اكد الدكتور جلال امين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية أن الأزمة الاقتصادية ترتبط بالوضع السياسي بصورة وثيقة، ويتضمن ذلك انعدام الأمن، وتراجع النشاط السياحي، وفقدان الثقة بين الحكومة والمستثمرين. وذكر أمين أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد في مصر، إلا أن الماضي يقدم لنا بعض الدلائل عما يمكن توقعه في المستقبل. ففي الخمسين عاماً الماضية، مرت مصر بثلاثة أزمات مماثلة في حدتها للأزمة الراهنة مع اختلاف الأسباب. جاءت الأزمة الأولي في أعقاب هزيمة 1967، عندما فقدت مصر بترول سيناء، وأغلقت قناة السويس، وانخفضت الاستثمارات والمعونات الأجنبية بشدة. وانتهت الأزمة باتفاقية الخرطوم، والتي من خلالها قامت الدول العربية البترولية بضخ الأموال التي ساعدت مصر على اجتياز الأزمة. وحدثت الأزمة الثانية في عام 1975، حينما ارتفعت أسعار القمح وقام السادات بالاقتراض بفوائد باهظة. وانتهت هذه الأزمة بتدخل الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وعودة المعونات الأمريكية. أما الأزمة الثالثة، فقد حدثت في عام 1989، عندما عجزت مصر عن سداد الديون التي اقترضها السادات، وتم حل الأزمة بتدخل صندوق النقد الدولي ليقوم نادي باريس بإعادة جدولة الديون المصرية.
ويوضح أمين "لقد كان الحل في جميع الأزمات التي مرت مصر بها يتمثل في المعونات الخارجية سواء من الولايات المتحدة أو من الدول العربية. والآن، أتوقع حل هذه الأزمة بالطريقة ذاتها، حيث تقوم الولايات المتحدة والدول العربية، مثل السعودية وقطر، بتقديم الدعم المالي لمصر. إلا أن هذه المساعدات دائماً ما تأتي بشروط ودائماً ما تدفع مصر الثمن، والذي يكون ثمناً سياسياً في الأساس، وليس اقتصادياً على الإطلاق."
ويضيف أمين أنه في عام 1967، كان الثمن هو التخلي عن القومية العربية وتبني سياسة الانفتاح الاقتصادي. وفي عام 1978، قامت مصر بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، وفي عام 1990، فرض صندوق النقد الدولي اتفاقية التكيف الهيكلي والتي تفرض تطبيق برامج وسياسات السوق المفتوحة، والتي تحتوي على تغيرات داخلية، مثل الخصخصة، وأخرى خارجية، مثل تخفيف القيود المالية وضعف الضوابط التجارية. ويتوقع أمين أن يكون الثمن السياسي هذه المرة هو بيع المرافق العامة المصرية للأجانب من خلال الصكوك الإسلامية.
ويبدى أمين تخوفه من مشروع الصكوك الإسلامية، والذي تم طرحه بشكل مفاجئ وسريع، حيث يرى أنه مشروع غير مفهوم، ويبدو أن كل ما يهم فيه هو موافقة الأزهر. ويضيف أمين أنه في عام 2009، تم طرح هذا المشروع من قبل محمود محيي الدين، وزير الاستثمار في عهد مبارك تحت مسمى "الصكوك الشعبية" وذلك لطرح حوالي 30 أو 40 صناعة للاكتتاب العام في صورة صكوك لأي شخص فوق 17 عام بغض النظر عن جنسيته. ويقول أمين "لحسن الحظ لم يتم تمرير هذا المشروع. ولكنني متخوف من أن تكون هذه الصكوك الإسلامية هي مشروع محيي الدين ذاته، ولكن بعد إضافة كلمة "الإسلامية" لها، لأن سيؤدي هذا إلى تسليم المرافق العامة للأجانب. فهل أشترط صندوق النقد الدولي مشروع الصكوك الإسلامية هذا؟" وأضاف أمين أن أهم الأشياء التي تحكم العوامل الاقتصادية في مصر لا تذكر بوضوح بل تبذل جهود عمديه لإخفائها أو قول عكس الحقيقة، حيث لم يتم الإعلان عن مشاورات صندوق النقد الدولي والشروط التي يطلبها لمنح مصر القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار أمريكي من حيث الدعم والخصخصة والضرائب.
|