صورة ارشيفية
صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال إحدى لقاءاته مع صحيفة وول ستريت يوم الأربعاء الماضي بأن قيمة الدولار باتت مرتفعة للغاية. وقد تراجع الدولار بشكل قوي على إثر تلك التصريحات، بالتزامن مع تأزم العلاقات الأمريكية بعدد من البلدان بعد التدخل الأمريكي السافر في الأوضاع السورية والكورية. لكن على الرغم من ذلك، لم تتأثر تطلعات الدولار الأمريكي بالسلب، فقد تفهمت الأسواق أن هذه الانخفاضات ما هي إلا حركات تصحيحية بعد أن جاء توتر المشهد السياسي ليزيد الضغوط على الدولار. يأتي ذلك في الوقت الذي يبقى فيه الدولار الأمريكي مدعوماً بقوة من الأوضاع المحلية.. سواء على جانب استمرار تحسن البيانات والأوضاع الاقتصادية أو على جانب السياسة النقدية واعتزام الفيدرالي الأمريكي المضي قدماً في وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة.
هذا، وقد أكد العديد من الخبراء بأن القوة الوحيدة القادرة في الوقت الراهن على دفع الدولار إلى تغيير اتجاهه الصاعد هو سوء الأسس والأداء الاقتصادي المحلي، وهو عكس ما تشهده الأسواق حالياً. ولعل الجانب الإيجابي لقوة الدولار، كما أوضح ترامب، أنه يجعل السفر والتسوق أقل كُلفة للمواطن الأمريكي. فيما عدا ذلك فإن ارتفاعات الدولار قد تُثقل على النمو الاقتصادي العام، مستوى التضخم وكذلك تعمل على خفض القدرة التنافسية للسلع المحلية.
جاءت تلك التعليقات لتدفع الدولار إلى تسجيل بعض الانخفاضات الملحوظة، ولكن مازالت الآراء تجمع على أن تحركات الدولار تأثراً بتصريحات ترامب ليست إلا رد فعل مؤقت، على أن يتمكن الدولار من تقليص خسائره مرة جديدة استناداً على العوامل المذكورة سابقاً. كما هو من المتوقع أن يكتسب الدولار المزيد من القوة خلال الفترات القادمة خاصة إن جاءت البيانات الاقتصادية لتُظهر المزيد من التحسن اتساقاً مع المستويات المتوقعة، مما يعزز من فرص الفيدرالي الأمريكي في استكمال رفع الفائدة.
هذا بالإضافة إلى حقيقة أن تصريحات ترامب حول الدولار وارتفاعاته قد تكون محدودة من الناحية السياسية. ولكن يبقى الملف الأهم هو مدى تدخل الإدارة الأمريكية وتعليقها المستمر على سياسات الدول الأخرى وكيفية تعاملها مع عملاتها المحلية، كما حدث مع وصف الصين بأنها "بطل العالم" من حيث التلاعب في قيمة العملة بهدف جذب الاستثمار والطلب العالمي. ولكن قد صرح ترامب خلال لقائه الأخير بأنه تم التخلي عن تصنيف الصين كدولة متلاعبة في قيمة العملة.
وفي حين أن توجهات وسياسات ترامب قد تشكل عبئاً على الدولار في الكثير من الأحيان، إلا أن تنفيذ خطط التحفيز المالي التي تعهد بها قد تساهم في المزيد من ارتفاعات الدولار. وهنا سوف تعلب هذه الارتفاعات دوراً إيجابياً، فمع تنفيذ خطط الإصلاح الضريبي سوف يكون الاقتصاد بحاجة إلى قيمة مرتفعة للعملة لمواجهة الضغوط التضخمية المحتملة.
في النهاية، حتى وإن نجح ترامب في دفع بعض المستثمرين إلى التخلي عن الدولار لفترة من الوقت لكن هذا من المفترض ألا يدوم طويلاً حيث أن الأسس الاقتصادية في الوقت الراهن أصبحت قادرة على الاحتفاظ بثقة الأسواق.