعلق بالمجال الاقتصادى والمفاوضات حول القرض.



وبالنسبة للأجور، قال التقرير: «إنها تحتل جزءاً كبيراً من الموازنة ويبدو أنها خارج السيطرة وزادت 80٪ منذ الثورة، ومع ذلك لم يتم التحاور بشأنها مع الحكومة التى لا يبدو أنها حريصة على تقليص هذا البند فى الميزانية». وأضافت أن تركيبة نمو فاتورة الأجور وبرامج التشغيل ليست شفافة بالدرجة الكافية، والعائد من الرواتب مطلوب رصده بشدة، وستتم دراسته بمعرفة البنك الدولى.



وأشار إلى أن هناك مخاطر بشأن سداد الديون السيادية، وهى تعتبر غير عالية فى الوقت الراهن، موضحا أن تلك المخاطر ليست بشأن الدين المحلى إنما الأجنبى.



وفى قطاع البنوك، أشار التقرير إلى أن مؤشراتها مازالت تبدو جيدة ومستقرة، وهو أمر مستغرب ولكنه لا يتعارض مع المنهج التقليدى فى انخفاض الائتمان أمام الودائع والتركيز على الدين الحكومى، ومع ذلك فإن إجراءات التيسير على القطاع السياحى كان يجب أن يكون لها الأولوية، ولكن التعامل المصرفى فى هذا القطاع محدود.



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي