أن الأموال الساخنة تمثل خطورة على أي اقتصاد لسهولة خروجها من مصر في أي وقت ، فضلًا عن أنها تكون ناتجة عن غسيل أموال في بعض الأحيان .
لا تهدف الأموال الساخنة للاستثمار طويل الأمد أو البقاء في مكانها، في الوقت الذي تعطي انطباع أن الأوضاع جيدة قاصدة من ذلك رفع أسعار الأسهم والسندات وتوهم المستثمرين في الأسواق المالية أن الأمور تسير على ما يرام فيتوجه الجميع للشراء لترتفع الأسعار بشكل غير مبرر وتتشكل فقاعة سرعان ما تنفجر عندما يقرر أصحاب تلك الأموال بيع ما يملكونه من أسهم وسندات بأسعار مرتفعة بعدما اشتروها بأسعار رخيصة ليجنوا من وراء هذه العملية أرباح هائلة وسريعة ويخرجونها إلى خارج الدورة الاقتصادية.
وما يقلق خبراء الاقتصاد وبعض المسئولين في القطاع المصرفي، أن هؤلاء المستثمرين يتجهون حاليا للخروج من السوق، في وقت يشهد فيه سعر الدولار تراجعا بنحو 25% عن فترة دخولهم السوق، بعد أن انخفض إلى نحو 15.70 جنيها مقابل 20 جنيها، ما يعني أنهم حققوا مكاسب من فروق سعر الصرف فقط بهذه النسبة، فضلا عما حققوه من عائد يصل أيضا إلى 18% عبر شراء أذون الخزانة الحكومية قصيرة الأجل، ومكاسب تفوق هذه المعدلات في البورصة.
انفجار القفاعة والبدء في عملية البيع ينقل العدوى للجميع لتبدأ حركة بيع تودي بانخفاض مؤشرات الأسواق إلى مستويات كبيرة، وينخفض سعر صرف العملة بسبب نزيف حاد في العملة الأجنبية ناجمة عن هروب رأس المال الأجنبي لقاء التخلي عن العملة المحلية.
أن هناك كتائب إلكترونية معروفة، تعمل لهدم مؤسسات الدولة، وتروج تلك الشائعات فهناك حرب شرسة من بعض قوى الشر الإقليمية والدولية هدفها إسقاط وهدم الدولة، كما أن هناك "أموال ساخنة" تم إنفاقها " هناك فلوس ساخنة دُفعت لإسقاط هذا البرلمان وكانت مكثفة لبعض الحملات الإعلامية قبل وبعد الانتخابات، والجميع يعلم من وراء ذلك وأنتم تتمتعون بالذكاء الكافي، ومن يعتقد أنه يعمل بغرفة مغلقة أو أماكن معينة فالنواب يستطيعون إجهاض محاولاته".
فيخسر الجميع وينهار الاقتصاد، إلا المضاربون أصحاب تلك الأموال الذين يبدأون رحلة البحث عن أسواق ناشئة أخرى للاستثمار فيها وتكرار نفس العملية لجني الأرباح. حيث شجع ارتفاع سعر الفائدة في هذه البلدان المتعطشة للاستثمار، الأموال الساخنة للدخول بكثافة مع تدفقات رأس المال الأجنبي وذلك للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع بالمقارنة مع الأسواق الأخرى وقتها. وابتدأت الأزمة في الفلبين وامتدت إلى دول سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وخلفت في كل بلد تدميرًا في أسواق الأسهم والسندات وسعر صرف العملات يختلف عن الآخر. هذه الأموال الساخنة خطر، فمن الممكن أن تنسحب هذه الأموال وبشكل مفاجئ عند حدوث أي خطر، وهو ما يفاقم من ازمة سوق الصرف وسعر الدولار. وبالطبع، لن تتحول الأموال الساخنة لأموال مستقرة تفيد الاقتصاد القومي كما اثبتت التجارب، والحل هو جذب استثمارات أجنبية مباشرة يتم من خلالها إقامة مشروعات صناعية وزراعية وسياحية وخدمية وانتاجية، وفي نفس الوقت تزيد السيولة الدولارية داخل السوق وتدعم العملة الحلية، وهذا الأمر في حاجة لاستقرار سياسي وأمني حقيقي، وكذا بحاجة لاستقرار في التشريعات والقوانين المنظمة للاستثمار، وخفض معدلات الفساد والبيروقراطية.
وفي مصر عانت سوق المال من الأموال الساخنة التي انقضت على السوق مع الارتفاع في طرح أذون وسندات الخزانة التي تطرحها وزارة المالية غالبا لتمويل عجز الموازنة. فقد استطاعت هذه الأموال جني أرباح طارئة وفي فترات قصيرة خاصة بعد الهزات السياسية المتلاحقة بعد الـ25 من يناير 2011 وخرج معظمها بعد أن تسببت في خسائر كبيرة لبعض المتعاملين في البورصة خاصة صغار المضاربين.
