قال رئيس البورصة المصرية محمد عبدالسلام، إن الفترة التى تلت استئناف التداول بالسوق فى 23 مارس الماضى، عكست تزايدًا لثقة المستثمرين لاسيما المحليون والعرب، الأمر الذى عكسته بقوة إحصائيات التداول، التى كشفت اتجاههم الشرائى طويل ومتوسط الأجل.
وأضاف: انعكس ذلك على تقليص الضغوط البيعية التى توقعتها الكثير من التقارير الاقتصادية قبل استئناف التداول فى الأسبوع الأخير من مارس الماضى، مشيرًا إلى أن هذه الثقة لم تأت من فراغ، وإنما استندت إلى شفافية التعامل، التى حرصت عليها البورصة المصرية عندما ألزمت إدارة السوق الشركات المقيدة بإفصاح متكامل عن الحالة التشغيلية والمالية للشركات.
من جهة أخرى أكد "عبدالسلام" استمرار الحكومة المصرية فى تبنى سياسة السوق المفتوحة، وتشجيع الاستثمار الأجنبى.
جاءت تصريحات "عبدالسلام" فى إطار مؤتمر "البورصة المصرية الحاضر والمستقبل"، الذى انعقدت فى دبى أولى حلقاته، التى تنظمها البورصة المصرية ضمن فعاليات جولتها الترويجية فى منطقة دول الخليج العربى، وهو المؤتمر الذى شهد حضورًا كثيفًا من مديرى ومسئولى المؤسسات المالية الإماراتية وبنوك الاستثمار وشركات الوساطة العاملة هناك.
وفى نفس السياق أشار "عبدالسلام" إلى أن أداء البورصة المصرية جاء أفضل من المتوقع بما انعكس أيضاً على توجهات المؤسسات بعدما بدأت ستاندرد آند بورز فى تدشين مؤشر جديد يضم فى طياته عددا من الأسواق الناشئة من ضمنها السوق المصرية.
وكشف محمد عبدالسلام عن أن قرابة 60% من المستثمرين، الذين قاموا بالشراء فى أولى جلسات التداول هم مستثمرون دخلوا السوق لأول مرة، كما أرجع رئيس البورصة ذلك إلى تفاؤلهم بتضاؤل عامل المخاطر السياسية مقارنة بمستوياتها قبل اندلاع الثورة، خاصة بعدما تم الاتفاق على خريطة طريق بالنسبة للاستحقاقات السياسية والتشريعية وتوقيتاتها.
وشدد رئيس البورصة المصرية على ضرورة تضافر جهود جميع المصريين سواء فى الداخل أوالخارج خلال الفترة المقبلة، حتى تتم إعادة بناء الاقتصاد المصرى وتحقيق معدلات النمو اللازمة.
وتابع: "إن المراحل الانتقالية فى تاريخ الأمم تشهد انخفاضًا شديدًا فى معدلات النمو مع انخفاض قيمة العملة المحلية، وهو ما حدث لدول أخرى إبان حدوث ثورات مشابهة لما شهدته مصر مؤخرًا مثل تركيا وكوريا الجنوبية اللتين كانت ظروفهما الاقتصادية مشابهة لمصر كثيرًا قبل التحولات، التى شهدتها هاتان الدولتان فى ثمانينيات القرن الماضى، والآن أصبحت هذه الدول ذات اقتصاديات واعدة.
وأشاد "عبدالسلام" بالمميزات التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى، وعلى رأسها قوى العمل من الشباب بما يمثل نحو 46% من السكان، بالإضافة للعمالة الكثيفة وقليلة التكلفة، التى تعد الأقل تكلفة مقارنة بدول المنطقة، وغير ذلك من مقومات اقتصادية منها التنوع النسبى فى هيكل الناتج القومى.
وردًا على تساؤل إحدى المؤسسات المالية عن تواضع السيولة، قال "عبدالسلام" ان اهتمام البورصة فى الوقت الحالى بزيادة معدلات الإفصاح المتكامل والجيد من الشركات سينعكس بالتأكيد على زيادة معدلات السيولة، فضلا عن أن الجولات الترويجية تهدف لتوضيح وضع السوق المصرية، وبالتالى ستزيد من مستويات السيولة بشكل كبير.
