قال تحليل مجلس الطاقة العالمي: في الوقت الذي تزداد فيه التعقيدات والشكوك بوتيرة متسارعة، يتوجب على قادة قطاع الطاقة في القطاعين العام والخاص على حد سواء، اتخاذ قرارات مُلهَمَة والتحرك الآن. لقد اكتشفنا عبر دراساتنا المتعمقة واستعراضنا لخرائط التطورات على مدى سنوات عدة مع قادة قطاع الطاقة، أننا نعيش في عالم أكثر تحدياً مما كنا نتصور. الحقائق الخاصة بعدد من الخرافات التي تؤثر في فهمنا للجوانب المهمة في ساحة الطاقة العالمية. وإذا لم تتم معالجتها، فإن هذه المفاهيم الخاطئة سوف تقودنا إلى طريق من التساهل والفرص الضائعة. وأضاف المجلس - بحسب النهار - رغم أننا قمنا ولانزال نقوم بالكثير من الأعمال الهادفة إلى ضمان مستقبل طاقتنا، إلا أن دراسات مجلس الطاقة العالمي تكشف النقاب عن أن المسارات الحالية قاصرة عن تحقيق التطلعات العالمية للحصول على الطاقة وضمان أمنها واستدامتها البيئية.
ويتفق قادة قطاع الطاقة في القطاعين العام والخاص على العديد من الخطوات الضرورية، ولكنهم أقل توافقاً بكثير حول طبيعة وقيمة وأهمية المخاطر السياسية والمؤسسية وتأثيرها الحاسم في الاستثمار. وإذا كنا نريد الاستمتاع بجميع المزايا الاقتصادية والاجتماعية التي توفرها موارد الطاقة، فيجب علينا تبني خطوات حاسمة وعاجلة لتعديل مقاربتنا لحلول الطاقة. إذ ان المقاربات الاقتصادية المعتادة غير فعالة، حيث انتقل التركيز من الحلول العالمية الكبيرة إلى أخذ الخلفيات الاقليمية والمحلية والاختلافات الحادة في توقعات المستهلكين، في عين الاعتبار. ويتوجب علينا في سياق مواجهتنا لفسيفساء متغيرة باستمرار من القضايا، أن نؤمن بهذه الحقيقة الجديدة وتحديد معايير جديدة للأداء وخفة الحركة. لقد «حان الوقت للتحلّي بالواقعية» في تحديد مستقبلنا. قال التحليل سوف يواصل طلب الطاقة النمو ليتضاعف بحلول عام 2050، مدفوعاً بصورة رئيسة بالنمو الاقتصادي في الدول غير الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD. كما لن يحث أي نقص بالامدادات قريباً، حيث أن استمرار اكتشاف موارد جديدة وظهور تقنيات جديدة تتيح استثمار المصادر غير التقليدية للنفط والغاز وزيادة إنتاج الحقول الراهنة، ضاعف بالفعل الاحتياطيات المتاحة من الوقود الأحفوري أربع مرات، في توجه مرشح للاستمرار.
وأوضح التحليل الذي أجراه مجلس الطاقة العالمي للسيناريوهات المحتملة للطاقة العالمية، إلى أنه رغم الزيادة الكبيرة المتوقعة في المساهمة النسبية لمصادر الطاقة المتجددة من 15 في المئة اليوم إلى ما يتراوح بين 20 في المئة و30 في المئة عام 2050، فسوف يبلغ حجم الوقود الأحفوري المستخدم لتلبية الطلب العالمي على الطاقة بالأرقام المطلقة نحو 16.000 مليون طن من مكافىء النفط في سيناريو جاز (السيناريو الأكثر استناداً إلى آراء المستهلكين) و10.000 طن مكافىء نفط في سيناريو سيمفوني (السيناريو الأكثر استناداً إلى التصويت)، مقارنة مع 10.400 أطنان مكافئ نفط عام 2010. ويمثل هذا انخفاضاً بنسبة 5 في المئة من الحجم المطلق للوقود الأحفوري في سيناريو سيمفوني وزيادة بنسبة 55 في المئة في سيناريو جاز.
وتشير سيناريوهات مجلس الطاقة العالمي إلى أنه حتى في أحسن الأحوال، فسوف نشهد تضاعف انبعاثات غازات الدفيئة في العالم بحلول عام 2050، مقارنة مع حجم الانبعاثات الذي يُفتَرَض بنا أن نبلغه بحلول ذلك العام لكي نحقق الهدف المرجِعي لتخفيض تلك الانبعاثات إلى 450 جزء في المليون من غاز ثاني أوكسيد الكربون، وهو الهدف الذي يتبناه الكثيرون. وفي أسوأ الحالات قد تتضاعف انبعاثات غازات الدفيئة أكثر من أربع مرات.
وأشار تحليل مجلس الطاقة العالمي إلى أن أسواق الطاقة أصبحت أكثر تعقيداً بشكل متزايد مدفوعة بالتغيرات المتسارعة في سياسات الطاقة والابتكارات التقنية وتوقعات المستهلكين. ولا تستطيع التصميمات والنماذج الاقتصادية الراهنة للأسواق التعامل مع الحصص المتزايدة لمصادر الطاقة المتجددة أو الأنظمة غير المركزية أو هندسة المعلومات المتنامية.
ولفت التحليل الى حق الجميع بالحصول على الطاقة أبعد ما يكون عن أن يصبح واقعاً. إذ إنه في الوقت الذي يعترف فيه تحليل المجلس بالتقدم الذي حدث مؤخراً والبرامج الراهنة لتخفيف معاناة الافتقار للطاقة، فإنه يوضح أنه وفق المسارات الراهنة فإن ما يتراوح بين 730 و880 مليون نسمة من سكان العالم سوف يظلون محرومين من الطاقة الكهربائية في ظل سيناريو هي جاز وسيمفوني على التوالي بحلول عام 2030، بينما سوف يظل ما يتراوح بين 320 و530 مليون نسمة محرومين منها بحلول عام 2050 على مستوى العالم.
وخلص التحليل بأن رأس المال حساس للغاية تجاه المخاطر السياسية والتشريعية. كما أنه في ظل الضغوط المتنامية على الأموال العامة في معظم دول العالم، لن تتوفر تلك الأموال كبديل أو معزز للمبادرات الخاصة بتمويل مشاريع الطاقة.
|