وافق مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور عصام شرف، اليوم الأربعاء، على مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2011/2012 تمهيدًا لرفعه إلى المجلس العسكري، لاعتماده والعمل به اعتبارًا من أول يوليو المقبل.
وتأتى هذه الموازنة فى ظل ظروف استثنائية يمر بها الاقتصاد المصرى بعد أن أصبح من المتوقع ألا يزيد معدل النمو خلال العام المالى الجديد على 3 –3,5% وهى معدلات منخفضة لا تكفى لتوليد فرص العمل المطلوبة لاستيعاب الداخلين الجُدد إلى سوق العمل. لذلك حرصت الحكومة على أن يأتى المشروع متوازناً من جهة الوفاء بالمصروفات الحتمية وتوفير الإعتمادات الكافية للإنفاق على البعد الاجتماعى، بجانب الدفع بعجلة النشاط الاقتصادى من خلال زيادة الإنفاق الاستثمارى بنسبة 16,3%.
وحرصت أيضا على أن يظل العجز الكلى بالموازنة فى الحدود الآمنة للحفاظ على معدلات الدَّين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى لأجهزة الموازنة دون زيادة. وفى سبيل ذلك فإن نسبة العجز المستهدف فى حدود 8,6% من الناتج المحلى مقابل 9,5% من الناتج كمتوقع للعام المالى الجارى 2010/2011.
ولفتت الحكومة الى أن تحقيق الإستقرار الإقتصادى والإجتماعى أولوية رئيسية فى هذه المرحلة، وأن جهات الدولة ستلتزم بترتيب أولوياتها فى ضوء الإعتمادات المدرجة لها، وهو ما يعكسه كله مشروع الموازنة العامة للعام المالى الجديد.
وأوضح البيان الصادر اليوم عن مجلس الوزراء، أن إجمالى الإنفاق العام فى مشروع الموازنة الجديد يبلغ 490,6 مليار جنيه بزيادة 14,7% عن المتوقع لموازنة العام الحالى. وقال إن جملة الإنفاق على البعد الاجتماعى من صحة وتعليم ودعم وتحويلات وخلافه بلغ 263,5 مليار جنيه وهو ما يمثل نحو 54% من جملة المصروفات.
وأوضح ان فاتورة الأجور شهدت زيادة بنسبة 23% إلى 117,5 مليار جنيه حيث تأخذ فى الاعتبار توفير الاعتمادات اللازمة لتمويل العلاوة الخاصة بنسبة 15% والتى تقررت فى إبريل 2011 بتكلفة 3 مليارات جنيه، وكذلك تمويل المرحلة الأولى من البرنامج الشامل لإصلاح منظومة الأجور فى الجهاز الحكومى حيث تم إقرار رفع أقل نسبة للأجر المُتغير من 75% إلى 200%، وهو ما يُحقق وصول أقل إجمالى للأجر الشامل إلى 700 جنيه تقريبًا، وبالتالى تقليل الفوارق غير المقبولة بين ما يتقاضاه شاغلو نفس الدرجة المالية من العاملين بالدولة فى الجهات المختلفة.
وتبلغ تكلفة هذا الإجراء 9 مليارات جنيه إضافية عن كل سنة، وقال مجلس الوزراء إن إصلاح منظومة الأجور يأتى فى إطار برنامج شامل يهدف إلى تحقيق العدالة ورفع مستويات المعيشة بجانب ربط الأجر بالإنتاجية وتفادى تفاقم معدلات التضخم فى الاقتصاد المحلى.
وتمت الموافقة أيضا على زيادة مخصصات شراء السلع والخدمات بنسبة 5% فقط إلى 30,3 مليار جنيه وذلك على أن تتضمن نحو 5,2 مليار جنيه تكلفة مستلزمات الأدوية والأغـذية بالمستشفيات والمدارس والسجـون، وكذلك نحو 1 مليار جنيه لنفقات طباعة الكتب المدرسية.
وبلغت مخصصات الباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الإجتماعية 157,8 مليار جنيه حيث تم التأكيد على توفير المبالغ اللازمة لتمويل دعم السلع الغذائية خاصة الخبز، حيث تبلغ جملة اعتمادات السلع التموينية 22,4 مليار جنيه.
وتتضمن مخصصات هذا الباب أيضا على نحو 1500 مليون جنيه لدعم إسكان محدودى الدخل بزيادة 250 مليون جنيه عن متوقع العام الجارى، و850 مليون جنيه لدعم الركاب وأكثر من 420 مليون جنيه لدعم الأدوية، وذلك بخلاف مبلغ 3500 مليون جنيه لدعم العلاج المجانى على نفقة الدولة.
وفى نفس الوقت تبلغ جملة مخصصات دعم المواد البترولية فى حدود 95,5 مليار جنيه.
يذكر أن نتائج الحوار الوطنى الذى أجرته وزارة المالية مع مختلف الأطياف السياسية والفكرية، طالب بضرورة ترشيد ما يتسرب من دعم الطاقة لغير مستحقيه، على أن يتم تحويل الوفورات لأنواع أخرى من الإنفاق تتسم بمردود اجتماعى فعلى، أو لخفض عجز الموازنة.