وردًا على تساؤل آخر بشأن قضايا الأراضى التى تواجهها الشركات، أفاد "عبدالسلام" بأن سحب الشركات لم يتم بناء على قرار إدارى، ولكن حال حدوثه سيكون بقرار قضائى، لاسيما أن بعض التعاقدات قد تمت بطرق غير قانونية.
وأضاف: "فى الوقت ذاته لن تقوم الحكومة باتخاذ قرارات تؤثر على مساهمى الشركات، التى توجد لديها أراضٍ محل نزاع قضائى، وتوقع "عبدالسلام" عددًا من السيناريوهات لحل موضوع الأراضى منها: قيام الشركات صاحبة الأراضى بدفع فروق الأسعار فى صورة دفعات على مدد طويلة، أو أن يتحمل رجل الأعمال بصفته الشخصية فروق الثمن بين السعر الحقيقى والسعر الذى تم الشراء به.
وقلل رئيس البورصة من تأثيرات الانخفاض المتوقع لأسعار الصرف، مشيرًا إلى أنه أمر ذو تأثير متباين بالنسبة للشركات العاملة، أما بالنسبة لتأثيره على مدى جاذبية الاستثمار بالبورصة، فقد أكد أن المؤسسات المالية المختلفة تضع فى حساباتها عند اتخاذ القرار الاستثمارى أى تغير متوقع فى سعر الصرف.
وعن الإجراءات الاحترازية قال "عبدالسلام"، إنه على الرغم من أن حركة التداول فى السوق لم تجبرنا على استخدام الإجراءات الاستثنائية سوى فى أول يومين للتداول، فإدارة البورصة وبالتعاون مع الجهات الرقابية تدرس مدى أهمية الاستمرار فى العمل بها، وبالفعل تم وقف بعضها مثل عدد ساعات التداول واشتراطات الملاءة المالية لشركات السمسرة.
واستطرد: "تتم مراجعة باقى الإجراءات لتعديلها مثل الإجراءات المنظمة للجلسة الاستكشافية، أما بالنسبة لآلية التداول فى ذات الجلسة فكشف عبدالسلام عن أن تفعيلها سيتم مع تطبيق الشق الثانى لهذه الآلية وهو اقتراض الأسهم بغرض البيع، حتى يحدث نوع من التوازن بين الآليتين".
وعن الطروحات الجديدة كشف رئيس البورصة أن هيئة الرقابة المالية تدرس عددًا من طلبات الشركات فى هذا الصدد معربًا عن أمله فى أن تشهد السوق بعضًا من هذه الطروحات قبل نهاية العام الحالى.
كما أكد "عبدالسلام" اهتمام إدارة البورصة بالشركات المتوسطة والصغيرة، وتعديل آليات العمل فى بورصة النيل، مما سينعكس بالتأكيد على وتيرة الطروحات الأولية فى السوق.
وفى سياق متصل لفت "عبدالسلام" إلى العديد من المزايا الإيجابية، التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن شرعية الحكومة تدعم من فرص الإصلاح وفتح آفاق جديدة فى مجال الأعمال، وتحسين بيئة العمل مع التحسن الهيكلى فى مؤسسات الدولة ودعائم الاقتصاد فى ظل مناخ ديمقراطى.
كما أكد أيضا أن قدرة الحكومة على دعم النمو ما زالت محدودة، وهو ما يجعل الاقتراض من الخارج هو الوسيلة الوحيدة لتحفيز الناتج القومى فى ظل معدلات تضخم تشكل تحديًا كبيرًا أمام متخذى القرار، لاسيما مع زيادة الأسعار المتزامنة مع المطالبة الشعبية بزيادة الأجور فى توقيت يتوقع فيه المحللون تقلص الناتج القومى بنسبة 2.5% للعام الحالى مع اتساع العجز المالى، خاصة أن القطاع المصرفى مشترك بقوة فى سد احتيجات الإقراض الحكومى.
وأشار "عبدالسلام" الى أن فكرة إنشاء صندوق مصر المستقبل جاءت بناء على رغبة شعبية عقب نجاح ثورة يناير، لتحفيز جانب الطلب فى حركة التداول ، التى كان من المتوقع لها أن تشهد تباطؤًا كنتيجة طبيعية للأحداث التى شهدها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة، لافتًا الى أن مؤسسى الصندوق جهات محايدة تمامًا ولا تهدف إلى الربح، كما أن كل الأطراف ذات العلاقة تنازلت عن الرسوم المستحقة خلال العام الأول من عمر الصندوق فى سبيل دعم فكرة إنشائه.
|