تحليل: تثبيت الفائدة .. "الاهداف التشغيلية" تواجه "الإنكماش"

 


قرار لجنة السياسة النقدية بتحديد اسعار الفائدة داخل السوق يتجاذبه توجهان تقليديان لا يستطيع صانع السياسة النقدية التفكير في إحدهما دون الآخر, وإلا جاءت نتائج القرار بأحد امرين إما مزيد من إنكماش الإئتمان المصرفي وارتفاع تكلفة الاموال علي البنوك في حالة زيادة اسعار الفائدة, أو التضحية بمصالح صغار المدخرين وتحفيز منح الائتمان في حالة خفض اسعار الفائدة.



أما أذا اختار البنك المركزي التمييز بين اسعار الفائدة " الدائنة"و "المدينة"ليزيد من الفارق المقبول بينهما وهو في حدود 1.5% فهذا في الغالب لا يكون سوي اجراء إستثنائي, ومع ذلك فـ"المركزي" في هذه الظروف غير مضطر علي الإطلاق لذلك لانه لا يحتاج إلي زيادة الفائدة علي الودائع وخفضها علي القروض مثلاً لأن هذا يعني توجيه ضربة عنيفة للبنوك التي سترتفع تكلفة الاموال لديها فيما تنخفض عائداتها من الإقراض ايضاً, كما لا يستطيع السير في عكس الاتجاه حتي لا يدفع المودع من القطاع العائلي تكلفة الوضع الراهن من عائد مداخرته.



ماذا فعل "المركزي" علي وجه الدقة بقرار "تثبيت" سعر الفائدة إذن؟



"المركزي"  قرر في هذه اللحظة الحرص علي منح السوق المزيد من التوزان وترك الادوات التشغيلية للسياسة النقدية تعمل بحرية دون ضغوط فالمهم ألا تسقط البنوك حالياً في فخ الانكماش كما يتوجب الحفاظ علي مصالح صغار المدخرين حتي لا يتم الدفع بهم قسراً خارج البنوك لتلتهمهم شراك كبار المستثمرين.. لهذا جاء قرار "التثبيت"  للحفاظ علي المستوي العام للاسعار وعلاج الاختلالات المرحلية العارضة عن طريق رفع كفاءة إدارة السيولة في السوق لتكون شعار الاسابيع الستة المقبلة وحتي تاريخ الانعقاد المقبل للجنة السياسة النقدية.



الأهداف "التشغيلية"هي محور تحركات "المركزي"في الفترة المقبلة التي تركز علي التأثير في كمية عرض النقود داخل السوق المصرفية والسيطرة علي الاعراض التضخمية, وتعويض البنوك عن تباطؤ حركة النشاط الاقتصادي وتشجيعها علي الانضباط ضمن منظومة تسعير للعائد تقلص من اختلالات العرض والطلب بعدما حرص "المركزي"  علي تحديد سعر العائد علي عمليات "الريبو"  عند 9.25% وهي العمليات التي يقوم بمقتضاها "المركزي"  بشراء اذون الخزانة التي في حوزة البنوك لمدة 7 ايام من آجالها للحد من المظاهر الانكماشية وتعويض البنوك عن اضطراب تعاملات الانتربنك فيما بينهما.



لهذا كان قرار "التثبيت" وخلافاً لما قد يبدو من كونه استنساخ لقرارات مشابهة علي مدار أكثر من عام ونصف العام فإنه يؤكد في هذه المرحلة علي علاج الاختلالات العارضة والاعتماد علي الاهداف التشغيلية حتي إشعار جديد.



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي