وزير المالية: متفائل رغم التحديات.. ونمر بمرحلة "صعبة جدًا"

 


في مكتب بسيط قال إنه "استلفه" من أحد العاملين بالوزارة، بدا وزير المالية المصري أحمد جلال، متفائلا وهو يتحدث عن خطط طموح، لإنعاش اقتصاد ينوء تحت عبء مشاكل وتحديات جمة. 


وقال جلال، في مبنى الوزارة، الذي لا تزال رائحة الحريق تفوح منه، بعد شهر من إضرام النار به وسط أعمال عنف دامية، إن وزارته تتعامل مع المشاكل من خلال تنشيط الاقتصاد، وإحداث توازن كلي، والسعي لتوزيع عوائد النمو بشكل أفضل.


وأعرب الوزير عن امتنانه للمساعدات الخليجية، التي تدفقت على مصر بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي في مطلع يوليو، قائلا: "مصر تمر بمرحلة خاصة جدا وهم يساعدون التحول السياسي في مصر"، موضحً أن تلك المساعدات منحت مصر "فرصة لالتقاط الأنفاس"، وإنها تستخدم الدعم الذي حصلت عليه من السعودية والإمارات والكويت، بشكل أساسي في تحفيز الاقتصاد الاستثماري وليس الاستهلاكي. 


وقال جلال، الحاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بوسطن عام 1986، بعد حصوله على بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة "المساعدات الخليجية تساعدنا في تقليل عجز الموازنة... وتقليص سعر الفائدة عند الحاجة للاقتراض من البنوك"، كما تعمل على تحقيق التوازن الكلي للاقتصاد، بالإضافة إلى أنها ساهمت في حل مشكلة نقص الوقود، التي أدت لظهور طوابير طويلة أمام محطات الوقود، في الشهور السابقة قبل عزل مرسي. 


وأجاب الوزير، ردًا على سؤال عن الوقت التي يمكن لمصر فيه الاعتماد على نفسها، دون الحاجة لمساعدات من الخارج "عندما يستقر الأمن وتطبق الخريطة السياسية وتكون هناك حكومة ليست إنتقالية... ستتعامل مصر مع العالم بدون مساعدات". 


ونوه وزير المالية، الذي عمل رئيسا لمنتدى البحوث الاقتصادية منذ عام 2007، كما عمل باحثا لدى البنك الدولي على مدار 18 عاما، إلى أن "الحكومة في سبيلها إلى التعامل مع ملف الديون المستحقة للشركاء الأجانب في قطاع البترول... يتم النظر في جدولة المديونية مقابل استثمار الشركات في التنقيب وزيادة الإنتاج.. وهذا مفيد للطرفين". ولم يعلن جلال موعدا محددا لبدء سداد المستحقات مكتفيا بالقول إن السداد سيبدأ "خلال أسابيع". 


وأضاف: "مازلنا نعمل على بحث إعادة الجدولة ... هناك تصورات وبدائل مختلفة ولكن لم نصل إلى البديل النهائي." وعزا ذلك إلى ان مصر ترغب في التأكد من حل المشكلة "من جذورها وليس وقتيا وهذا قد يتطلب إعادة هيكلة قطاع البترول وبدائل استخدام الطاقة.. لا نريد تعليق التعامل مع الشريك الأجنبي، إلى أن نحل كل المشاكل، وإنما نريد ان يكون لدينا تصور لقطاع الطاقة مستقبليا، ويكون ما نفعله جزءا من الحل الأطول أجلا".


وأوضح الوزير إن التقدير الأولي لإجمالي المديونية المستحقة للمقاولين لدى الحكومة، يتراوح بين 2.5 مليار، وأربعة مليارات جنيه، وإن مصر ستبدأ السداد في منتصف أكتوبر المقبل. 


وقال جلال، وهو سادس وزير مالية لمصر في أقل من ثلاثة أعوام "ليس هناك رقم معلن بعد للحد الأدنى، لكننا جاهزون لدفع الحد الأدنى في حالة إقراره من مجلس الوزراء". 


 


وتابع الوزير "الحد الأدنى المفروض إنه يحقق أمرين، الأول هو أن يعيش الإنسان بشكل كريم، ومن الناحية الأخرى يحابي من يعمل على حساب من لا يعمل". موضحًا أن المغالاة في تقدير الحد الأدنى للأجور ستؤدي إلى ارتفاع البطالة التي تبلغ حاليا نحو 13%. 


وأكد الوزير أن الحكومة ينبغي أن تنتقل من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي للمستحقين، لكن "لا يمكن تغيير هذه المنظومة بين يوم وليلة"، مبينًا أن الوزارة تسعى للبدء في إصلاح المنظومة، ببحث الحالات الاجتماعية، لمعرفة من يستحق الدعم من الأسر الفقيرة، مضيفًا: "نحن لا نعلن الآن أننا سنتخلى عن دعم التموين السلعي لأن هذا ليس وقته". 


وقال وزير المالية إن مصر تسعى لوضع برنامج لاصلاح دعم الطاقة، خلال فترة ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، وإن استخدام البطاقات الذكية في توزيع الوقود قد يوفر نحو 30 مليار جنيه سنويا للبلاد. 


وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي، أن عجز الموازنة المصرية في السنة المالية الماضية، التي انتهت في 30 يونيو، ارتفع بفعل زيادة مدفوعات الفائدة ودعم الطاقة. 


 


وعلق جلال: "إصلاح دعم الطاقة هيعمل فرق كبير في الموازنة... عاوزين يكون عندنا برنامج خلال 3-5 سنوات حتى نتخلص من هذا العبء الثقيل".


 


وأضاف: "سنبدأ العمل على ملف دعم الطاقة، الكروت (البطاقات) الذكية هتتعمل في جميع الأحوال". 


 


ويقول جلال، الذي تركزت خبرته على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال السنوات الثماني عشرة، التي عمل بها خبيرا اقتصاديا بالبنك الدولي "أنا متفائل من زمان ولم أغير رأيي.. وبعد ما دخلت الوزارة أكثر تفاؤلا.. حقيقة أنا كنت قلقان أول ما جيت.. شفت الأرقام وكنت قلقان جدا .. دلوقتي حاسس بالراحة". 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي