أكدت مصادر بوزارة البترول أن الشركات العالمية العاملة في قطاع البترول في حالة ترقب حاليا للأوضاع الحالية، وتنتظر التزام الحكومة بوعودها لدفع جزء من مستحقاتها لدى الهيئة العامة للبترول، خاصة بعد تصريحات وزير البترول بسعي الحكومة حالياً لدفع دفعة أولى من مستحقات الشركاء الأجانب، تصل إلى 1.5 مليار دولار خلال الشهر الجاري، وجدولة باقي المديونية، بما يعد مؤشرا إيجابيا لمواصلة الإنتاج.
وتواجه الحكومة المصرية عقبة في تنفيذ خطتها لزيادة إنتاج الزيت والغاز، والذي تراجع بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية، نتيجة تراكم مستحقات الشركاء الأجانب لدى الهيئة العامة للبترول، مما دفع الشركات العالمية إلى التباطؤ في ضخ استثمارات جديدة، مما أثر سلبا على الإنتاج المصري، وتحاول حالياً البحث عن حلول عاجلة تمكنها من سداد جزء من تلك المديونية، بما يستهدف تحفيز الشركاء الأجانب على مواصلة الإنتاج وضخ استثمارات جديدة.
وكانت أغلب الشركات العالمية في مصر العاملة في قطاع البترول قد لجأت إلى تعليق ضخ استثمارات جديدة، وإرجاء عمليات التنمية والاستكشاف، لحين قيام الحكومة بسداد مستحقاتها، والتي تفاقمت في ظل عجز الحكومة عن الالتزام بسداد تلك المديونية في ظل التوترات السياسية التي تشهدها البلاد منذ فترة.
وكانت دول عربية، على رأسها الإمارات والسعودية والكويت وقطر، قد قدمت مساعدات لمصر في قطاع الطاقة أسهمت في توفير الوقود خلال الشهور الماضية لمحطات الكهرباء والسوق المحلى، وخفف من لجوء وزارة الكهرباء إلى تخفيف الأحمال الكهربائية على المواطنين، والتي كانت تثير استياء كثيرين، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، والتي كانت تلجأ إليها في حالة نقص الوقود إليها.
وكان وزير البترول، المهندس شريف إسماعيل، قد أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة تسعى حالياً لتدبير مليار ونصف دولار لسداد جزء من مستحقات الشركات الأجنبية في مصر قبل نهاية الشهر الجاري.
وأكد الوزير، في تصريحات صحفية، أن الإجراءات مازالت قائمة بين وزارة البترول والجهات الحكومية الأخرى، للتنسيق حول كيفية تدبير باقي مديونية الشركاء الأجانب، من خلال التنسيق بين وزارتي الكهرباء والمالية والبنك المركزي.
وكانت مديونية الهيئة العامة للبترول للشركات الأجنبية في مصر قد دفعت بعض الشركات الأجنبية إلى تقليص حجم استثماراتها، مما أدى إلى ثبات معدلات إنتاج مصر من الغاز والزيت دون زيادة.
وتواجه الهيئة العامة للبترول نقصاً شديداً في السيولة، يدفعها إلى تأجيل مدفوعات الشركات العالمية، الأمر الذي أدى إلى تأجيل العديد من الشركاء تنمية الكثير من حقول الزيت والغاز، ما انعكس على ثبات كميات الإنتاج.
وتنتج مصر حاليا 680 ألف برميل يوميا من الزيت والمتكثفات، و5.7 مليار قدم مكعب من الغاز طبقا للبيانات الصادرة عن هيئة البترول.
وكان وزير المالية أحمد جلال قد أكد أن مصر ستبدأ في سداد الديون المستحقة لشركات النفط الأجنبية، وإنها تبحث حاليا جدولة الديون في مقابل استثمار الشركات في التنقيب وزيادة إنتاجها من حقول النفط والغاز في مصر.
فيما قالت شركة دانة غاز اليوم، إنه تجرى حاليا محادثات مع الحكومة المصرية المعنية بخصوص تسوية مستحقّاتها المتأخرة وخططها المستقبلية للاستثمار، لافتا إلى ترحيبها بخطط الحكومة الرامية إلى تعزيز مستويات إنتاج المشتقات الهيدروكربونية بهدف تلبية الطلب المحلى المتزايد.
من جانبه، قال المهندس محمد شعيب، الرئيس السابق للشركة القابضة للغازات "إيجاس"، إن مديونية الشركاء الأجانب يجب أن تكون موضع اهتمام رئيسي من الحكومة لحث الشركاء الأجانب لضخ استثمارات جديدة، وضمان آلية لاسترداد مستحقاتهم، وإلا سيتراجع حجم الإنتاج، وليس أمام الحكومة إلا الاستيراد لتعويض حجم التناقص، مما يؤثر على حجم السيولة بالنقد الأجنبي.
وأكد شعيب تأثر الاستثمارات الأجنبية في مصر نتيجة للارتفاع مديونية قطاع البترول للشركاء، مما أثر سلبا على القطاع، وأدى إلى تباطؤ المستثمرين في الإنفاق على استثماراتهم.
وأشار شعيب إلى أن تلك المديونية ساعدت أيضا على زيادة معدلات التناقص الطبيعية للحقول عن معدلات الإنتاج، وزيادة حجم الاستيراد في الوقت الذي يتراجع فيه الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتسبب في نقص المنتجات البترولية داخل الأسواق.
من جانبه أكد المهندس يسرى حسان، رئيس شركة فيجاس اليونانية للبترول، أن مصر مقبلة على كارثة حقيقية وتفاقم العجز الحالي في الطاقة، إذا لم تقم على الفور بوضع خطط طويلة لأزمة الطاقة، لافتا إلى وجود تباطؤ في ضخ استثمارات جديدة في قطاع البترول منذ عام 2011 بسبب غموض الموقف السياسي، وهو ما دفع أغلب الشركات الأجنبية في مصر إلى المحافظة على معدلاتها الحالية من الإنتاج، وعدم ضخ أية استثمارات جديدة.
|