فى الوقت الذى تزداد فيه مطالب الحكومة المصرية من السيولة المصرفية، لمواجهة العجز المزمن فى الموازنة المصرية والذى يتوقع أن يصل إلى 142 مليار جنيه بنهاية العام المالى 2011 -2012، تسارع البنوك العربية التى تعمل فى مصر بموجب قانون الشركات المساهمة المصرية (بنوك خاصة ومشتركة مع مصر) فى الحصول على جزء من كعكة أدوات الدين الحكومية المصرية لاسيما بعد ارتفاع الفائدة على هذه الأدوات بشكل كبير فى الفترة الأخيرة.
ويؤكد البنك "المركزى" فى أحدث تقاريره أن البنوك الخاصة والمشتركة فى مصر والتى تشمل نحو 9 مصارف عربية قد رفعت من توظيفاتها فى أذون الخزانة قصيرة الأجل لتصل إلى 112.9 مليار جنيه فى نهاية نوفمبر 2011 مقارنة بنحو 74.9 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر 2010 ، وقد تخطت توظيفات هذه المصارف ما تضخه البنوك العامة المصرية للحكومة بموجب أدوات الدين والتى بلغت نحو 89.7 مليار جنيه مصرى فى نهاية نوفمبر.
ويؤكد الخبير المصرفى احمد سليم أن البنوك العربية التى تعمل فى مصر رفعت فى الفترة الأخيرة من توظيفاتها فى أدوات الدين الحكومية المصرية من منطلق حرصها على تعزيز حجم نشاطها فى الوقت الذى تتضاءل فيه فرص التمويل الأخرى نظراً لارتفاع مخاطر السوق، وقد دفع هذه المصارف لرفع أرصدة توظيفاتها أيضاً ارتفاع سعر الفائدة عليها ، حيث لامست التكلفة التى تتحملها الحكومة المصرية الـ 16% على أذون الخزانة التى تطرحها لأجل عام واحد .
وقال سليم : "من أهم البنوك الخاصة التى لديها توظيفات عالية فى أدوات الدين الحكومية البنك "العربى الأفريقى الدولى" وهو البنك المملوك مناصفة بين البنك "المركزى المصرى" و"هيئة الاستثمار الكويتية" وقد صنفته وزارة المالية المصرية فى المركز السادس بين أكثر البنوك استثماراً فى أدوات الدين الحكومية ".
ورغم التخفيضات المتتالية لتصنيف الديون الحكومية المصرية وذلك من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية وعلى رأسها "ستاندرد آند بورز " و"موديز" وكذا تخفيض تصنيف ايداعات المصارف العاملة بمصر التى تستثمر قيمة كبيرة فى أدوات الدين الحكومية فإن هشام عز العرب رئيس البنك "التجارى الدولى – مصر" يؤكد أن تخفيض مؤسسات التصنيف الدولية لن يؤثر على البنوك العاملة بمصر ، واصفاً هذه التصنيفات بغير الدقيقة، حيث يرى أن الجدارة الائتمانية للحكومة المصرية مازالت مرتفعة رغم ما تعانيه من مشكلات فى الفترة الأخيرة.
ويدخل ضمن البنوك العربية فى مصر أو تلك التى بها حصة كبيرة من رؤوس الأموال العربية، والتى تعمل كشركات مساهمة مصرية وليست فروع لمصارف خارجية بنوك "فيصل الاسلامى" و"عودة" و"الأهلى المتحد" و"البركة – مصر" و"العربى الافريقى الدولى" و"الوطنى المصرى" المملوك للبنك "الوطنى الكويتى" و"الوطنى للتنمية" المملوك لأبوظبى الوطنى وبنك "الاتحاد الوطنى" الاماراتى والبنك "المصرى الخليجى" .
واستطاعت البنوك العربية فى مصر أن تدخل مضمار المنافسة على التوظيف فى أدوات الدين الحكومية، إلا أن ثمّة مشكلة تواجه المصارف الاسلامية بالسوق والتى هى فى الغالب مصارف عربية مثل بنك "فيصل" و"الوطنى للتنمية"، وتتمثل هذه المشكلة فى عدم قدرة هذه المصارف على الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية العادية باعتبارها تتعامل بالفائدة العادية التى لا تقبلها المصارف الاسلامية ومن ثم ارتفعت مطالبات من جانب عدد من المصرفيين بالبنوك الاسلامية وعلى رأسهم نيفين لطفى العضو المنتدب للبنك "الوطنى للتنمية" بأن يتم اصدار صكوك تتوافق مع عمل المصارف الاسلامية حتى تستطيع توظيف جزء من سيولتها فى هذه الأدوات ، وهو الأمر الذى أرجأه البنك "المركزى" والحكومة المصرية لحين استقرار الوضع فى البلاد.