وسط حملة انتقادات حادة ومخاوف من إثارة فتنة طائفية جديدة بالمنطقة بين السنة والشيعة، بدأت 140 دار سينما في إيران عرض فيلم «محمد رسول الله» الذي يعد الأضخم والأكثر كلفة في تاريخ السينما الإيرانية إذ بلغت ميزانيته أربعين مليون دولار.
الفيلم الذي يشهد إقبالًا واسعًا يروي طفولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن المقرر أن يعرض خلال مهرجان مونتريال في كندا، ويقول مخرج الفيلم مجيد مجيدي إن إنتاجه يهدف إلى إحلال الوفاق في العالم الإسلامي الذي تضربه فتن عاصفة تحاول تقسيمه بين سنة وشيعة وغيرها من الطوائف.
وشهدت أكثر من 40 صالة سينما بطهران و98 أخرى في كافة محافظات البلاد العرض الأول للفيلم السينمائي «محمد رسول الله» عليه الصلاة والسلام للمخرج الإيراني مجيد مجيدي.
وبررت طهران إقدامها على الخطوة بأنها تهدف إلى صد الهجمة التي يتعرض لها الإسلام من قبل أعدائه خاصة على الصعيدين الثقافي والإعلامي من خلال تقديم صورة حقيقية عن النبي والدين الإسلامي.
ويتناول الفيلم طفولة النبي، ويضم كوكبة من نجوم السينما الإيرانية، حيث شارك فيه أكثر من 400 فنان في أدوار أساسية، وأكثر من 6000 فنان بأدوار ثانوية.
وأعرب الشاعر والأديب الإيراني علي موسوي كرمارودي عن اعتزازه بالمشاركة في هذا العمل، موضحًا أنه قد: طلب مني المخرج مجيدي ترجمة الأبيات الشعرية والمعلقات التي كان ينشدها عم النبي أبوطالب للرسول صلى الله عليه وآله والتي هي من ضمن أحداث الفيلم، حسبما أفادت وكالة «فارس» اليوم.
وضجت صالات السينما بالحضور لمشاهدة العرض الأول للفيلم.. فمنهم من كان ينتظر دوره.. ومنهم من لم يمنعه العكاز الذي كان يتوكأ عليه من الحضور.
وقال بعض المشاهدين هناك أنهم شاهدوا عملا ممتعا "فالقصة تطرح للمرة الأولى في السينما الإيرانية.. والفيلم سيترك بصمة في سجلها".
وبعد الانتهاء من العرض أثنى الجمهور على الفيلم.. بدءا بالقصة ووصولًا إلى الإخراج. وقال أحد الجمهور "استمتعت كثيرًا بالعرض.. فالفيلم وضع رؤية عن الإسلام تبتعد عن تلك الراسخة في الدول الغربية والتي غالبًا ما تقتصر على إرهاب إسلامي متمسك بالعنف، في حين أن الإسلام هو الرأفة والسلام".
الفيلم الذي من المقرر أن يعرض في مهرجان مونتريال السينمائي بلغت تكلفته 40 مليون دولار ودعمته الدولة جزئيًا، والهدف منه كما قال المخرج مجيد مجيدي إيجاد الوفاق في العالم الإسلامي.. ولذلك جاء اختيار تلك الفترة من عمر الرسول، والتي لا تؤدي إلى خلافات في العالم الإسلامي.
وفى ظل حملة التنديد في الدول العربية، أعلن المركز السينمائي المغربي في عام 2010 رفضه منح ترخيص لعمليات تصوير خاصة بهذا الفيلم؛ لـ«مسه بالثوابت الدينية».
وأصدرت «الهيئة العالمية للتعريف بالنبي محمد» بيانا تناولت فيه قضية الفيلم في مارس 2013، واصفة تجسيد النبي «محمد» بأنه عمل «منكر وشنيع» وفيه «انتقاص» لمكانته، معتبرة أن الحكومة الإيرانية مسئولة عن مواجهة هذه الإساءة.
وقال رجل الدين والباحث السعودي المتخصص بالسنة النبوية، «خالد بن عبدالرحمن الشايع»، في تصريحات صحفية سابقة إن منع تصوير النبي «محل إجماع إسلامي»، لافتا إلى أن العديد من المرجعيات الدينية الإيرانية لديها تحفظ شديد على تجسيد الأئمة «لدى الطائفة الشيعية»، معتبرا أنه من باب أولى تطبيق ذلك على تشخيص النبي.
وأكد الأزهر رفضه تجسيد النبي صلى الله عليه وسلم في أية أعمال فنية سواء بالصوت أو الصورة، قائلا: إنه "ينزل بمكانة الأنبياء من عليائها وكمالها الأخلاقي ومقامها العالي في القلوب والنفوس إلى ما هو أدنى بالضرورة".
وقال في بيان له صدر خلال شهر فبراير من هذا العام في مستهل الحديث عن العمل الفنى: إنه يرفض ويعترض على تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية، وذلك لمكانتهم التي لا ينبغي أن تمس بأيِ صورة في الوجدان الديني.
واعتبر الأزهر "تجسيد شخصيات الأنباء والرسل في الأعمال الفنية يعد انتقاصا من هذه المكانة الروحية التي يجب الحفاظ عليها".