فقد وصل استحواذ الأجانب الى 90% من عمليات اكتتاب وفشلت البنوك المحلية في منافستها. فقد انسحب من البلاد أموال ساخنة لمستثمرين أجانب قدرت قيمتها في الفترة من يناير 2011 حتى ابريل 2011 بنحو 16 مليار دولار وذلك في ثلاثة شهور، وترتب على ذلك تراجع الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي من 36 مليار إلى نحو 20 مليار دولار. ولولا انتعاش قطاعات السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين في عام 2011 لحدث انهيار في الاحتياطي الأجنبي، لكن مع تلاشي انتعاشه هذه القطاعات الاقتصادية بسبب اختفاء حالة الاستقرار السياسي والأمني التي مرت بها البلاد ظهرت تأثيرات عمليات خروج الأموال الساخنة من مصر، فقد انهار الاحتياطي، وسارعت الحكومة للاقتراض الخارجي لوقف هذا الانهيار، وحدثت ضغوط شديدة على الدولار، ومعها حدثت انخفاضات قياسية في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وهو الأمر الذي لا تزال البلاد تعاني منه حتى الان.
الآن عادت “ريما لعادتها القديمة” كما يقول المثل العامي في مصر، فقد وجدنا مسئولي السياسة النقدية والمالية في البلاد يتفاخرون مجددا بالأموال الساخنة وبمزاياها ودورها في انقاذ الاقتصاد
هذه الأموال الساخنة خطر، فمن الممكن أن تنسحب هذه الأموال وبشكل مفاجئ عند حدوث أي خطر، وهو ما يفاقم من ازمة سوق الصرف وسعر الدولار. وبالطبع، لن تتحول الأموال الساخنة لأموال مستقرة تفيد الاقتصاد القومي كما اثبتت التجارب، والحل هو جذب استثمارات أجنبية مباشرة يتم من خلالها إقامة مشروعات صناعية وزراعية وسياحية وخدمية وانتاجية، وفي نفس الوقت تزيد السيولة الدولارية داخل السوق وتدعم العملة المحلية، وهذا الأمر في حاجة لاستقرار سياسي وأمني حقيقي، وكذا بحاجة لاستقرار في التشريعات والقوانين المنظمة للاستثمار، وخفض معدلات الفساد والبيروقراطية.
ورغم تحقيق الأموال الساخنة سيولة نقدية في الأجل القصير تزيد من حجم التعاملات المالية إلا أن أرباحها تصب في النهاية لحفنة من المضاربين المحترفين على حساب صغار المتعاملين في سوق المال الذين يكون اغلبهم محليون عديمو الخبرة، كما أن حركة الأسهم التي تبدو نشطة بسبب الأموال الساخنة تعطي توجهات غير حقيقية عن السوق كما تعطي انطباعات غير حقيقية عن حجم المشروعات، والوضع الاقتصادي، مما يـؤدي الى عدم وجود تفسيرات اقتصادية لحركة السوق وصعود وهبوط الأسهم. وتشهد الأزمات المالية الكبيرة على ان الانهيارات تكون أكبر في الأسواق الناشئة. وتزداد خطورة الأموال الساخنة نظرا لقدرتها علي التحرك من نشاط إلي آخر وعندما تستشعر الخطر على أرباحها تنسحب فورا من الأسواق، وهو ما يؤدي الي ازمات اقتصادية، بعد أن تتسبب في حدوث انهيارات مفاجئة في أسعار الأوراق المالية.
كما تتعاظم هذه الخطورة عندما تدخل الأموال الساخنة لشراء شركات حكومية تخضع لبرامج الخصخصة حيث يضمر أصحابها تحقيق ارباح خيالية مما تمتلكه هذه الشركات من أصول تتمثل في أراض أو عقارات عكس ما يظهروه من أحاديث حول الإصلاح وإعادة الهيكلة. ويرى خبراء أن أساليب مواجهة الاعيب أصحاب الأموال الساخنة تتمثل في خفض أسعار الفائدة في الأذون والسندات الحكومية اضافة إلى إجراءات مالية وحكومية مثل تدخل شركات القطاع العام لشراء الأسهم وإخضاع الشركات المالية لقواعد الحوكمة لتحقيق الشفافية والتدخل التشريعي لحسم حركة انتقال الأموال وإخضاعها لرقابة مؤسسة مالية رقابية على أن تلتزم أسواق المال بهذه القواعد.
كذلك لابد من السيطرة على المضاربات اللحظية وخاصة التي تتم عبر احدى الحيل حينما يقوم المضاربون بشراء كميات كبيرة من ورقة مالية منخفضة السعر لتسجل ارتفاعا ومن ثم يتم بيعها فورا لتنخفض مرة أخرى. كما لا بد من وجود تشريعات تضبط دخول وخروج الأموال من الأسواق وتحديد كميات التداول في فترات محددة مع توعية صغار المستثمرين بأساليب وحيل المضاربين.