وبالفعل بدأت الحكومة اتخاذ إجراءات عملية فى هذا الاتجاه حيث وافق مجلس الوزراء على البدء فى تحويل المخابز وقمائن الطوب للعمل بالغاز الطبيعى بدلاً من السولار، أو البوتاجاز الذى كان يتم تهريبه بكميات ضخمة، خاصة لتشغيل قمائن الطوب.
كما وافق المجلس على أن يتم توريد البوتاجاز للمنشآت التجارية والسياحية بأسعار تكلفتها طالما أنها تقدّم خدماتها بالأسعار التجارية ولا تقدم فى النهاية سلعًا مدعومة للمواطن.
ومن المتوقع أن تحقق هذه الإجراءات وفورات فى حدود 3,5 مليار جنيه خلال العام المالى 2011/2012، على أن يرتفع هذا الوفر إلى ما بين 5 –5,5 مليار جنيه إعتباراً من العام المالى التالى عند الإنتهاء من تحويل كافة المخابز للعمل بالغاز الطبيعى بدلاً من السولار.
وبدأت وزارة البترول إتخاذ إجراءات عملية لمراجعة أسعار تصدير الغاز الطبيعى واصبح من المتوقع أن تسفر المرحلة الأولى من تحقيق دخل إضافى للهيئة المصرية العامة للبترول فى حدود 4 مليارات جنيه تقريباً.
كما تم إدراج مبلغ 1 مليار جنيه للتدريب التحويلى لمكافحة البطالة وذلك من خلال منظومة متكاملة للإعانة ضد البطالة والتشجيع على التشغيل فى نفس الوقت. وبالنسبة للمعاشات قرر مجلس الوزراء أن تتحمل الموازنة العامة 3,5 مليار جنيه تمثل تكاليف العلاوة بنسبة 15% على إجمالى المعاش الشامل والتى أقَرت فى ابريل الماضى، وإلا تتحملها الصناديق.
وفى سياق متصل قرر مجلس الوزراء إدراج مبلغ 2,8 مليار جنيه لمواجهة فروق العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 114 لسنة 2008 لتصبح 30% بدلاً من 20% وبحد أقصى 100 جنيه.
كذلك قرر المجلس زيادة مخصصات معاش الضمان الإجتماعى بنحو 1,6 مليار جنيه ليصل عدد الأسر المستفيدة من هذا المعاش إلى 1,5 مليون أسرة. وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الاعتماد تغطى رفع قيمة المعاش بنسبة 25%.
وفى نفس الوقت، قرر مجلس الوزراء زيادة حجم الاستثمارات الحكومية بنسبة 16% إلى 47,2 مليار جنيه مقابل 40 مليار جنيه تقريباً فى العام الجارى بهدف دفع عجلة النشاط الاقتصادى حيث توجه هذه النفقات فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية والإسكان؛ وهى بجانب كونها مشروعات مرتبطة بصناعات مغذية عديدة، فهى فى نفس الوقت تتميز بمعدلات تشغيل عماله كثيفة.
وعلى جانب الإيرادات، فإن جملة الإيرادات تبلغ 349,6 مليار جنيه بزيادة 55,2 مليار جنيه عن متوقع العام الحالى. وتأتى معظم الزيادة فى إرتفاع إيرادات الجهات السيادية مثل وزارة البترول وقناة السويس والبنك المركزى بالإضافة إلى الضرائب المستحقة على الأذون والسندات. كما أن هناك جزء من الإيرادات المتوقعة نتيجة تطبيق بعض الإجراءات مثل الضريبة التصاعدية بإضافة شريحة رابعة 25% على الوعاء الذى يزيد عن 10 مليون جنيه، وزيادة ضريبة المبيعات على السجائر من 40% إلى 50%.
وأكد مجلس الوزراء أن العناصر المستحدثة للحفاظ على البعد الاجتماعى بالموازنة العامة تتركز على الحفاظ على دعم السلع التموينية، وإدخال شريحة ضريبية جديدة بنسبة 25% على الدخول الكبيرة، ومع مراعاة ألا يكون لها أثر سلبى على الاستثمار والاقتصاد، بجانب الزيادات التى تمت فى أجور العاملين بالدولة بنسبة 15%، وتقليل الفوارق بين شاغلى نفس الدرجة بالأجهزة المختلفة وذلك عن طريق رفع أقل نسبة للأجر المتغير من 75% إلى 200%.
لذلك فإن المحصلة النهائية تعكس تراجع فى نسبة العجز الكلى من 9,5% من الناتج المحلى كمتوقع للعام الجارى إلى 8,6% من الناتج المحلى ليسجل 134,3 مليار جنيه، بجانب خفض معدل إجمالى الدين لأجهزة الموازنة العامة من 83% كمتوقع للعام الجارى إلى 81% فى نهاية يونيو 2012.
ويؤكد مجلس الوزراء أن الموازنة العامة للدولة للعام الجارى تعكس حرصاً شديداً فى الإنفاق العام حيث لم يرتفع العجز إلا بـ 4 مليارات جنيه تقريباً، وهو ما يعكس التزام الحكومة وأجهزتها بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام والالتزام بحدود المخصص لكل جهة بجانب الإعتماد قدر المستطاع على مصادر التمويل الذاتى من الحسابات الخاصة والصناديق.
|