تأمل الولايات المتحدة في التوصل إلى حل سريع لنزاعها مع مصر حول جمعيات مؤيدة للديمقراطية تعرضت للمساءلة القانونية، مما أدخل الدولتين في مسار خطير زاد من الضغوط على شراكة أمنية حيوية بالنسبة لواشنطن.
وكانت الولايات المتحدة تأمل ان تحسم هذا الشهر النزاع حول مداهمة السلطات المصرية لجمعيات تمولها أمريكا ومنعها سفر عدد من المواطنين الامريكيين، من خلال التوصل الى اتفاق لحفظ ماء الوجه يسمح بالافراج عن الامريكيين، ويعيد العلاقات بين واشنطن والقاهرة الى مسارها.
وبعد أن بدأت في مصر يوم الاحد محاكمة عشرات النشطاء المؤيدين للديمقراطية بينهم 19 أمريكيا، أجلت المحكمة نظر القضية الى جلسة 26 ابريل، مما فتح فصلا جديدا في النزاع قد يترك الباب مفتوحا أمام التوصل الى حل، وقد يزيد أيضا من مخاطر حدوث أضرار سياسية دائمة بالنسبة للبلدين.
و بحسب ما نشرت وكالة رويترز، قالت فكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية يوم الاثنين "نواصل العمل بجد في مسعى لحسم هذا في أقرب وقت ممكن، نحن قلقون لان الامر لم يحسم بعد."
ولتوضيح هذا الموقف الامريكي، استدعى جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الامريكية السفير المصري في واشنطن الى مقر الخارجية الامريكية في أحدث الاجتماعات الرفيعة المستوى بين الجانبين وكان من بينها اجتماعان عقدتهما الاسبوع الماضي هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو، وأوضح المسؤولون الامريكيون تماما ان هذه القضية تهدد المساعدات العسكرية الامريكية السنوية لمصر وقيمتها 1.3 مليار دولار.
واتهم 43 من العاملين الاجانب والمصريين في جمعيات أهلية، بتلقي أموال من الخارج دون موافقة حكومية والقيام بأنشطة سياسية غير متصلة بعملهم في المجتمع المدني، وعدم حصولهم على تصريحات العمل اللازمة.
وفي حالة اطالة أمد هذه القضية، فقد تحدث ضررا طويل المدى على علاقة الولايات المتحدة مع مصر التي لعبت دورا محوريا في تحالفات واشنطن في العالم العربي، الى جانب الدور الذي يلعبه الاردن وهما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما معاهدة سلام مع اسرائيل، كما ان التوقيت الدبلوماسي صعب أيضا، حيث يتحدث محامو الادعاء عن اتهامات بالتجسس .
وتستعد مصر لاجراء انتخابات رئاسية قبل انتهاء يونيو، والكونجرس الامريكي يثير تساؤلات حول استمرار المساعدات لمصر، ويرى كثير من المحللين ان القضية قد تحيد تماما عن المسار اذا لم تحسم خلال الاسابيع القليلة القادمة .
وقال روبرت ستالفوت المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى "فرص حدوث صدع بين الولايات المتحدة ومصر حول المساعدات زادت، ما يبدو واضحا الان ان هذه القضية ستستمر ويمكن فعلا ان تصل الى ذروتها في خضم انتخابات الرئاسة في مصر، وفكرة التوصل الى حل سلس يحفظ ماء الوجه تتراجع فيما يبدو."
ويرى مؤيدو المنظمات غير الحكومية وبعض المحللين السياسيين، ان قرار المحكمة تأجيل القضية مشجع لانها كان من الممكن ان تتخذ أجراء أشد وتأمر رسميا باعتقال المتهمين، ويقولون ان هذا الاجل الطويل، يمكن أيضا أن يسهم في اتاحة الوقت لحل دبلوماسي.
وشملت القضية جمعيات لها صلات سياسية رفيعة بالولايات المتحدة، حيث أكدت تلك الجمعيات انها سعت طويلا للتسجيل في مصر، ووصفت الحملة التي تعرضت لها بانها تجيء في اطار حملة قمعية ضد نشطاء المجتمع المدني، شنها المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر بعد الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي.
ومن بين هذه الجمعيات المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي ولهما صلات فضفاضة بالحزبين الامريكيين، ومن بين المتهمين سام لحود ابن وزير النقل الامريكي، ومدير المعهد الجمهوري الدولي في مصر.