قال الدكتور إبراهيم العسيرى، المستشار السابق للمشروع النووى، إن إنشاء أول «محطة نووية» فى مصر هو مشروع «أمن قومى» لا يقل أهمية عن مشروع «قناة السويس الجديدة»، وفقًا للاستفادة الكبرى المتوقعة من دخول مصر عالم «تكنولوجيا المفاعلات النووية»، مما يسهم فى تقدمها بمختلف المجالات.
وأكد «العسيرى»، أن استخدام مصر «التكنولوجيا النووية» فى إنتاج الكهرباء يوفر لميزانية الدولة نحو ٢٥٠ مليار جنيه سنويًا، فارق استخدام الكهرباء التقليدية عن استخدام «الكهرو نووية»، مشددًا على أهمية استخدام الطاقة النووية التى لا يخرج عنها أى انبعاثات رمادية أو غازات أو أبخرة تعمل على تلوث البيئة، مثلما ينتج عن بعض محطات توليد الكهرباء التقليدية التى تعمل بالوقود الحفرى.
وأشار خبير الطاقة النووية إلى أن مشروع «محطة الضبعة» يوفر نحو ٣٥٠٠ فرصة عمل حقيقية، فى العديد من التخصصات، بمرحلته التنفيذية الأولى، موضحًا أن إنشاء محطة توليد كهرباء «تقليدية» يكلف الدولة مليار جنيه كحد أدنى، مضيفًا: «بما أننا تأخرنا عن تنفيذ المشروع النووى نحو ٣٠ عاما، فإن حجم الخسارة المادية للدولة مقابل هذا التأخر يبلغ نحو ٢٥٠ مليار جنيه».
ونوه بأن المشروع النووى سيعمل على تشجيع السياحة الداخلية والخارجية فى مصر، وقال: «المواطن العادى لم ير محطة نووية بمفاعلاتها من قبل، لذلك ستكون منطقة الضبعة مقصدًا سياحيًا»، مؤكدًا أن دخول «العصر النووى» يعمل على تشجيع التصنيع المحلى، ورفع جودة الصناعات المصرية، وهو ما تم إقراره فى الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة مع الجانب الروسى، والتى تلزم بأن تكون نسبة مشاركة المنتج المحلى المصرى فى تصنيع مكونات المفاعلات النووية فى المرحلة الأولى ٢٠٪، على أن تكون نسبة المشاركة فى المرحلة الثانية ٣٥٪، قابلة للزيادة فى المراحل الأخرى. وأشار «العسيرى» إلى أن الاتفاقيات تنص أيضًا على أن تشغيل «المحطة النووية» وصيانتها وتغيير «الوقود النووى» بها سيكون بأيدى المصريين بنسبة ١٠٠٪، وقال: «خلال فترة إنشاء المحطة فى مرحلتها الأولى، سيتم إرسال مجموعات عمل من شباب المهندسين والعلماء والخبراء للتدريب، والاطلاع على أحدث تكنولوجيا نووية روسية، ثم العودة للعمل داخل المحطة لبدء تشغيلها بأياد مصرية».
وأوضح «مستشار النووى» أن توقيع الحكومة مع الشريك الروسى على اتفاقية بالحصول على «قرض ميسر» لتمويل إنشاء «المحطة النووية» مع تيسيرات فى فترة سداد ٣٥ عامًا لا يحمل خسائر متعارفا عليها فى «مصطلح القروض»، مشيرًا إلى أن العائد من الكهرباء المنتجة من «المحطة النووية» سيعمل على سداد قيمة القرض بكل سهولة، بالإضافة إلى توفير مليارات الجنيهات لميزانية الدولة، مضيفًا: «سعر الكيلوات/ساعة من الطاقة النووية أقل سعرًا من نظيره من الكهرباء المنتجة من مصادر أخرى، وما سيتم توفيره من هذا الفارق من أموال سيتم سداد القرض به».
ونوه بأن طريقة سداد «القرض» لا تشترط أن تكون «نقدية»، لكن يمكن تسديدها فى شكل صادرات مصرية مما شاركت «التكنولوجيا النووية» فى تصنيعها، أو أن تتعاقد المصانع المصرية والمؤسسات التى تم تأهيلها للمشاركة فى تصنيع «مكونات الضبعة» على تصنيع بعض المنتجات للحليف الروسى، مقابل قيمة سداد القرض، مؤكدًا أن المشروع يُعد الأول من نوعه فى منطقة شمال إفريقيا.
وشدد «العسيرى» على قوة العلاقات الدولية بين الجانب المصرى ونظيره الروسى، مشيرًا إلى أن هناك فصلا تاما بين حادثة الطائرة الروسية المنكوبة، والتعاون الاستراتيجى بين البلدين، مضيفًا: «ما أظهره الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة المصرية من جدية فى التعامل مع هذا المشروع خلال فترة المفاوضات، هو ما جعله يخطو بخطى ثابتة، إلى أن مر بمراحل التوقيع بالأحرف الأولى، ثم دخوله حيز التنفيذ بالتوقيع على الاتفاقيتين ومذكرة التفاهم الأخيرة».
وأشار إلى أن مردود هذه الشراكة وسعى الحليف الروسى إلى منح مصر «التكنولوجيا النووية» الروسية بهذا الدعم قوى جدًا، خصوصا بعد أن أظهر الرئيس فلاديمير بوتين فى توقيع إنشاء المحطة للعالم كله أهمية مصر وجديتها نحو حجز موقع لها بين صفوف الدول الصناعية الكبرى فى القريب العاجل من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمل من أجل إرساء السلام بمنطقة الشرق الوسط والعالم، الأمر الذى أغلق الباب أمام جميع المغرضين وأفسد محاولتهم لإحداث توتر فى العلاقات الدولية بين مصر وروسيا.