أكد الدكتور احمد جلال، خبير الاقتصاد الدولى، رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، ان تراجع التصنيف الائتمانى لمصر لم يكن السبب الرئيسى فى تراجع صندوق النقد الدولى عن اقراض مصر الـــ3.2 مليار دولار، لافتًا الى ان الاسباب الحقيقية تتمثل فى سيادة حالة من القلق والترقب، بسبب قصر مدة تولى الحكومة الحالية التى من المفترض ان توقع على القرض والالتزام بشروطه، كذلك التشكك فى اتجاهات البرلمان القادم نحو اموال المؤسسات الدولية بوجه عام، الى جانب تدهور الوضع الاقتصادى مقارنة بالفترة التى طلبت فيها مصر الاقتراض سابقا.
واشار الى ان مصر مشاكلها تفاقمت وحدثت اشياء أضرت برؤية الصندوق الخاصة بـ"الاجل القصير" ابرزها اعلان الحكومة عن تشغيل افراد فى الهيئات الحكومية فى اعقاب الثورة و تحميل الدولة اعباء فى وقت الازمة كذلك رفض الاموال التى عرضت على مصر من الصندوق رغم انه كان الوقت المناسب للاقتراض لافتا الى انه متفهم اسباب المجلس العسكرى فى عدم رغبته فى زيادة الديون الخارجية وتحميلها للاجيال القادمة، لكن كان يجب مراعاة احتمالات طول الفترة الانتقالية وهو ما حدث بالفعل.
و قال ان البرنامج الذى طرح على مصر يعد نقطة تحول فى توجه الصندوق لانه طرح حزمة توسعية فى ظل الانكماش الاقتصادى الذى تعانى منة مصر لافتا الى انه راعى بشدة الجوانب الاجتماعية لكنه تطرق الى دعم الطاقة وهو مطلب داخلى ايضا استهدفته الدولة لكنها تتردد فى تنفيذه، لافتا الى ان الصندوق وجه اليه العديد من الانتقادات لانه كان يشترط على دول تعانى مشاكل مالية اتباع سياسات انكماشية.
وكشف "جلال" ان الشروط التى وضعها البنك الدولى لاقراض مصر لم تكن مناسبة ولم يكن من الممكن قبولها لانها تتعلق بالحوكمة والافصاح عن المعلومات وفى ظل الاوضاع السياسية الحالية وعدم انتظام سير العمل بشكل جيد داخل مؤسسات الدولة وتغير القيادات تبدو هذه المطالب صعبة التطبيق.
و قال "جلال" ان الاقتراض من المؤسسات الدولية له ميزة تتمثل فى كونه يساعد البلد المقترض على عمل اطار لادارة الاقتصاد الكلى، اما العيب فيتمثل فى الشروط المقترنة بالقرض، لافتا الى ان الدول الاكثر ذكاء هى التى تضع قائمة بالشروط التى يمكنها تنفيذها وترتبط بخططتها للاصلاح الاقتصادى ام الدول الاقل ذكاء فهى التى تطلب قروضا وتنتظر الشروط التى تفرض عليها.
واوضح ان هناك فرقا بين الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدولى، فالصندوق يهدف الى دعم الدول ماليا للخروج من الأزمات واعادتها الى التوازن فى الأجل القصير أما البنك الدولى فيمول المشروعات طويلة الأجل المتمثلة فى مشروعات البنية الاساسية والتعليم والصحة.
واشار خلال حوار اجراه امس على احدى القنوات الفضائية الى ان ما يقال من كلام حول ان مصر على شفى الافلاس، ليس له اساس من الصحة، مؤكدا ان الاقتصاد يعانى من مشاكل هيكلية يمكن حلها اذا تمت ادارتها بشكل جيد خلال المرحلة الانتقالية، مشيرا الى ان مصر لا تزال تحقق نموا بمعدل 1% فى حين شهدت دول عديدة نموًا سالبًا فى ظروف اقل وطأة من التى تمر بها مصر، كما تدور معدلات البطالة حاليا حول 12% فى حين وصلت فى دول اخرى الى 30%، لذلك فان ما تمر به مصر من ازمات يمكن السيطرة عليه.