مقال.. أهمية التجاوب مع بيان "المركزى"

 


لم يكن هناك مناص من إغلاق البنوك لأبوابها اليوم وغدًا, فلم تترك حركات الاحتجاجات بين صفوف صغار العاملين بالبنوك للبنك المركزى مفرًا من اتخاذ قرار تعطيل العمل بها رغم الكلفة الباهظة لهذا القرار الصعب التى على ارتفاعها الهائل تبقى أقل ضررًا من تسليم مقاليد الأمور داخل الجهاز إلى الفوضى التى لا يتنبه إلى تهديدها دعاة أداء الحقوق فى اللحظة وليس غدًا -أيًا كانت- ودون النظر إلى وضع السوق ومدى واقعية الاستجابة لجميع هذه الحقوق دفعة واحدة أو حسب جدول زمنى.



حسناً فعل البنك المركزى بالرغم من أن هذا الإجراء من الأفضل اتخاذه كما فعل مشفوعًا بعدد من الترتيبات التى تعمل على بناء الثقة بين صغار العاملين وإدارات البنوك, ولكن منذ العطلة الأولى التى بدأت فى اليوم التالى للاحتجاجات التى وقعت يوم الأحد الماضي, ولكن فى تقديرنا أن "المركزى" ربما رغب فى البداية فى إبقاء هذه الأمور شأناً داخلياً لكل بنك حتى لا تتحول الاحتجاجات لموجة عامة داخل السوق, وحتى يعطى لإدارة كل بنك الفرصة لحل مشكلاتها فى إطار الإمكانات المتاحة لديها ووفقاً لأوضاعها المختلفة من كيان إلى آخر إلا أن إصرار العاملين على التصعيد فور انتهاء العطلة الأولي, ووجود أنباء عن انتقال العدوى إلى بنوك أخرى دفع "المركزى" إلى مد العطلة وإعلان بيان يُطالب العاملين ويهيب بهم الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطنى ودخوله بصفته "الرقيب" والمسئول الأول عن سلامة القطاع المصرفى كضامن لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المطالب المشروعة لهؤلاء العاملين.



ومن يعرف الدكتور فاروق العقدة, محافظ البنك المركزى, كشخصية وطنية تتحلى بقدر عالٍ من تحمل المسئولية يدرك مغذى هذا التدخل الذى أعلن عنه فى بيان تم إبلاغه عبر أجهزة الإعلام, وعبر اللجان الإدارية والنقابية الداخلية بالبنوك وكذلك بالنشر فى الصحف القومية واسعة الانتشار, فالبنك المركزى يُقرر أنه لن يكتفى فقط بصنع السياسية النقدية والدفاع عن مصالح الوطن فى هذا الجهاز ولكنه على استعداد للتدخل لحل مشكلات العاملين الذين وقف إلى جانبهم فى مناسبات عديدة فى مواجهة أى تهديدات تعرضوا لها خلال تغيير هياكل الملكية فى العديد من بنوك السوق.



لم يكتف "المركزى" فى بيانه بالأقوال المرسلة والضمانات ولكنه حث العاملين بالبنوك ممن يواجهون مشكلات على إبلاغه كتابة بمطالبهم واختيار 20 ممثلاً منهم على الأكثر للحضور والاجتماع بممثلى الإدارة العليا فى كل بنك بحضور المحافظ ونائبه لوضع الحلول والترتيبات المناسبة والشروع فى ذلك اعتبارًا من يوم الأحد المقبل على أن يتم الانتهاء من جميع هذه الاجتماعات فى مدة لا تتجاوز 4 أسابيع, وهو ما يمثل أساسًا مهمًا لبناء الثقة يتعين السعى لتثبيته بالحرص على الاستقرار وانتظام سير العمل.



بقى أن يكون تقدير المسئولية والظرف التاريخى الذى تمر به البلاد بالمثل وأن نكون جميعًا على مستوى الحفاظ علي مقدرات الثورة.. فلا معنى على الإطلاق لاستنزاف رصيد الاستقرار الذى يتمثل فى استمرار أداء البنوك لدورها الاقتصادى ففى نهاية المطاف لن يصرف المحتجون بالبنوك صكوك اعتراف بالحقوق, ولكن المطلوب أن يقوموا بصرف أموال ومستحقات مادية, وهذه الأخيرة لن تتحقق بينما عجلة العمل عاطلة, والعاملون جالسون بالبيوت أو فى المقاهي.. التاريخ تغيّر, ولا ينبغى أن نعيش الغد بعقلية الماضى اليائسة.. مصر عادت إليكم أيها المواطنون فلا تتركوها تضيع بعد الآن.. عاشت مصر الجديدة أبد الدهر.



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي