صورة أرشيفية
تستعد حكومة المملكة المتحدة، لإطلاق حملة إعلانية على نطاق واسع لمحاولة قلب الرأي العام العالمي ضد تقنية التشفير من طرف إلى طرف، والذي تستخدمه خدمات المراسلة الشائعة من بينها واتسابWhatsApp المملوك لشركة "ميتا"، وiMessage التابع لشركة آبل.
ووفقا لتقرير صحيفة"express" البريطانية، فإن حملة المملكة المتحدة التي وصفها النقاد بـ "إثارة الذعر"، تركز على حقيقة أن التشفير من طرف إلى طرف يمكن أن يعيق جهود إنفاذ القانون لوقف الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت في العالم، في الوقت الذي أظهر فيه هذا النوع من الجرائم أرقاما مرتفعة للغاية خلال العامين الماضيين.
وسوف تشجع الحملة البريطانية الآباء على كتابة حالات على موقع فيسبوك تخاطب مارك زوكربيرج، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمنصة التواصل الاجتماعى، يوضحون بها مخاوفهم بشأن تقنية التشفير، حيث تستعد شركة ميتاMeta، لطرح تقنية التشفير التام على رسائل تطبيقي ماسنجر وإنستجرام بحلول نهاية عام 2023.
ويعد قانون السلامة على الإنترنت، هو محور حملة العلاقات العامة الأخيرة من حكومة بوريس جونسون، هو أحدث محاولة من قبل المحافظين للقضاء على تقنية التشفير من طرف لطرف، والتي سيتم تطبيقها بشكل افتراضي بالنظام الأساسي لتطبيقي ماسنجر و إنستجرام بحلول العام المقبل، وبمجرد طرحها لن يتمكن أى طرف ثالث غير طرفي المحادثة ولا حتى شركة فيسبوك نفسها رؤية محتوى الدردشة.
ويعني التشفير من طرف إلى طرف أن كل ما ترسله في محادثة يتم تشفيره على جهازك قبل إرساله، ويمتلك المستلم المقصود فقط الرمز المطلوب لفك رموز الرسائل النصية أو الملف الصوتي أو الفيديو أو المستند أو أي شيء تم إرساله.
ومن خلال تشفير البيانات قبل إرسالها، يمكن لمستخدمي الدردشة التأكد من أن محتوى الدردشة محمى بشكل تام حتى إذا تم اعتراض البيانات من قبل مزود خدمة الإنترنت أو وكالة حكومية أو أي شركة تكنولوجيا مقدمة للخدمة، فإن المعلومات لن تكون مرئية لغير طرفي المحادثة.
وكما هو الحال، يقوم ماسنجر فقط بتبديل التشفير من طرف إلى طرف عند استخدام وضع "المحادثات السرية" الاختياري، والذي لا يتوفر إلا بين طرفي المحادثة عبر تطبيق الهاتف المحمول، فهي خاصية غير متاحة لموقع الويب في الوقت الحالي.
ومع ذلك، تأمل حكومة المملكة المتحدة في جذب انظار الرأي العام إلى حملتها قبل إجراء تعديلات جديدة على قانون الأمان عبر الإنترنت، والذي سيمكن الوزراء من إجبار شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات على تثبيت ما يسمى بالأبواب الخلفية في التشفير من طرف إلى طرف في تطبيقات المراسلة الشهيرة.
وستمنح تلك الأبواب الخلفية وكالات إنفاذ القانون منفذا سريا، للتحقق من محتوى المحادثات عبر الإنترنت ومكالمات الفيديو بخدمات المراسلة الشهيرة التي تدعم تقنية التشفير، بنفس الطريقة التي تراقب بها وكالة الاستخبارات الامنية البريطانيةGCHQ مكالمات الخطوط الأرضية في المملكة المتحدة، من خلال البحث عن بعض الكلمات الطنانة التي تحدد المكالمة ليتم فحصها من قبل عملائها.
وقد ابتكرت وكالة الإعلانات المشهورة عالمياM&C Saatchi، حملة ستشمل عددا من العناصر المصممة لجعل الجمهور يشعر "بعدم الارتياح" تجاه تقنية التشفير، منها عروضا تضم ممثلين بالغين وأطفالا موجودين معا داخل صندوق زجاجي، حيث ينظر الممثل البالغ "عن قصد" إلى الطفل بينما تتلاشى الألواح الزجاجية ببطء وتتحول إلى اللون الأسود، كتوضيحا بصريا لخطورة تقنية التشفير من طرف إلى طرف، والتي ستمنع الأشخاص من القدرة على رؤية ما يحدث لأطفالهم عبر الإنترنت.
وتحذر حكومة المملكة المتحدة من بدء "مناقشة الخصوصية مقابل الأمان"، لذلك شاركت مخاوفها مع مجموعةM&C Saatchi وهي شبكة اتصالات دولية مقرها في لندن، لنشر مخاوفها بشأن تأثير تقنية التشفير من طرف إلى طرف على سلامة الأطفال.
ظل الجدل حول التشفير من طرف إلى طرف محتدما منذ عام 2016، عندما طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي من شركة آبل إنشاء باب خلفي في نظام تشغيل أجهزة آيفون(iOS)، من أجل الوصول إلى معلومات على هاتف أحد العناصر مجموعة ارهابية تسببت في قتل 14 شخصا، وجرح 22 آخرين في ولاية كاليفورنيا في ديسمبر 2015، آنذاك رفضت شركة آبل تنفيذ هذا الطلب.
وفي ذلك الوقت، أثار رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون، الجدل ضد التشفير من طرف إلى طرف، محذرا بأن دولته لن تسمح باستخدام وسائل اتصال بين الناس لا يمكن قراءتها، وأن الحكومة ستحرص على سن تشريعا شاملا ضد هذه التقنيات التي تمنح مساحات تواصل آمنة للإرهابيين.