عملًا بالمثل القائل "لا يفل الحديد إلا الحديد"، وبعد أن فاض الكيل بالدول العربية والاوروبية من وكالات التصنيف الائتماني الأمريكية التي دائمًا ما توجه سهامها لتلك الدول بالسلب أكثر منه بالإيجاب، تزايدت الدعوات في كلٍ من الدول العربية والأوروبية بشأن إنشاء وكالات تصنيف ائتماني تحمل جنسيات تلك الدول وتراعي المعايير الموضوعية عند بحث أي تغيير يطرأ على التصنيف الائتماني.
ودعا الخبراء الاقتصاديون إلى ولادة وكالات عربية للتصنيف الائتماني تتمتع بالإستقلالية، والموضوعية، بحيث تكون قادرة على إكتساب المصداقية، وذلك بعد أن شهد العالم ظهورًا جليًا لوكالات التصنيف الائتماني الثلاث الأشهر على الاطلاق "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش" وهي تقوم بمنح الدرجات الائتمانية التي تراها مناسبة لدول بعينها، وخفض التصنيفات الائتمانية لدول أخرى.
واستمر مسلسل الرعب يحيق بالدول العربية والأوروبية، بعد أن قامت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث بخفض تصنيفها الائتماني لليونان وأيرلندا والبرتغال، على خلفية الديون السيادية لتلك الدول وتأزم أوضاعها السيادية، ما كان له انعكاسه السلبي على الدول الأوروبية، بل ودعت إحداها بمقاضاة وكالة منهم لإضرارها بسمعتها في المحافل الدولية.
ففي الشهر المنصرم، قامت وكالات التصنيف الائتماني بتخفيض تصنيف ديون اليونان والبرتغال، ومنحت سندات الأولى تقييمًا "عديم القيمة" الأمر الذي يؤدي إلى جعل عملية تجميع الاموال أكثر تكلفة على البلاد، وهو ما أثار حفيظة القادة الأوروبيين.
ووجهت تلك التخفيضات بانتقادات عديدة من قبل مسؤولين أوروبيين وعلى رأسهم خوسيه مانويل بارسو، رئيس مفوضية الإتحاد الأوروبي، بل وأصبح الأوروبيون يجاهرون بأن الوقت قد حان لتوجه أوروبي نحو إنشاء وكالة أوروبية للتصنيف الائتماني للخروج من تحت عباءة هيمنة وكالات التصنيف الأميركية.
وفي أوائل شهر يوليو الماضي، توقع دونالد توسك، رئيس الوزراء البولندي و"باروسو"، أن تواجه وكالات التصنيف الائتماني الأمريكية الكبرى الثلاث منافسة أوروبية قريبًا، وذلك بعد الضرر الذي لحق بالدول الأوروبية جراء توالي التخفيضات الائتمانية من جانب وكالات التصنيف الائتماني الأمريكية.
وذكر وزير الخارجية اليونانى، ستافروس لامبرينيديس، أن ما قامت به مؤسسات التصنيف الائتمانى أثناء أزمة ديون اليورو كان "جنونيا"، لافتًا إلى أن مؤسسات التقييم فاقمت من الأوضاع التى كانت بالفعل صعبة على البلاد، من حيث خفض التصنيفات الائتمانية لديونها.
فيما أضاف "توسك"- الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لأول مرة لنحو 6 أشهر- إنه لن تتملكه الدهشة هو أيضًا إذا كانت هناك بعض المحاولات لإنشاء وكالة تصنيف أوروبية في المستقبل.
ونقلت وكالة الانباء الألمانية "DPA" عن رئيس الوزراء البولندي قوله إن وكالات التصنيف الائتماني كان ينبغي عليها أن تقدم الأخبار السارة فقط، وأن تتحرى "الموضوعية" في أخبار المتعلقة بالوضع المالي والاقتصادي في الشركات والدول قدر الإمكان.