ربط خبراء الصحة بين حالات الانتحار التى شهدتها الدول الاوروبية خلال الأعوام القليلة الماضية والأزمة المالية العالمية، ليخلصوا إلى نتيجة مفادها أن الأزمة المالية "من المؤكد تقريبًا" أنها أدت إلى زيادة حالات الانتحار عبر دول أوروبا.
فطبقًا لما أفادت به هيئة الاذاعة البريطانية "BBC"، وجد المحللون من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة ارتفاعًا فى حالات الانتحار تم تسجيلها بين الفئة العمرية العاملة إبان الأعوام من 2007 إلى 2009 فى 9 دول من 10 دول شملتها دراستهم.
وفى التقرير الذى نشرته مجلة لانسيت الطبية "Lancet"، تفاوتت الزيادات فى حالات الانتحار بين 5% و17% بالنسبة لمن هم أقل من 65 عامًا بعد أن كانت حالات الانتحار قد بدأت فى التراجع، لاسيما أن الباحثين قالوا إن الاستثمارات فى الأنظمة الأكثر رفاهة، التى تضمن نظامًا للرعاية الاجتماعية، كانت سببًا رئيسيًا للإبقاء على معدلات الانتحار عند مستويات منخفضة.
وأشار الى أن دعم الأفراد العائدين إلى العمل أو وجود برامج لمنعهم من فقدان وظائفهم فى المقام الأول، كان أكثر أهمية من منحهم المزايا.
واستخدم فريق الباحثين بيانات وزارة الصحة العالمية "WHO" لمقارنة المعدلات فى 10 دول شملت المملكة المتحدة كذلك.
كانت اليونان وأيرلندا، الأكثر تضررًا من الأزمة المصرفية عام 2008، نظرًا لمشاكل الديون السيادية، لتشهدا أكبر زيادة فى معدلات الانتحار، حيث إن مشاكل التوظيف تسببت فى انتشار حالة من اليأس على نطاق واسع، فخلال فترة الدراسة ارتفعت نسبة البطالة بنحو 30%.
استراليا فقط هى التى شهدت تراجعًا فى معدلات البطالة، وتم إرجاع ذلك إلى كونها الأقل تعرضًا للأزمة المالية العالمية مقارنة بغيرها من الدول.
وفيما يتعلق بالدول التى شهدت ارتفاعًا فى حالات الانتحار، كانت فنلندا الأقل بينهم، فيما شهدت اليونان أعلى حالات الانتحار، وشهدت المملكة المتحدة ارتفاعًا بنسبة 10% بعد أن وصلت حالات الانتحار إلى 6.75 حالة بين كل 100 ألف شخص.
وذكر ديفيد ستوكلر، الأستاذ بجامعة كمبريدج، إن حالات الانتحار هى مجرد غيض من فيض بالنسبة لزيادة حالات الاكتئاب، إذ تشهد الدول الأوروبية بوادر أزمة فى الصحة العقلية.
وكتب ستوكلر فى مقالة بمجلة "لانسيت" عام 2009 بعد أن جمع بيانات من 26 دولة خلال أكثر من 3 عقود إن كل زيادة تبلغ 1% فى معدل البطالة ترتبط بزيادة نسبتها 0.8% فى حالات الانتحار بين من هم أقل من 65 عامًا.