تحليل : تجميد الحكومة للاستدانة الخارجية.. “السياسي” محل “الفني”

 


 



فاجأت الحكومة الاوساط الاقتصادية بالقرار الذى أعلن عنه وزير المالية الدكتور سمير رضوان اليوم،بأنها قررت وقف الاستدانة الخارجية والمفاوضات مع كل من "صندوق النقد" و"البنك" الدوليين، وهى المفاوضات التى شملت الاتفاق على 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وما بين 2 إلى 3 مليارات دولار مع البنك الدولي، بعد أن كانت المفاوضات قد قطعت شوطاً مهماً مع صندوق النقد وفقاً للإحتياجات التى كشفت الحكومة عن عدم قدرتها على تدبيرها فى الفترة المقبلة لمواجهة الالتزامات قصيرة الآجل، التى نتجت عن التأثر البالغ لعائدات الخزانة العامة من الموارد السيادية والأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية كالنشاط السياحي.



ورغم المبررات التى ساقها الدكتور"رضوان" فى تصريحاته حول خفض العجز فى الموازنة العامة من 170 مليار جنيه إلى 134 ملياراً فقط فى العام المالى 2011/2012، ونفيه وجود خلاف مع المجلس العسكرى حول مشروع الموازنة الذى قدم إليه من جانب الحكومة، إلا ان الواضح ان المليارات الـ36 التى تم تخفيضها دون افصاح كامل عن البنود التى شملها هذا الرقم كانت سبباً فى عدم كشف الحكومة عن خطة الموازنة العامة للعام الجديد، بالرغم من قرب بدأ العمل بها كما هو مقرر فى مطلع الشهر المقبل، وفى غضون اقل من أسبوع، وهو ما يشير إلى وجود عقبة حقيقية فى تمرير المشروع من جانب المجلس العسكرى خلاف ما ادعاه "رضوان".



وإذا كان "السيناريو" قد دار على النحو السابق تجاه قضية على قدر اهمية تمويل العجز فى الموازنة العامة وايجاد الموارد اللازمة لذلك، فإن ما حدث من خفض لرقم العجز دون إفصاح "شافى" عن إدارة هذا الخفض وكيفية اجراؤه، يشير إلى ان ثمة معالجة "سياسية" يفترض انها تمت لشأن "فني"، هدفها الاساسى خفض الاعباء الزائدة عن الموازنة العامة، والتى يمثلها التوسع فى الاستدانة من الخارج.



ولكن هذه المعالجة تفقد صلاحيتها إذا لم يتم الكشف عن البنود التى تم اختزالها و ضغطها فى الموازنة لحذف تلك المليارات لإن وجود ضرورة للتمويل العاجل لبعض الإلتزامات الطارئة فى الآجل القصير، قد لا يجدى معها العلاج المحاسبى الرقمى فقط كما حدث فى خفض القيمة الاجمالية للعجز، وتصبح مجرد محاولة هروب إلى الأمام، بحيث تصدر "الأزمة" إلى الحكومة القادمة.



أما اذا كانت بنود الخفض معلومة لمتخذ القرار وفى محلها، فإن حجب الافصاح الكامل عنها يمثل اصراراً على الحل السياسى فيما لا اختصاص له فيه.



جميع الحقوق محفوظة لموقع الخبر الاقتصادي