نشرت الإذاعة الألمانية "DW" تقريرًا جاء به إن المؤشرات تدل على أن زوجات معظم الحكام العرب كانت لهن ولو من خلف الكواليس يد في أزمات بلدانهن، بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى أن بعض أسباب الثورات العربية كانت فساد حاشية الحاكم.
أسماء الأسد: "ماري إنطوانيت" سوريا؟
تناقل مؤخراً العديد من الصحف والمواقع الإليكترونية رسالة يقال إنها مرسلة عبر مسئول في مكتب زوجة الرئيس السوري إلى صحيفة التايمز البريطاني،وتعبر الرسالة عن تضامن أسماء الأسد مع زوجها ووقوفها إلى جانبه.
وجاء في الرسالة "الرئيس هو رئيس سوريا وليس لفريق من السوريين والسيدة الأولى تدعمه في هذا الدور". كما ظهرت أسماء الشهر الماضي مع اثنين من اولادها لدعم زوجها خلال مظاهرة مؤيدة للنظام السوري، ولكن من دون إلقاء أية كلمة، وكتب ناشط على موقع تويتر ساخرا "ماما والاطفال جاءوا ليصفقوا لبابا الطاغية".
وطالب مدون آخر بسحب الجنسية البريطانية من أسماء الأسد التي ولدت وتلقت دروسها في لندن، ومن أفراد عائلتها "المتواطئين في ارتكاب جرائم حرب"، وكان صمت السيدة الأولى عن القمع الدامي للمحتجين المستمر منذ 10 أشهر أثار استياء المعارضين الذين وصفها احدهم على موقع تويتر بأنها "ماري انطوانيت العصر الحديث".
وبدأت النظرة تتغير تجاه السيدة الأولى في سوريا، فبعد أن كان لها حضور إيجابي في الإعلام الغربي، الذي كان يمدح أناقتها وشكلها المتحرر، بدأ الحديث مؤخرا عن أسماء الأسد "كفاعل سياسي" غير مباشر في الأزمة السورية.
وفي سوريا، كانت أسماء الأسد تمثل للكثيرين أملاً واعداً بالحداثة في بلد عانى طويلا من العزلة الدولية، وقد نسب الى هذه السيدة التي عملت في مصارف دولية في لندن دور كبير في تحرير الاقتصاد السوري من النظام الموجه، لكن هذه الصورة التي كانت سائدة عنها وعن زوجها "تحطمت تماما" بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا.
ليلى الطرابلسي أو "السيدة 20%"!
عند انطلاقة الشرارة الأولى للثورة التونسية كانت مجموعة من الشعارات موجهة ضد زوجة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
فالتونسيون كانوا يتهمون زوجة الرئيس ليلى الطرابلسي، بأن لها يد في الفساد المستشري في البلاد، وبأنها ذات نفوذ كبير ومن ثم تتحمل مسئولية كبيرة في وصول الأوضاع إلى ما وصلت إليه في بلادهم.
وكانت الصحف الفرنسية تطلق على ليلى الطرابلسي "السيدة 20%"، وذلك بسبب إصرارها الدائم على الحصول على نسبة 20% من المشاريع التي تحتضنها تونس، حسب تلك الصحف.
وقد تمكنت ليلى الطرابلسي من جمع ثروة هائلة وكذا كميات كبيرة من الذهب، يشاع أنها نجحت في تهريبها إلى الخارج، كما سعت إلى تقريب أفراد عائلتها من مراكز القرار وجعلت منهم لوبياً تستخدمه حتى أحيانا ضد زوجها، وطبقا للعديد من المصادر فإن الرئيس السابق حمل زوجته مسئولية ما آل إليه وضعه.
صفية القذافي وابنتها عائشة: الجمع بين المال والسياسة
بالرغم من حضورها النادر في وسائل الإعلام إلا أن صفية القذافي لم تكن أيضا سيدة عادية وأول المؤشرات التي تؤكد ذلك هو ثروتها التي تفوق ثروة ليلى الطرابلسي بكثير، حيث يقدر رصيدها بحوالي 30 مليار دولار زيادة على مخزون من الذهب والمجوهرات الثمينة، وفق بعض المصادر.
وكان لابنتها عائشة دور بارز في الساحة السياسية الليبية والدولية، إذ شغلت منصب سفيرة للنوايا الحسنة لصالح برنامج الأمم المتحدة في ليبيا في مجال مكافحة أمرض السيدات، كما اشتهرت عائشة كذلك بخطاباتها المتلفزة من باب العزيزية في عز الثورة الليبية، وبدفاعها المستميت عن أبيها ونظام حكمه.
وكان من أشهر ما قالته الحسناء الشابة وحيدة أبيها أن "من لايريد القذافي لايستحق الحياة". وفرت عائشة القذافي ووالدتها صفية وأخواها هانيبال ومحمد وآخرون من أفراد الاسرة من ليبيا تقريبا وقت سقوط العاصمة طرابلس في ايدي معارضي القذافي في اغسطس، وهم يعيشون منذ ذلك الحين في الجزائر.
"ماما سوزان" ـ حب المال والسلطة
نشر وكيليكس برقيات سرية بعثها سفير الولايات المتحدة الأمريكية إلى المسئولين في بلده، تكشف عن أن زوجة الرئيس المصري السابق حسني مبارك كانت متحمسة كثيرا لفكرة توريث الحكم لابنها جمال رغمًا عن إرادة الشعب المصري.
وعلى الرغم من نشاطاتها الخيرية المتعددة، إلا أن سوزان مبارك كانت تخفي وراء وجهها الإنساني وجها آخر متعطشاً للسلطة ومتعطشاً لجمع المال.
وصدر قرار بسجن "ماما سوزان" كما كانت وسائل الاعلام المصرية تطلق عليها، على ذمة التحقيق، لكنها سلمت 3 ملايين دولار وفيلا خاصة، لكي يتم إعفاؤها من ذلك القرار.
وهناك اتهامات لسوزان مبارك بأنها مازالت تحاول التأثير في الساحة السياسية لمصر من خلال تحريك شبكة علاقاتها وذلك بهدف خلق الفوضى في البلد وإضعاف خصوم زوجها الذي يحاكم مع نجليه علاء وجمال بتهم عدة.
"ظاهرة عربية قديمة"
في مقابلة مع دي دبيلو عربيةDW- Arabia يقول رياض الصيداوي، مدير مركز الوطن العربي للأبحاث في جنيف أن العلاقة بين "ظاهرة الديكتاتورية ودور المرأة ليست جديدة، فألف ليلة وليلة خلدت ذلك، وزوجة هارون الرشيد زبيدة كان لها نفوذ سياسي، فالمرأة موجودة دوما في قلب الممارسة السياسية". ويضيف الصيداوي أن "شجرة الضر في عصر المماليك، تمكنت من أن تحكم مصر وخضع لها قادة المماليك". ويتابع حسب الصيداوي بالقول إن المرأة لديها أيضا سلطة خاصة وطموح سياسي.
وبالإضافة إلى طموحهن السياسي فإن الجمع بين المال والنفوذ يعود ـ في نظر الصيداوي ـ إلى الممارسات غير الديمقراطية، فكون" زوجات الديكتاتوريين ليست لديهن مناصب ومسئوليات معينة، فإنهن يبحثن لهن عن أدوار سياسية"، ولو من خلف الكواليس.